الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
س 44: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله: ما رأي سماحتكم في قول من قال عن العمليات الانتحارية ما يلي: لا فرق مؤثر في الحكم بين أن يقتحم المجاهدُ صفَّ الأعداء بسلاحه وهو مقتول
حتمًا لكن بسلاح العدو، وبين أن يقتحم صفَّهم بالمتفجرات فهو مقتول حتمًا، لكن مع الإثخان الشديد في صفوف العدو؟
والخلاصة أنَّ العمليات هذه لا تُعَدُّ انتحارًا، لأن الانتحار هو إهلاك للنفس وهو محرَّم، أما هذه العمليات فهي إهلاك للنفس في سبيل الله وهو المرغَّب به
؟
فأجاب بقوله: أرى أنَّ الأعمال الانتحارية حرام، لقوله تعالى:(وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ)(1) ، وأن المنتحر قاتلٌ نفسَه مُستحِق لأن يعذب في جهنم بما قتل نفسه به كما جاءت به السنَّة، ولا يصحُّ قياس فعله على من انغمس في صفوف الكفار مع غَلَبة الظن أنه سيُقتَل، لأن هذا قد ينجو كما يقع كثيرًا، وأمَّا المنتحر فميتٌ لا محالة، ولأنه إن قُتل فقد قتل بسلاح غيره، والمنتحر قاتل نفسه بسلاحه.
ثم إن الغالب أن الضَّررَ الحاصل بهذه الأعمال الانتحارية أكثر من النفع، فالعدو ينتقمُ بأكثر، ويحصل على تعاطف دولي واسع،
(1) سورة النساء الآية: 29.
والمنتحر يشوِّه سمعة قومه ويُحدِثُ كراهية الشعوب لهم.
لكن ربما يقال بجواز الانتحار فيما ورد بمثله الحديثُ عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد روى مسلم في "صحيحه " قصة الغلام الذي حاول الملك أن يقتله، فبعث به إلى جبل ليُطرَحَ منه، وإلى البحر ليُغرَقَ فيه، فأنجاه الله، وجاء إلى الملك وقال: إنَّك لستَ بقاتلي حتى تفعل ما آمُرُك به،
قال: وما هو؟ قال: تجمعُ الناسَ في صعيد واحد وتصلبني على جذع، ثم خذ سهمًا من كِنانتي وضعه في كَبِدِ القوس، ثم قل: باسمِ الله رب الغلام، ثم ارمني، فإنَّك إذا فعلتَ ذلك قتلتني، ففعل الملك ذلك فقتله، فقال الناس: آمنَّا برب الغلام، آمنَّا برب الغلام، آمنَّا برب الغلام، الحديث. (1)
فإذا كان في الانتحار نصرٌ كبير للإسلام، بحيث يؤدي إلى الدخول في الإسلام، فهذا قد يقال: إنه جائز، قياسًا على ما ورد في هذا الحديث.
كتبه محمد الصالح العثيمين في 19/1/1418 هـ.
(1) انظر صحيح مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب قصة أصحاب الأخدود برقم (3005) .