الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والشعور باليأس يمكن أن يكون موازيا لما حدث لأنبياء العهد القديم، وما حدث فى حياة القديسين، فالقديسة تريزا (من أقيليا (Avelia كتبت تقول:«الكلمات، بتأثيراتها والتأكيدات التى تحويها تقنع الروح فى اللحظة أنها اتية من الرب، وعلى اية حال، ففى ذلك الوقت، الذى هو الان ماض، يظهر الشك، فيما اذا كانت هذه الكلمات تأتى من الشيطان أو من الخيال، رغم أنه عند سماع هذه الكلمات، لم يكن الانسان ليشك فى صدقها بحيث تكون- أى تريزا- مستعدة للموت دفاعا عنها» «36» .
وعلى أية حال، ففكرة الانتحار يمكن- بشق النفس- عزوها الى محمد صلى الله عليه وسلم، فمادام النبى لم يذكر ذلك عن نفسه فمن الصعب أن نعزوها اليه، فهذا تجاوز فى شرح سورة الضحى:
(وَالضُّحى (1) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (2) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى (3) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى (7) وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى (8) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)) .
وأكثر من هذا، فان فترة اليأس قد تكون متلائمة مع الروايات التى تحدثنا عن (الفترة) وهى المدة التى انقطع فيها الوحى عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
وعلى هذا، فان ذلك يعطينا- فيما يبدو- بعض المعلومات الحقيقية عن محمد صلى الله عليه وسلم.
(ح) خديجة وورقة بن نوفل يشدان من أزر محمد صلى الله عليه وسلم
ليس من سبب يجعلنا نرفض الرواية القائلة ان خديجة قد شدت من أزر محمد صلى الله عليه وسلم، فمن الواضح أن محمدا كانت تنقصه فى هذه المرحلة الثقة بالنفس*، فالصورة العامة لا يمكن أن تكون مبتدعة رغم أن
(36)
Interior Castle، Sixth Mansion، iii، 12، quoted from Poulain، Graces of Interior Prayer، 304 f.
* هذا التعبير مرفوض، فثقة الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه وبربه كانت واضحة دائما وفى صعب الأحوال كغزوة أحد- (المراجع) .
التفاصيل قد يكون لحقتها اضافة نتيجة الاستنتاج الخاطىء أو بفعل التخيل.
وشد أزر ورقة بن نوفل لمحمد كان بالاضافة لجهود خديجة أمرا مهما. وليس هناك سبب قوى يدعونا للشك فى صحة العبارة التى وردت بها كلمة (الناموس) على لسان ورقة. فاستخدام هذه الكلمة غير القرانية- بدلا من كلمة التوراة القرانية- دليل على صحة هذه الرواية.
ومن ناحية أخرى، فان بقية الرواية تبدو لشرح موقف ورقة الذى لم يتحول للاسلام رغم تصديقه لمحمد صلى الله عليه وسلم، ولسبب قريب من هذا كانت الرواية التى جعلت محمدا يقابل ورقة أفضل من تلك التى جعلته لم يقابله.
وأكثر من هذا، فبعض الروايات تجعل موت ورقة بعد بعثة محمد بعامين أو ثلاثة، وأخرى تزيدها الى أربعة «37» .
وكلمة الناموس- عادة ما ينظر اليها على أنها من الكلمة اليونانية نوموس «38» Nomos التى تعنى الشريعة أو الكتاب الموحى به؛ وبالتالى فهى ملائمة تماما للحديث عن موسى (كما ورد فى حديث ورقة) فملاحظة ورقة اذن كانت موجهة لمحمد صلى الله عليه وسلم عند تلقيه الوحى، وربما كانت هذه الملاحظة تعنى أنه مادام محمد قد تلقى هذا الوحى فانه مثل موسى وعيسى وأن ما نزل عليه مماثل للتوراة والانجيل، أو على الأقل على الدرجة نفسها أو من النوع نفسه. وهذه الفكرة التى ذكرها ورقة قد تشير أيضا الى أن محمدا لابد أن يكون مؤسسا أو مشرعا لأمة (أو لجماعة أو لمجتمع.Community (واذا كان محمد فى مرحلة تردد- وهذا ما يبدو معقولا- فان هذا التشجيع الذى لاقاه لابد أن يكون ذا أهمية عظمى فى تطوره الداخلى (نموه النفسى) .
وثمة صعوبات طفيفة فيما يتعلق بترتيب الحوادث، فالايات الأخيرة من أول ما نزل من الوحى (
…
الذى علم بالقلم، علم الانسان ما لم يعلم) والتى تشير بتأكيد غالب لوحى سابق، عادة ما يفسر المسلمون اية (الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) على أنها تعنى الذى علم الانسان كيف يستخدم القلم، لكن هذا التفسير لا يوجد ما يدل عليه خاصة اذا كان محمد صلى الله عليه وسلم
Caetani -Ann ،i ،pp. 238. 260. (37)
Ibid ،p. 222 ،n. 6. (38)