الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الخطأ أن نعبِّر فنقول: الفكر الإسلامي، مثلاً، ولكن نقول: المفكر الإسلامي، لا بأس، فنجعل ذلك وصفًا للرجل المسلم، أما أن نجعل الفكر نفسه هو الإسلام فهذا خطأ.
السبب الثاني: أن كلمة " رأي الشرع ". معناها: أن هذا الموجَّه إليه هذا السؤال إذا تكلم وأجاب فإنما يجيب بالشرع، ولا شك أن هذا على خطر عظيم؛ لأن الإنسان قد يخطئ في حكمه، فإذا أخطأ في حكمه ونحن ننسب ما يقول إلى الشرع فمقتضاه أننا نخطِّئ الشرع.
لذلك أرجو أن يكون التعبير: ما حكم الشرع في نظركم مثلاً، أو ما ترى في كذا وكذا؟ حتى إذا أخطأ الإنسان كان خطؤه على نفسه، ليس على الشرع.
أما الجواب على صُلْب السؤال: فالذي أرى في المسألة ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله أنه إذا كان في هذا مصلحةٌ كبيرة للمسلمين، فإن ذلك لا باس به، كما لو كان فيه نصر للإسلام،
أما إذا كان هذا الانتحار يؤدِّي إلى قتل رجل أو رجلين أو عشرة من الأعداء، فإنِّه لا يجوز.
س 42: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله: العمليات الانتحارية أفتى بعض العلماء بجوازها، فما رأي فضيلتكم
؟
فأجاب بقوله: نرى أن العمليات الانتحارية التي يتيقن الإنسان أنه يموت فيها حرامٌ، بل هي من كبائر الذنوب؛ لأن النَّبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأنَّ "من قتل نفسه بشيء في الدنيا عُذِّب به يوم القيامة"(1) ولم يستثنِ شيئًا بل هو عامٌّ؛ ولأنَّ الجهاد في سبيل الله المقصودُ به حماية الإسلام
والمسلمين، وهذا المنتَحر يُدمِّر نفسه وُيفقَد بانتحاره عضو من أعضاء المسلمين، ثمَّ إنَّه يتضمن ضررًا على الآخرين؛ لأنَّ العدو لن يقتصر على قتل واحد، بل يقتل به أُمماً إذا أمكن؛ ولأنه يحصل من التضييق على المسلمين بسبب هذا الانتحار الجزئي الذي قد يقتل عشرة أو عشرين أو ثلاثين، يحصل ضررٌ عظيم، كما هو الواقع الآن بالنسبة للفلسطينيين مع اليهود.
وقولُ من يقول عن هذا: جائز، ليس مبنيًّا على أصل، إنما هو مبني على رأي فاسد في الواقع؛ لأنَّ النتيجة السيئة أضعاف أضعاف ما يحصل بهذا، ولا حجَّة لهم في قصَّة البراء بن مالك- رضي الله عنه في غزوة اليمامة حيث أَمر أصحابه أن يُلْقُوه من وراء الجدار ليفتح لهم الباب (2) ، فإن قصة البراء ليس فيها هلاكٌ محقق ولهذا نجا وفتح
(1) رواه البخاري، كتاب الأدب، باب ما ينهى من السباب واللعن، برقم (6047) . ومسلك، كتاب الإيمان، باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه، برقم (110) .
(2)
رواه البيهقي في سننه الكبرى (9/44) .