الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السادس افاق ممتدة
1- تدهور فى أوضاع محمد صلى الله عليه وسلم
لم يمض وقت طويل على انتهاء المقاطعة حتى فقد محمد صلى الله عليه وسلم فى وقت قصير كلا من عمه وحاميه- أبى طالب، وزوجته المؤمنة الوفية المعينة- خديجة. وربما كان هذا فى العام 619 للميلاد. وليس لدينا دليل على ما كانت تعنيه خديجة بالنسبة لمحمد صلى الله عليه وسلم فى هذه الفترة.
أما قبل ذلك، فتخبرنا المصادر أنها شجعته عندما بدأ يتخوف، ويمكننا أن نحدس على الأقل أن دعمها له وشدها من أزره كان لا يزال يعنى بالنسبة له شيئا. واذا كان الأمر كذلك، فالذى لا شك فيه أنه كان خيرا له أن يلجأ الى مزيد من الاعتماد على النفس. حقيقة، لقد تزوج بعد ذلك بفترة غير طويلة من سودة بنت زمعة وهى احدى المسلمات الأوائل وكانت وقت تزوجها أرملة. وهذا قد يشير الى حاجته لصحبة روحية (لأنيس يؤنس روحه ويكون له بمثابة صديق) ، لكننا لا نعرف عن سودة الا قليلا ويمكننا أن نفترض أن علاقتها بمحمد صلى الله عليه وسلم كانت فى الأساس فى نطاق دورها كزوجة.in the domestic sphere ان تجربة محمد صلى الله عليه وسلم فى نخلة عند عودته من الطائف، حيث تلقى مواساة عندما كان حزينا محبطا- ربما يمكن اعتبارها علامة على مرحلة دالة على عدم تعويله على الاعتماد على رفاق من البشر* (ربما يقصد الاعتماد على
* النص:
The experience of Muhammad at Nakhlah on his return from Ataif، When he received cofmort in his mood of depression، might be taken a marking a stage in his weaning from relance on human Companionship.
لدعم البشرى. وهى عبارة تبدو متناقضة وغير مفهومة- المترجم) .
لقد كانت نتائج وفاة أبى طالب واضحة على المستوى السياسى، فقد خلف أبا طالب فى زعامة بنى هاشم أخوه أبو لهب. ورغم أن أبا لهب كان قد انضم الى الحلف الكبير ضد هاشم أثناء فترة المقاطعة، الا أنه يقال انه وعد فى البداية أن يحمى محمدا صلى الله عليه وسلم بالطريقة نفسها التى حماه بها أبو طالب «1» . وقد تكون هذه الرواية مقبولة لأن احترام السيد العربى لنفسه يؤيد هذا الاتجاه. وان كان هذا يتناقض مع ما سبق أن أبداه من عداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فيمكننا تخفيف حدة هذا التناقض بافتراض أن ما ذكر عن عداوة أبى لهب لمحمد صلى الله عليه وسلم قبل وفاة أبى طالب كان مبالغا فيه بسبب اسفافه فى العداء لمحمد صلى الله عليه وسلم بعد ذلك (المترجم:
لقد نزلت سورة قرانية فى أبى لهب وزوجته حمالة الحطب، فليس هناك اذن مبالغة) .
وعلى أية حال، فبعد فترة رفض أبو لهب رسميا حماية محمد على أساس أن محمدا- على حد قوله- زعم أن عبد المطلب فى النار. والرواية التقليدية بهذا الشأن تخبرنا أن عقبة بن أبى معيط وأبا جهل رأيا أن يوجها سؤالا لمحمد صلى الله عليه وسلم بهذا الشأن. والطريقة التى وردت بها الرواية تشير الى السذاجة، ومع هذا فليس هناك سبب يدعونا للشك فيها. لقد أشار أعداء محمد على أبى لهب أنه مادام محمد يذكر جدهم المشترك عبد المطلب* بسوء (قوله انه فى جهنم) ، فيمكن أن يسحب أبو لهب حمايته له دون أن يلومه أحد، أو بتعبير أدق دون أن يفقد شرفه أو احترامه لنفسه.
كان افتقاد محمد صلى الله عليه وسلم للأمن بسحب الحماية المبسوطة عليه خسارة كبيرة- فى الظاهر- له ولقضية الاسلام. لكن الحقيقة أنه لم تكن هناك حالات مهمة للتحول للاسلام منذ أسلم عمر بن الخطاب ربما
(1) ابن سعد، أ، 1، 141.
* عبد المطلب توفى قبل بدء الرسالة ولذلك يعتبر من «أهل الفترة» الذين لا يعتبرون من أهل جهنم.