الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويبدو أن عبد الله بن أبى حاول أن يتخذ موقفا حياديا فى معركة بعاث أو على الأقل لم يشارك فيها، وربما دل هذا على مرض عضال اعترى نفسه نتيجة الثارات والعداوات التى لا نهاية لها. وبالنسبة لهذه المشكلة الدينية- ان جاز لنا وصفها بهذا الوصف- كان لدى الاسلام الحل. انه عقيدة تشير لليوم الاخر وهو ما يعنى أن معنى الحياة يظهر فى نوعية سلوك الفرد. هذه الفكرة قابلة لأن تصبح أساسا يقوم عليه مجتمع كبير، لأنها ان تم قبولها فمعناها أنه لم يعد مكسب انسان مؤديا الى خسارة اخر.anothers Loss One mans gain no longer entails والذى لا شك فيه، أن الأنصار كان لديهم بعض التحقق من هذه المضامين عندما قبلوا بالدين الاسلامى، لكن غالبهم- كما نفترض- قد أصبحوا مسلمين لايمانهم بأن الاسلام هو الدين الحق.
أو بتعبير أوضح لايمانهم بأن الله سبحانه أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم برسالة الى العرب. (المترجم: الاسلام دين عالمى النزعة، كما كررنا مرارا، لكن السياق هنا يعنى أنه بعد انتهاء المرحلة القرشية «المكية» انتقل الاسلام الى مرحلة أخرى «المرحلة المدنية» ) .
(ب) بيعتا العقبة، الأولى والثانية
تسجل الروايات مزاعم متعلقة بفردين من الأوس قتلا قبل معركة بعاث وكانا على الاسلام، أى أنهما قتلا كمسلمين. وعلى أية حال، فان أول المسلمين المعروفين بشكل محدد (المقصود أول المسلمين من المدينة) كانوا ستة رجال من الخزرج قدموا الى محمد صلى الله عليه وسلم، ربما فى سنة 620 م، وفى موسم حج سنة 621 م عاد خمسة أو الستة جميعا وقد صحبوا معهم سبعة اخرين، منهم اثنان من الأوس. ويقال ان هؤلاء الاثنى عشر رجلا تعهدوا بترك المعاصى المختلفة وتعهدوا بطاعة النبى صلى الله عليه وسلم. وعرفت بيعتهم هذه ببيعة النساء «15» . وأرسل محمد صلى الله عليه وسلم معهم الى المدينة مصعب بن عمير المسلم الصادق، والمجيد لحفظ ايات القران الكريم.
Buhl ،Muhammad ،186 ،n. 147. (15)
وخلال العام التالى، كان فى كل اسرة من اسر المدينة مسلمون، فيما عدا أسر قسم من الأوس كان معروفا باسم أوس مناة أو أوس اللات.
وفى موسم حج سنة 622 م، ذهب الى مكة 73 رجلا وامرأتان وقابلوا محمدا صلى الله عليه وسلم سرا فى الليل عند العقبة وعاهدوه لا على الطاعة فقط وانما على الجهاد معه أيضا، فكانت تلك هى بيعة الحرب. وحضر هذه البيعة العباس عم النبى صلى الله عليه وسلم ليبين أن هاشما لم تتخل عن محمد صلى الله عليه وسلم، وأن المسئولية عن سلامته قد انتقلت للأوس والخزرج. وطلب محمد صلى الله عليه وسلم من هذا الوفد تعيين اثنى عشر نقيبا (ممثلا) وتم ذلك بالفعل، وسمعت قريش عن هذه المفاوضات التى بدت لهم عدائية وسألوا عنها بعض وثنيى المدينة الذين أجابوهم بحسن نية- نظرا لعدم علمهم بها- أنه لا صحة لوجود مثل هذه المفاوضات. وبدأ محمد الان يشجع أتباعه على الذهاب للمدينة، بل انه ليقال ان أبا سلمة قد ذهب للمدينة حتى قبل بيعة العقبة وأخيرا وصل المدينة سبعون مسلما، بمن فيهم محمد صلى الله عليه وسلم نفسه، وكلمة الهجرة التى ارتبطت بهذا الحدث يقابلها بالانجليزية الكلمة المنقولة من العربية حرفا حرفا، Hijrah أما كلمة flight وتعنى الفرار فليست ترجمة دقيقة، ويتم اعتبار هجرة النبى التى بدأت فى 16 يوليو 622 م بدا للتاريخ الهجرى أو بداية الحقبة الاسلامية «16» ، وقد وقع هذا الاختيار فيما بعد (فى وقت لاحق) .
وقد حفظ لنا الطبرى رواية عروة بن الزبير التى يمكن مقارنتها بما ذكرناه انفا، فرواية عروة من الروايات المبكرة، وفيما يلى نص ما أورده الطبرى «17» :
«وحدثنى على بن نصر بن على، وعبد الوارث بن عبد الصمد ابن عبد الوارث- قال على بن نصر: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، وقال عبد الوارث: حدثنى أبى- قال: حدثنا أبان العطار، قال: حدثنا
(16) الطبرى، 1207- 1222، ابن هشام، 286- 325.
(17)
الطبرى، 1224- 1225.
هشام بن عروة، عن عروة، انه قال: لما رجع من أرض الحبشة من رجع منها ممن كان هاجر اليها قبل هجرة النبى صلى الله عليه وسلم الى المدينة، جعل أهل الاسلام يزدادون ويكثرون، وانه أسلم من الأنصار بالمدينة ناس كثير، وفشا بالمدينة الاسلام، فطفق أهل المدينة يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فلما رأت ذلك قريش تذامرت على أن يفتنوهم، ويشتدوا عليهم، فأخذوهم وحرصوا على أن يفتنوهم فأصابهم جهد شديد، وكانت الفتنة الآخرة، وكانت فتنتين: فتنة أخرجت من خرج الى أرض الحبشة، حين أمرهم بها، وأذن لهم فى الخروج اليها، وفتنة لما رجعوا ورأوا من يأتيهم من أهل المدينة.
ثم انه جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة سبعون نقيبا، رؤوس الذين أسلموا، فوافوه بالحج فبايعوه بالعقبة، وأعطوه عهودهم، على أنا منك وأنت منا، وعلى أنه من جاء من أصحابك أو جئتنا فانا نمنعك مما نمنع منه أنفسنا، فاشتدت عليهم قريش عند ذلك، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بالخروج الى المدينة؛ وهى الفتنة التى أخرج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه وخرج، وهى التى أنزل الله عز وجل فيها:(وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) » *.
وعندما ننظر الى رواية عروة لا بد أن نضع فى اعتبارنا أنه ينتمى الى أسرة الزبير التى كانت معادية لبنى أمية، وأن تراث أسرته كان بالتالى يميل الى المبالغة فى الاضطهاد وتأثيره على مسيرة الأحداث؛ نظرا لأن بنى أمية كانوا مشاركين وبعمق فى المعارضة ضد محمد صلى الله عليه وسلم. ومن هنا فان الدوافع التى ذكرها عروة لا يمكن اعتبارها رواية متوازنة، فالاية القرانية التى استشهد بها تعود لحقبة مدنية متأخرة «18» ؛ وبالتالى فليس يصلح الاستشهاد بها هنا.
واغفال عروة لذكر بيعتى العقبة قد يكون وراء ميل بعض الباحثين الغربيين الى القول بأنه لم تكن هناك الا بيعة واحدة. والأرضية التى
* استخرجنا النص من الطبعة المتاحة لنا (بيروت، دار الكتب العلمية) ج 1، ص 564.
Bell ،translation of Quran. (18)
انطلقوا منها فى ذلك هو أن العهد الذى قطعوه للرسول فى الاجتماع الأول- وهو المعروف ببيعة النساء- قائم على نص قرانى «19» .
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12)) السورة رقم 60 (الممتحنة) .
لكن حتى اذا كان هذا هو المعنى الدقيق للبيعة- أى كما ورد بالاية- فليس هناك ما يمنع من وجود بيعة أخرى (ثانية) . بل العكس، فانه من الواضح أنه لا بد أن تكون هناك مفاوضات طويلة ودقيقة بين محمد صلى الله عليه وسلم وأهل المدينة. فعندما أرسل الرسول مصعبا لم يكن ذلك فقط ليعلم المسلمين الجدد دينهم، وانما أيضا ليرسل للرسول تقارير عن الوضع هناك (فى المدينة) . وعلى هذا قد يكون من المقبول أن نوافق على هذه الرواية، فالاتصالات (أو الاتفاقات) الفعالة الأولى كانت مع الخزرج؛ لكن محمدا صلى الله عليه وسلم اصر على مقابلة مزيد من ممثلى الجماعات من أهل المدينة؛ لأنه لم يكن ليأمن على نفسه ان هو اعتمد على عشيرة واحدة من بين العشائر المتنافسة دون العشائر الاخرى. ولا بد أن التفاصيل الدقيقة- على أية حال- قد تم تناولها فى هذا الاجتماع (البيعة) ، ولا بد أن اتفاقية قد عقدت بين محمد صلى الله عليه وسلم وأهل المدينة تضمنت بعض المعلومات عن نبوة محمد (رغم أن هذه المعلومات قد تكون أقل- بلا شك- مما أصبح معروفا بعد صلح الحديبية) .
ومرة أخرى، ففى سياق بيعة العقبة الثانية وهى البيعة الرئيسية (الاجتماع الرئيسى) كانت هناك تفاصيل محل بحث، لكن الخطوط الدينية أو الأفكار العامة كانت محل قبول بصرف النظر عن التفاصيل.
وربما كانت الاشارة الى موقف العباس عم النبى اشارة يمكننا رفضها؛
Buhl ،Muhammad ،186. (19)
باعتبارها وضعت بعد ذلك لشجب المعاملة السيئة التى لاقاها الرسول صلى الله عليه وسلم من بنى هاشم فى هذا الوقت. وعند عودة الرسول صلى الله عليه وسلم من الطائف دخل فى جوار (حمايه) زعيم عشيرة نوفل ونظرا لعدم وجود ايه اشاره فى المصادر تفيد تغير هذا الوضع، فمن المؤكد انه ظل تحت حمايه بنى نوفل وليس تحت حماية عشيرته. فاذا قيل ان حكايه العباس عم النبى وتوثقه من حماية أهل المدينة لمحمد صلى الله عليه وسلم جائزة حتى لو كان العباس لم يسلم- فان هذا قول غير صحيح، والرواية المنسوبة الى وهب بن منبه والتى حفظتها لنا أوراق البردى «20» تميل الى تأكيد الرأى المذكور انفا. ففى رواية وهب امتدح العباس محمدا صلى الله عليه وسلم مدحا عظيما، الا أن أهل المدينة زادوا فى مدحه ليروه أنهم أكثر حبا لمحمد صلى الله عليه وسلم منه، وأكثر تقديرا له منه. والانطباع الذى نخرج به من هذه الرواية أنها رد على دعاية العباسيين الذين أقاموا الدولة العباسية بعد ذلك (بعد سقوط الدولة الأموية) ، وبصرف النظر تماما عن رواية وهب هذه (التى تثير فى حد ذاتها بعض الأسئلة الصعبة) فان الغرض الذى يكاد يكون مرضيا، هو أن حكاية زيارة العباس للعقبة ما هى الا مجرد اختراع (تلفيق) صرف من وضع أبواق الدعاية العباسية.
وثمة بعض الصعوبات الاخرى فيما يتعلق بتعيين الاثنى عشر نقيبا لأن المهام المنوطة بهم غير واضحة، ويظن الباحثون الغربيون أن ما يتعلق بهؤلاء النقباء موضوع بعد ذلك لتشبيه محمد صلى الله عليه وسلم بموسى وعيسى عليهما السلام (فكما كان لكل منهما نقباء، فلم لا يكون لمحمد صلى الله عليه وسلم نقباء أيضا؟!) .
ففى رواية وهب بن منبه نجد واحدا من أهل المدينة يبايع محمدا صلى الله عليه وسلم بالمصطلحات نفسها التى بايع بها نقباء قبيلة اسرائيل، موسى عليه السلام ، وواحد اخر يستخدم فى مبايعته المصطلحات نفسها التى استخدمها الحواريون فى مبايعة عيسى ابن مريم «21» وعلى أية حال، فان الرواية التى تشير الى أن محمدا صلى الله عليه وسلم أصبح نقيبا لبنى النجار عندما مات ممثلهم (نقيبهم) الأصلى تبين أن الشك فى رواية النقباء هذه لا أساس
(20)
G.Melamede، The meetings at Al- kaba، in le monde Orienale.xxviii.1939.pp.17- 58.
(21)
السورة Melamede ،Op.Cit. ،p. 4..15 /5
له، كما أنه لا مجال- بالتالى- للقول بمحاكاة أقوالهم لنقباء بنى اسرائيل أو حواريى المسيح. والاحتمال الأرجح هو أن يكون نظام النقباء كان جزا من النظام الأولى أو الأساسى للمجتمع الجديد أو الأمة الجديدة فى المدينة، وأنه سرعان ما دخل فى طوايا النسيان أولم يعد مستخدما.
ومن ناحية أخرى، فان النقطة الاساسية حول هذا اللقاء أو الاجتماع (البيعة) ، وهى الحرب (الجهاد) ، غير واضحة فالى أى مدى ذهب المبايعون فى وعدهم بالحرب* واستمرارهم فيها فى حالة حدوثها، ولا بد أن أهل المدينة قد وافقوا أيضا على استقبال المهاجرين من مكة بشروط ودودة. وما هو غير واضح هو الى أى مدى قيد أهل المدينة أنفسهم بمعاداة قريش. والذى لا شك فيه أن تزايد قوة مكة أمر غير مؤكد، كما أن الحقيقة التى مؤداها أن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يكن شخصا مرغوبا فيه فى مكة Persona non grata تجعلنا نتأكد أنه من المحال أن يستخدم أى محمد- لمد نفوذ مكة. لكن أكان الترحيب بمحمد صلى الله عليه وسلم فى المدينة والتخلى له عن النفوذ فيها بمثابة القاء القفاز فى وجه أهل مكة؟
(المقصود أكان ذلك بمثابة اعلان للحرب على أهل مكة؟) .
ان الاجابة عن هذا السؤال مرتبطة بالاجابة عن أسئلة أخرى.
ماذا أعد محمد صلى الله عليه وسلم من خطط لأصحابه بعد ذهابهم للمدينة؟ وكيف كانت طبيعة وجودهم فى المدينة كما اقترحها عليهم؟ انه لا يستطيع أن يجعلهم ضيوفا عاطلين بشكل دائم على أهل المدينة، ولم يكن يكاد يتوقع منهم أن يقيموا فى المدينة ويعملوا كفلاحين. انهم فى المدينة لا يستطيعون العيش الا كتجار يرسلون القوافل، أو ينظمون أنفسهم لشن الغارات على قوافل أهل مكة. وحتى اذا كان الخيار الأول هو القائم أو هو الخطة الأصلية (مع قلة الشواهد على ذلك) ، أليس هذا مؤديا لقيام عداوة ضارية مع قريش؟
وأ لم يكن محمد صلى الله عليه وسلم يتوقع ذلك؟! وباختصار، فلا بد أن محمدا صلى الله عليه وسلم كان على يقين من أن هجرته الى المدينة ستؤدى عاجلا أم أجلا للحرب مع
* عن هذه النقطة (وهى الحرب مع الرسول) يقول ابن هشام ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال لوفد يثرب: أبايعكم على أن تمنعونى مما تمنعون منه نساءكم وأولادكم فبايعوه على ذلك وأضافوا أنهم يبايعونه على هلاك الأموال وقتل الأشراف والاحتمال فى كل الأحوال (ابن هشام: ج 1 ص 475- 476. (المراجع) .
أهل مكة. الى أى مدى أخبر محمد أهل المدينة بذلك؟ وبأية طريقة صاغ لهم هذا؟ والى أى مدى كان أهل المدينة واثقين من أنفسهم «22» ؟
وقد عبر كيتانى «23» Caetani عن وجهة النظر التى مؤداها أن أهل المدينة قد قبلوا محمدا ككاهن أعلى Superior Soothsayer لمجرد أنهم كانوا راغبين فى استتباب سلام داخلى فى المدينة، وليس لقبولهم كل تعاليم القران الكريم، على الأقل بالمعنى المقصود، ويظن كيتانى أن عدد المتحولين للاسلام تحولا صحيحا كان قليلا. وهذه النظرة تؤكد فعلا العوامل المادية (كما فعل ابن اسحق حقا) لكن ليس من الضرورى أن نقلل من شأن العوامل الدينية أو الأيديولوجية، فالعوامل المادية من ناحية والعوامل الدينية من ناحية أخرى ليس من الضرورى أن تكونا متعارضتين، بل انهما متكاملتان. وقد نتفق على أن الانقسام الأساسى فى المدينة كان بين أولئك الراغبين فى حضور محمد صلى الله عليه وسلم للمدينة، وأولئك المعارضين لحضوره، وأن التحول للاسلام لم يكن يعنى التحول النهائى، وانما كان مرهونا بالنجاحات السياسية التى سيحرزها محمد صلى الله عليه وسلم (المترجم: هذا التعبير لا يزيد عن كونه: نجاح دعوته) .
ومن الممكن أيضا أن يكون أهل المدينة كما افترض كيتانى قد فسروا الأفكار اليهودية والمسيحية الواردة فى القران وفقا لمصطلحات وثنية عربية، وبالتالى لم يفهموها على حقيقتها. ومع هذا، فلا بد أن نصدق أن جمهور أهل المدينة الذين آمنوا بمحمد رسولا قد فهموا فحوى الاسلام وجوهره ومبادئه وقبلوها: لقد آمنوا بأن الله هو الخالق، وهو المهيمن على الكون، وهو الحكم العدل يوم القيامة وآمنوا أن محمدا هو حامل رسالة الله الى العرب (المترجم: سبق أن أوضحنا أن هذا لا يعنى أن الاسلام لم ينزل للناس كافة، وانما المؤلف يتعامل مع مراحل: المرحلة القرشية، والمرحلة العربية.. الخ) .
لقد كان المسلمون يوجدون مجتمعا من نوع جديد فى المدينة، وهذا يتطلب أسسا أيديولوجية واضحة ومحددة. وبالنسبة لأهل المدينة
(22) ابن هشام، 313.
Studi ،iii ،27 -36. (23)