الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأجاب بقوله: لابدَّ من الدعوة إلى الله- عز وجل سواء اصطلح هؤلاء، أم لم يصطلحوا، وأما القتالُ فلا يجوز ولا يَحِلُّ إلا دفاعًا عن النفس فقط.
* السؤال الخامس: ما حُكم الذين يدفعون الأموال لهؤلاء مع علمهم وإخبارهم بحال هؤلاء وتبليغهم بتعذيب الدعاة والعلماء وقادة المجاهدين وأفراد المجتمع، بل وحضور المعذَّبين إليهم
وإعطائهم رسائل التهديد المكتوية بأيدي هؤلاء القادة؟
فأجاب بقوله:. إعانة هؤلاء على ظُلمِهم من باب التعاون على الإثم والعدوان، وقد قال الله- عز وجل في كتابه:(وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)(1) . فمن أعانهم بقوله أو فعله أو ماله، فهو شريكٌ لهم في الإثم.
س 30: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله: ما حكم من يذهب ليجاهد في أفغانستان بغير رضا والديه، حيث إن والدته متأثرة بدنيًّا ونفسيًّا. نرجو إسداء النصح له وجزاكم الله خيرًا
؟
فأجاب بقوله: حُكم ذهاب هذا- مع تأثُّر والدته- إلى الجهاد في
(1) سورة المائدة، الآية:2.
أفغانستان، أنَّه آثمٌ في ذلك جاهلٌ بحكم الله ورسوله؛ لأنَّ بِرَّ الوالدين مُقدَّم على الجهاد في سبيل الله، ففي "الصحيحين " عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه قال: سألت النبيَّ صلى الله عليه وسلم: أيُّ العمل أحبُّ إلى الله؟ قال: " الصَّلاةُ على وَقْتها " قلت: ثمَّ أيٌّ؟ قال: " بِرُّ
الوالدينِ " قلت: ثمَّ أيٌّ؟ قال: "الجهادُ في سَبيلِ الله " (1) .
وفي "الصحيحين " عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد فقال: "أحيٌّ والِداكَ؟ " قال: نعم، قال:"ففيهما فجاهِدْ "(2)، وفي رواية لمسلم قال: أَقبَلَ رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أُبايعُكَ على الهجرة والجهاد أَبتَغي الأجرَ من الله، قال:"فهل من والِدَيكَ أحَدٌ حيٌّ؟ " قال: نعم، بل كِلاهُما حي، قال:"فتَبْتَغي الأَجرَ من الله؟ " قال: نعم، قال:"فارجعْ إلى والدَيكَ فأحسِنْ صُحبَتَهُما "(3) ، وعن أبي سعيد الخُدْري- رضي الله عنه أنَّ
(1) رواه البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل الصلاة لوقتها، برقم (527) ، وفي كتاب الجهاد، باب فضل الجهاد والسير، برقم (2782) ، ومسلم، كتاب الأيمان، باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال برقم (85) .
(2)
رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب الجهاد بإذن الأبوين، برقم (3004) ، ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب بر الوالدين وأنهما أحق به، برقم (2549) .
(3)
رواه مسلم، كتاب البر والصلة، باب بر الوالدين وأنهما أحق به، برقم (2549) .
رجلاً من أهل اليمن هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "هل لك أحدٌ باليمنِ؟ " فقال: أبوايَ، فقال:"أَذِنَا لَكَ؟ " قال: لا، قال:"فارجعْ إليهما فاستأذِنْهُما، فإن أَذِنَا لك فجَاهِدْ وإلا فبرَّهُما "(1) .
ولا رَيْبَ أن من العقوق أن يدعَ الرجل أمَّه تموت بغَمِّها أو تمرض، أو يلحقها الوَسْواس المضرُّ ببدنها وتفكيرها ويؤثر على عباداتها، فتبقى كأنها في زجاجة لا يَقَرُّ لها قرار ولا يهدأ لها بال،
يَدَعُها في هذه الحال أو فيما دونها ثم يذهب ليجاهد.
والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يبلغ أمَّته أن برَّ الوالدين مقدَّمٌ على الجهاد في سبيل الله بدون تفصيل، وقد دلَّ الكتاب والسنَّة وإجماع المسلمين على أن برَّ الوالدين واجبٌ وجوب عين، وأن عقوقهما محُرَّم.
وأما الجهاد فإنما يجب في صور معيَّنة لا تنطبق على كلِّ جهاد. ثم إن الجهاد لا يمكن أن يجب وجوبَ عين على كل واحد، كوجوب الصلاة والزكاة والبر، لقول الله تعالى:(وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)(2) وأما برُّ الوالدين فواجب على كل مولود أن يَبَرَّ والديه.
(1) رواه أبو داود، كتاب الجهاد، باب الرجل يغزو وأبواه كارهان، برقم (2530) .
(2)
سورة التوبة، الآية:122.