الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على الشخص بعينه أنه شهيد حتى وإن عمل عمل الشهداء؛ لأن الشهادة للشخص بعينه لا تجوز، كما لا تجوز الشهادة للشخص بعينه بالجنة إن كان مؤمناً، أو بالنار إن كان كافرًا، ولكن نقول: إنّ مَنْ مات بحادث أو مات بهدم أو بغرق أو بحرق أو بطاعون، فإنه من الشهداء ولكن لا نَخصُّه بعينه، ومن عقيدة أهل السنة والجماعة أنْ لا نشهد لأحد بعينه بجنة ولا نار إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن نرجو لهذا الرجل أن يكون من الشهداء.
فإن قال قائل: أليس السبب الذي يَستحقُّ أن يوصف به أنه شهيد قد وجد؟
قلنا: بلى، لكنه وجد ظاهرًا ولا ندرى فلعل هذا الرجل الذي مات يكون في قلبه من الموانع التي تمنع أن يلحق بالشهداء مالا نَعلمه نحن.
س 87: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله: هل من مات خارج بلاده يكون شهيدًا؟ وهل يُحاسب؟ وكيف يحاسب في القبر فقد سمعت بأن الشهيد لا يحاسب
؟
فأجاب بقوله: الميت خارج بلده ليسَ بشهيد؛ لأن القول بأن موت الغريب شهادة ليس له مستند من الشرع. والشهيد هو الذي
يقتل في سبيل الله وهو الذي يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، وهذه نية- أعنى كونه يريد بقتاله أن تكون كلمةُ الله هي العليا- نيَّةٌ محلُّها القلب، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:"والذي نَفسي بيدهِ، لا يُكْلَمُ أحدٌ في سبيل الله- والله أعلم بمن يُكْلَمُ في سبيله- إلا جاء يوم القيامة واللون لون الدَّمِ والريح ريحُ المسك "(1) فأشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "والله أعلم بمن
يكلم في سبيله ". إلى أن الشهادة لا تُنال إلا بِنَّية صادقة، والنيةُ الصادقة هي ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سُئل عن الرجل يقاتل حَمِيِّةً، ويقاتل شجاعة، ويقاتل ليُرَى مكانه أيّ ذلك في سبيل الله؟ فقال: "من قاتل لتكون كلمةُ الله هي العُلْيا فهو في سبيل الله " (2) .
وعليه فإنه لا يجوز الجزمْ بأن من قُتِل في الجهاد يكون شهيدًا بعينه؛ لأن هذا أمر يحتاج إلى توقيف، وأما على سبيل العموم بحيث يقال: من قُتِل في سبيل الله فهو شهيد. فهذا جائز.
وقد روي عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه بسند حسن أنه
(1) رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب فضل من يجرح في سبيل الله، برقم (2803) ، ومسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله، برقم (1876) .
(2)
رواه البخاري، كتاب العلم، باب من سأل وهو قائم عالمًا جالسًا، برقم (123) ، وفي كتاب الجهاد والسير، باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، برقم (2810) ، ومسلم، كتاب الإمارة، باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله، برقم (1904) .