المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌1- الأسس الاقتصادية - محمد صلى الله عليه وآله وسلم في مكة

[ويليام مونتغمري وات]

فهرس الكتاب

- ‌المستشرق (مونتجمري وات)

- ‌الألف كتاب الثانى نافذة على الثقافة العالمية

- ‌الفهرس

- ‌مقدمة الترجمة العربية

- ‌القران الكريم

- ‌الحديث

- ‌كتب السيرة والمغازى

- ‌كتب التاريخ العام

- ‌علم نفس النبوة

- ‌قضية عثمان بن مظعون (رضى الله عنه) وقضايا أخرى شبيهة

- ‌الأمن والمال والدولة والرسالة

- ‌«كل التاريخ تاريخ حديث»

- ‌تمهيد

- ‌1- وجهة نظر

- ‌2- ملاحظة عن المصادر

- ‌الفصل الأول الخلفية العربية

- ‌1- الأسس الاقتصادية

- ‌2- السياسة المكية

- ‌(أ) المجموعات السياسية فى قريش

- ‌الأدلة الرئيسية التى تؤكد افتراض هذا التقسيم للعشائر هى:

- ‌(ب) ادارة الأمور فى مكة

- ‌(ج) قريش والقبائل العربية

- ‌(د) سياسة مكة الخارجية

- ‌3- الخلفية الاجتماعية والأخلاقية

- ‌(أ) التضامن القبلى والفردية

- ‌(ب) المثل العليا الأخلاقية

- ‌4- الخلفية الدينية والفكرية

- ‌(أ) تدهور الديانة القديمة

- ‌(ب) «الانسانية القبلية»

- ‌(ج) ظهور الاتجاه نحو التوحيد

- ‌الفصل الثانى بواكير حياة محمد صلى الله عليه وسلم ودعوة النبوة

- ‌1- نسب محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌2- مولد محمد صلى الله عليه وسلم ، وسنواته الأولى

- ‌3- زواج محمد عليه الصلاة والسلام من خديجه

- ‌4- الدعوة للنبوة

- ‌(أ) رواية الزهرى

- ‌(ب) رؤى محمد عليه الصلاة والسلام

- ‌(ج) الاختلاء فى حراء، التحنث

- ‌(د) «أنت رسول الله»

- ‌(هـ) «اقرأ»

- ‌(و) سورة المدثر، الفترة

- ‌(ز) خوف محمد ويأسه

- ‌(ح) خديجة وورقة بن نوفل يشدان من أزر محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌خاتمة

- ‌5- أشكال وعى محمد صلى الله عليه وسلم بنبوته

- ‌6- التتابع الزمنى لوقائع الحقبة المكية

- ‌الفصل الثالث الرسالة الأصلية (جوهر الرسالة)

- ‌1- فى تاريخ نزول القران (الكريم)

- ‌2- المحتوى القرانى لأول ما نزل من القران (الكريم)

- ‌(أ) خلق الله للانسان ولطفه به

- ‌(ب) الكل راجع الى الله ليوفيه حسابه

- ‌(ج) استجابة الانسان- شكر وعبادة

- ‌(د) استجابة الانسان لله سبحانه- السماحة والكرم والتطهر

- ‌(هـ) مهمة محمد

- ‌3- العلاقة الوثيقة بين الرسالة والأحوال المعاصرة

- ‌(أ) الجانب الاجتماعى

- ‌(ب) الجانب الأخلاقى

- ‌(ج) الجانب العقلى

- ‌(د) الجوانب الدينية

- ‌4- مزيد من التأمل

- ‌(أ) الظروف الاقتصادية والدين

- ‌(ب) أصالة القران الكريم

- ‌الفصل الرابع أول من أسلم

- ‌1- الروايات المتداولة عن المسلمين الأوائل

- ‌2- استعراض للمسلمين السابقين

- ‌هاشم

- ‌المطلب

- ‌تيم

- ‌زهرة

- ‌عدى

- ‌الحارث بن فهر

- ‌ عامر

- ‌أسد

- ‌نوفل

- ‌ عبد شمس

- ‌ مخزوم

- ‌سهم

- ‌جمح

- ‌عبد الدار

- ‌[طبقات المسلمين الأوائل]

- ‌1- الأبناء الأصغر سنا فى الأسر ذوات الحيثية

- ‌2- رجال- غالبهم شباب- من أسرات أخرى

- ‌3- رجال ليس لهم ارتباطات عشائرية قوية

- ‌3- اللجوء الى الاسلام

- ‌الفصل الخامس تزايد المعارضة

- ‌1- بداية المعارضة، الايات الشيطانية

- ‌(أ) خطاب عروة

- ‌(ب) قصة الايات الشيطانية

- ‌(ج) الايات الشيطانية (ايات الغرانيق) ، الدوافع والتفسير

- ‌2- أمور الحبشة

- ‌(أ) الرواية التقليدية عن الهجرة الى الحبشة

- ‌(ب) شرح قائمتى المهاجرين الى الحبشة

- ‌(ج) أسباب الهجرة الى الحبشة

- ‌3- مناورات المعارضة

- ‌(أ) اضطهاد المسلمين

- ‌(ب) الضغط على بنى هاشم

- ‌(ج) عروض التسوية على محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌4- شهادة القران (الكريم)

- ‌(أ) النقد الكلامى لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌(ب) النقد الكلامى لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌(ج) أفعال معارضى محمد

- ‌5- قادة المعارضة ودوافعهم

- ‌الفصل السادس افاق ممتدة

- ‌1- تدهور فى أوضاع محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌2- زيارة النبى للطائف

- ‌3- الاقتراب من القبائل البدوية

- ‌4- المفاوضات مع المدينة

- ‌(أ) توطئة

- ‌(ب) بيعتا العقبة، الأولى والثانية

- ‌5- هجرة النبى صلى الله عليه وسلم الى المدينة

- ‌6- حصاد الحقبة المكية

- ‌الملحق (أ) الأحابيش

- ‌الملحق (ب) التوحيد عند العرب والتأثيرات اليهودية المسيحية

- ‌الملحق (ج) الحنفاء

- ‌الملحق (د) مبحث حول (تزكى)

- ‌الملحق (ه

- ‌الملحق (و) المرويات عن عروة

- ‌الملحق (ز) قوائم مختلفة

- ‌الملحق (ح) عودة المهاجرين

الفصل: ‌1- الأسس الاقتصادية

‌الفصل الأول الخلفية العربية

مع وجود المادة التاريخية التى أصبحت متاحة، يمكننا أن نخصص على الأقل جزا من هذا الكتاب لوصف الخلفية العربية لحياة محمد عليه الصلاة والسلام . وعلى هذا، فان هذا الفصل له هدف محدد هو جذب الانتباه الى أهم سمات هذه الخلفية التى تساعد على فهم صحيح لسيرته وانجازاته.

ويعتمد هذا الفصل- الى درجة كبيرة- على أعمال المستشرقين والرحالة الاخرين، لهذا من المستحيل أن نقدم شكرا كاملا لمن نحن مدينون لهم (فهم كثيرون) .

اذا كنا نتحدث عن شبه الجزيرة العربية، فان ما يهمنا منها هو الجزء المحيط بمكة والمدينة- الذى يطلق عليه أرض الحجاز- وبادية نجد المجاورة لها.

‌1- الأسس الاقتصادية

أول ما يتبادر الى ذهن الغربى عند سماع كلمة شبة الجزيرة العربية هو الصحراء والبدو، لهذا فان الحديث عن اقتصاديات حياة الصحراء نقطة بداية مفيدة. وفى الواقع، لم تلعب الصحراء دورا خلاقا

ص: 49

فى نشوء مفهوم التوحيد عند محمد عليه الصلاة والسلام ، ومع هذا فقد كان للصحراء الدور الأول فى ظاهرة الاسلام ككل. ومع ذلك، فقد كانت مكة والمدينة كجزيرتين فى بحر من الصحراء، أو على الأصح كمناطق سهوب، وكان لهما صلات اقتصادية وثيقة بالبدو وكان يسكنهما أحفاد للبدو لا زالوا يحتفظون بكثير من العادات التى اكتسبها أسلافهم من الحياة فى الصحراء، لهذا لا مفر من أن نولى الصحراء بعض الاهتمام.

تعتمد حياة البدو على تربية الأنعام، وبالذات الابل، وفى سهوب شبه الجزيرة العربية يمكننا أن نميز عدة أنواع من الأرض لا يهمنا منها الا نوعان، الأول هو تلك الأراضى التى تكون فى الصيف قاحله رملية، ولكنها فى الشتاء، بعد سقوط الأمطار- وهو الفصل الذى يسميه العرب الربيع*- يكتسى بنبات أخضر حلو المذاق وخاصة فى الوديان، مما يجعلها جنة للابل.. ثم هناك المناطق التى تنمو فيها الأشجار المعمرة والشجيرات- بشكل طبيعى- أغلبها عطرى الرائحة. ويفسر هذان النوعان من الأرض الحاجة الى حياة الهجرة، فبمجرد سقوط الأمطار (بالرغم من أنها غير منتظمة الى حد ما) ، تصبح الأرض التى من النوع الأول أفضل مرعى للابل، ولكن عندما يضمحل هذا المرعى ويختفى بدخول الصيف، يصبح على البدو أن ينتقلوا الى الأرض التى من النوع الثانى، ويعتمد البدو عندما يكونون فى النوع الأول من الأرض على الابل فى الشراب والطعام، أما عندما يكونون فى النوع الثانى فهناك ابار، وان كانت تستخدم عادة لشرب الابل أكثر مما تستخدم للاستهلاك الادمى. وفى الحالتين يعتبر اللبن هو الوجبة الرئيسية للبدوى، بالاضافة الى التمر الذى يحصل عليه من الواحات. كما انه يأكل اللحم بين الحين والاخر، أما الحبوب فكانت ترفا مقصورا على الأغنياء والعظماء.

ويعتمد البدوى الى حد ما على الأراضى المأهولة بالسكان، ولا يرى فى السرقة أية جريمة، سواء كانت بالاغارة على واحة أو على قافلة،

* الكاتب يقرب المعنى لقرائه الأوربيين لاختلاف الفصول عن أوربا.

ص: 50

ولما كان البدوى عادة هو المقاتل الافضل فى المناوشات التى تحدث أثناء عمليات السطو هذه، فقد كان الزراع والتجار غالبا ما يلجأون الى احدى القبائل الصحراوية لحماية مساكنهم وأرضهم وقطعانهم ولتأمين قوافلهم فى مقابل مال يدفعونه لهم، وكانت هذه الأموال تمثل بالنسبة لكثير من البدو مصدرا منتظما للدخل، وهكذا كان فى مقدور البدوى أن يستمتاع ببعض منتجات الحضر.

وفى المنطقة التى تهمنا كانت هناك زراعة فى الواحات وبعض المناطق المرتفعه فى الجبال، وكان المحصول الاساسى فى الواحات هو التمر، فى حين كانت الحبوب المحصول الهام فى المناطق الجبليه مثل الطائف. وكانت يثرب (التى عرفت فيما بعد بالدينة) فى زمان محمد عليه الصلاة والسلام واحة كبيرة ومزدهرة. وكان هناك عدد من المستعمرات الزراعية اليهودية مثل خيبر، بينما كان الحال فى مكة على العكس تماما، اذ كانت الزراعة هناك مستحيلة تماما، وهذه حقيقه يجب أن نتذكرها دائما. وكانت اليمن- وان كانت لا تدخل فى نطاق اهتمامنا الحالى- بلدا زراعيا خصبا تستخدم فيها وسائل الرى الاصطناعى من قديم الزمان، ومن المعتقد الان أنها الموطن الأصلى للساميين أو على الأقل «بلد المنشأ» و «أول موطن منفصل» «1» .

ومن المؤكد أن التراث العربى فى فترة ما قبل الاسلام قد تضمن الكثير من ذكريات الأرض الخصبة فى الجنوب. ولا شك أن هذه الصلة بالأرض الخصبة قد ساهمت فى الثقافة العربية فى زمان محمد عليه الصلاة والسلام ، ولكن لم تؤد دراسة هذا التأثير الى أى نتائج مؤكدة حتى الان.

كانت مكة، مسقط رأس محمد عليه الصلاة والسلام وموطنه لنصف قرن، مدينة تجارية تقع فى وسط صخور قاحلة، وقد كان نمو مكة كمركز تجارى نتيجة وجود الحرم، أو المنطقة الحرام، حيث كان الناس يأتون اليها امنين من أى تحرش، كما كانت الظروف الجغرافية

G.A.Barton ،Samitic and Hamitic Origins ;271 (1)

ص: 51

أيضا فى صالحها، فقد كانت تقع فى ملتقى الطرق من اليمن الى الشام ومن الحبشه الى العراق، لهذا كان البدو ياتون الى مكه للحصول على البصائع التى كانت تأتى مع القوافل من أركان المعمورة الأربعة، وربما كان أهل مكة فى البداية مجرد وسطاء وتجار تجزئه ولم يكونوا المستوردين أو أصحاب العمل المنظمين للقوافل، ولكنهم فى نهاية القرن السادس الميلادى كانوا يتحكمون فى معظم التجارة بين اليمن والشام، وهو طريق هام كانت تمر به بضائع الترف الهندية الى الغرب وكذلك اللبان والبخور من جنوب شبه الجزيرة العربية. وكانت الطائف تنافس مكة فى التجارة، ولكن من الواضح أن موقف مكة كان هو الأقوى.

كانت مكة أكثر من مجرد مركز تجارى، فقد كانت مركزا ماليا، ولا يبدو أن أحدا من الدارسين على علم أكيد بالتفاصيل مثل لامانس، «1» Lammans ولكن من الواضح أن عمليات مالية على درجة لا بأس بها من التعقيد كانت تتم فى مكة، وكان زعماء مكة فى زمان محمد عليه الصلاة والسلام رجال مال قبل كل شىء، مهرة فى ادارة شئون المال، ذوى دهاء، وكانوا مهتمين بأى مجال لاستثمار مربح لأموالهم من عدن الى غزة أو دمشق، ولم يكن أهل مكة واحدهم الذين وقعوا فى الشبكة المالية التى نسجوها، ولكن أيضا كثير من كبار رجال القبائل المحيطة بها.

وهكذا لم يظهر القران فى جو الصحراء بل فى جو اقتصادى مالى على درجة عالية من التعقيد.

بقيت نقطة أخرى، هل كان ظهور دين جديد فى الحجاز وانتشاره بعد ذلك بين العرب ثم انتقاله الى فارس والشام وشمال أفريقيا له ارتباط بأى تغير اقتصادى كبير؟ تقول احدى الاجابات ان الجفاف المتزايد فى البادية العربية وما أدى اليه من جوع كان الدافع الذى دفع العرب فى طريق الغزو، لندع الان جانبا وبصفة مؤقتة مسألة التغير الاقتصادى، ونكتفى بالقول بأنه ليس هناك دليل يوثق به على حدوث أى تدهور فى الظروف المناخية للبادية، وكانت الحياة فيها محتملة، فقد سمعنا عن

(1) انظر، Mecque: صفحة 135/ 231 وما بعدها- (المؤلف) .

ص: 52