الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الموضع الثالث: إذا استنفره الإمام؛ يجب عليه أن يخرج. فمثلاً: يقول الإمام لأهل البلد: هيا اخرجوا للجهاد، فيجب أن يخرجوا؛ لأن معصية ولاة الأمور محرَّمة، ولما وجه الخطاب لهؤلاء وجب
عليهم أن يقوموا بذلك.
الموضع الرابع: إذا احتيج إليه بأن يكون هذا الرجل يعلم من استعمال هذا النوع من السلاح وغيره ما لا يعمله غيره، فهنا يتعين عليه أن يباشر.
في غير هذه المواضع الأربع لا يكون الجهاد فرض عين، ثم إن الجهاد لابدَّ له من راية إمام، وإلا كانت عصابات. فلابد من إمام يقود الأمة الإسلامية، ولذلك تجد الذين قاموا بالجهاد من غير راية
إمام لا يستقيم لهم حالٌ، بل ربما يُبادُون عن آخرهم، وإذا قُدِّر لهم انتصار صار النزاع بينهم. فعلى كل حال نسأل الله أن يُعيننا على جهاد أنفسنا، فنحن الآن في حاجة إلى جهاد النفس، فالقلوب
مريضة، والجوارح مقصِّرة، والقلوب متنافرة، وهذا يحتاج إلى جهاد قبل كل شيء.
س 17: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله: أرجو أن توضح مدى حاجة المجتمع الإسلامي للجهاد في سبيل الله
.
فأجاب بقوله: هذه الحاجة بيَّنها الله- عز وجل في كتابه فقال: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لله)(1) ، فالناس في حاجة إلى قتال الكفار الآن حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.
ولكن هل يجب القتال أو هل يجوز القتال مع عدم القدرة عليه؟
الجواب: لا يجب، بل ولا يجوز أن نقاتل ونحن غير مستعدين له.
والدليل على هذا: أن الله- عز وجل لم يفرض على نبيه وهو في مكة أن يقاتل المشركين، وأن الله أذن لنبيه في صلح الحديبية أن يعاهد المشركين ذلك الجهد الذي إذا تلاه الإنسان ظن أن فيه خذلانًا
للمسلمين، وكلنا يعرف كيف كانت شروط صلح الحديبية، حتى قال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه: يا رسول الله، ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟! قال:"بلى". قال: فلم نرضي الدَّنِيَّةَ في ديننا؟ فظن هذا خِذلانًا، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم لاشك أنه أفقه من عمر- رضي
الله عنه-، وأن الله تعالى أذن له في ذلك فقال صلى الله عليه وسلم:" إني رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري "(2) .
(1) سورة البقرة، الآية:193.
(2)
انظر: صحيح البخاري كتاب، الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحروب وكتابه الشروط، برقم (2731، 2732) وصحيح ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب صلح الحديبية برقم (1783، 1784، 1785، 1786) .
انظر الثقة الكاملة في هذه الحال الضَّنْكة الحَرِجة، يعلن هذا لهم، يقول:"لست عاصيه وهو ناصري "، سيكون ناصرًا لي، وإن كان ظاهر الصلح أنه خِذلان للمسلمين، وهذا يدلنا على مسألة مهمة،
وهي: قوة ثقة المؤمن بربه، فهذا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، في هذه الحال
الحرجة يقول: "وهو ناصري ".
وفي قصة موسى عليه السلام لما لحقه فرعون وجنوده وكان أمامهم البحر وخلفهم فرعون وجنوده، ماذا قال لأصحابه حين قالوا: إِنَّا لمُدرَكون؟ قال: كَلَاّ، ما يمكن أن نُدرَك، (إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ)(1) . سيهديني لشيء يكون فيه الإنقاذ. وبالفعل حصل الإنقاذ لموسى- عليه السلام وقومه، وحصل هلاك فرعون وقومه.
فالمهم أنه يجب على المسلمين الجهادُ حتى تكون كلمة الله هي العليا، ويكون الدين كله لله، لكن الآن ليس بأيدي المسلمين ما يستطيعون به جهادَ الكفار، حتى ولا جهادَ مدافعةٍ في الواقع.
جهاد المهاجمة لا شك أنه الآن غير ممكن حتى يأتي الله- عز وجل بأُمة واعيةٍ تستعد إيمانيًّا ونفسيًّا ثم عسكريًّا، أما ونحن على هذا الوضع، فلا يمكن أن نجاهد أعداءَنا.
ولذلك انظر إلى إخواننا في جمهورية البوسنة والهرسك ماذا يفعل
(1) سورة الشعراء، الآية:62.