الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البائس الفقير لا يتم إلا إذا حملها الإنسان، أو إذا شاهد من يأخذها. والثاني: لما فيه من إضاعة المال. وهذا الذي يفعله كثير من الناس هو الذي أوجب الإشكال والخوض والكلام الكثير في لحوم الهدي
الذي يكون في منى، ولو أن الناس سلكوا ما وجههم الله إليه من الآكل والإطعام ما حصل هذا الأمر وأشكل على الناس، فعلى كل حال تركها هكذا بدون أن ينتفع بها أحد إما مكروه أو محرم.
والأقرب عندي أنه: محرم؛ لأنه في الحقيقة مخالفة لأمر الله تبارك وتعالى بالأكل منها، والإهداء، وإطعام البائس الفقير وإضاعة المال.
ولو قال قائل: إذا لم يجد أحدًا أو لم يستطع أن يحملها فكيف يعمل؟ فالجواب: إذا لم يستطع فمن المعلوم أن الواجبات تسقط بعدم القدرة، ولكن يجب أن يحاول، فإذا لم يستطع مثل ألا يكون به قدرة على مزاحمة الناس وحملها، فإنه يحمل ما يستطيع منها ويدع ما لا يستطيع، لقوله سبحانه وتعالى:(لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)(1) .
س110: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله: يكون عمل بعض الناس في توزيع الأضاحي حسب المجاملات والمحاباة وإعطاء
(1) سورة البقرة الآية: 286.
من يعطيني، فما نصيحتكم؟ وهل يجمع لحم الأضاحي ثم يوزع على الفقراء ولو تأخر عن يوم العيد؟
فأجاب بقوله:
أما الشق الأول من السؤال وهي: أن لحوم الأضاحي صارت يحابى فيها ويجامل، وأعطني وأعطيك فلا شك أن هذا خلاف المشروع، هذا اللحم لحم تعبد بذبح البهيمة لله عز وجل، فينبغي أن
يكون على مراد الله يأكل الإنسان ما شاء، ويهدي ما شاء، ويتصدق بما شاء، واختار بعض العلماء أن يكون أثلاثا: يأكل ثلثًا، ويهدي ثلثا، ويتصدق بثلث (1) ، حتى ينفع نفسه بما يأكل، وينفع الفقراء بما يتصدق عليهم، ويجلب المودة بينه وبين الناس فيما أهداه إليهم هذا هو الأفضل، ومع ذلك ليس بلازم أن يكون التوزيع هكذا ثلثًا وثلثًا، وثلثًا، بل لو أكل النصف، وأهدى الباقي، أو أهدى وتصدق بالباقي فلا بأس، أو أكل النصف وتصدق بالباقي فلا بأس، إنما اختار أكثر العلماء أن يجعلها أثلاثًا.
أمما الشق الثماني وهو: أن تجمع لحوم الصدقة من الأضاحي ثم تعطي الفقراء على حسب حاجتهم فهذا لا بأس به، المهم أن تذبح في وقت الذبح أما أكل اللحم وتوزيعه فلا حد له.
(1) انظر المغني لابن قدامة رحمه الله (13/379) .