الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يكون في ذلك مفاسد عظيمة عليه وعلى بقية المجاهدين، وإذا قُتِلَ في هذه الحالة هل يكون شهيدًا؟ نرجو التفصيل.
فأجاب بقوله: لا يجوز لأحد من أفراد الجيش أن يقاتل أو يتقَدَّم إلا بإذن الأمير، فإن فعل فهو عاصٍ، وكونه يكون شهيدًا أو لا يكون شهيدًا، هذا ينبني على فِعْله هذا، هل هو مُتأوِّلٌ يظن أن ذلك
جائز، أو غير متأول؟ إن كان متأولاً فنرجو أن تكتب له الشهادة إذا قُتل، وإن كان غير متأول لكنه مُستبِدٌّ فإن كتابة أجر الشهادة له بعيد، وإن قاتل من أجل الشهادة وحرصًا على قتل العدو فهي نية ناقصة، والكَمَالُ أن يقاتل لتكون كلمةُ الله هي العليا.
س 40: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله: قام أحد الرجال في فلسطين بوضع متفجرات على نفسه، ودخل بين اليهود وقتل أكثر من عشرين يهوديًّا، وجرح قريباً من خمسين وبعضهم يعلل
ويقول: إن لم يقتل اليوم قتل غداً، فهل هذا الفعل منه يُعتبرَ انتحارًا، أو يعتبر جهادًا
؟
فأجاب بقوله: هذا الذي وضع على نفسه هذا اللِّباس الذي يقتل، أول من يقتل نفس الرجل، لاشكَّ أنه هو الذي تَسبَّبَ لقتل
نفسه، ولا يجوز مثل هذه الحال إلا إذا كان في ذلك مصلحةٌ كبيرة للإسلام، لا لقتل أفرادٍ من الناس لا يمثِّلون الرؤساء ولا يمثلون القادة لليهود، أما لو كان هناك نفعٌ عظيم للإسلام لكان ذلك جائزًا.
وقد نصَّ شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله على ذلك، وضرب لهذا مثلاً بقصة الغلام المؤمن الذي كان في أُمَّة يَحكُمُها رجل مشرك كافر، فأراد أن يقتله هذا الحاكم الشرك الكافر، فحاول عدَّة مرات:
مرة يلقي هذا الغلام من أعلى الجبل.
ومرَّة يلقيه في البحر، ولكنه كلما فعل ما يُهلِكُ به هذا الغلام نجا، فتعجب الملك الحاكم، فقال له الغلام يومًا من الأيام: أتريد أن تقتلني؟ قال: نعم، وما فعلتُ هذا إلا لقتلك، قال: اجمع الناسَ كلَّهم، ثم خذ سهمًا من كِنَانتي واجعله في القوس، ثم ارمني به، ولكن قل بِاسمِ رب هذا الغلام، باسم رب هذا الغلام، وكانوا إذا أرادوا أن يُسَمُّوا سمَّوا باسم الملك، لكن قال: قل: باسم رب هذا الغلام، فجمع الناس ثم أخذ سهمًا من كِنانته ووضعها في القوس وقال: باسمِ رب هذا الغلام، وأطلق القوسَ فضربه فهلك، فصاح الناس كلهم الرب رب الغلام، الرب رب الغلام (1) وأنكروا رُبوبيَّة هذا الحاكم
(1) انظر: صحيح مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب قصة أصحاب الأخدود، برقم (3005) .