الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2-
كان الذين سعوا فى انهاء مقاطعة بنى هاشم من بنى عامر ونوفل وأسد. كما ذكر معهم أيضا مخزومى، ولكن ربما وقف هذا المخزومى ضد غالب عشيرته لأن أمه كانت من بنى هاشم.
3-
كان الذين طلب محمد عليه الصلاة والسلام جوارهم بعد عودته من الطائف من بنى زهرة وعامر ونوفل. وليس منهم أحد من المجموعة (ج) .
4-
كان المسلمون الأوائل الذين لم يهاجروا الى الحبشة أعضاء فى حلف بنى هاشم والمطلب وزهرة وتيم وعدى باستثناء حالتين (كانت ظروفهما غير عادية) ، وهذه حقيقة لها مغزاها حتى لو كان تفسيرها غير مؤكد.
(ب) ادارة الأمور فى مكة
يكاد يكون التنظيم الحكومى الوحيد فى مكة هو الملأ وهو تجمع من شيوخ العشائر وزعمائها. وكان هذا المجلس استشاريا فقط وليس له سلطة تنفيذية، كانت كل عشيرة مستقلة عن غيرها ولها حرية التصرف فى أمورها. لهذا، كانت القرارات المؤثرة التى يصدرها الملأ هى فقط التى تصدر بالاجماع. وكانت هناك بالطبع وسائل للتعامل مع الأقليات المتمردة، وتعتبر مقاطعة العشائر لبنى هاشم والمطلب مثالا لكيفية ممارسة الضغط الاقتصادى والاجتماعى.
يكمن جزء كبير من قوة مكة فى قدرة شيوخها وزعمائها على توحيد فكرهم واضعاف المنافسات الثانوية لصالح المجموع. وتعتبر تسوية النزاع الذى نشب بين الأحلاف والمطيبين أحد الأمثلة على ذلك، كما كان اعداد مكة للقتال بعد هزيمة بدر مثالا اخر. وبجانب هذا المجلس المركزى (الملأ) ، لا شك أنه كانت هناك اجتماعات تعقد بين شيوخ العشائر المستقلة عند الضرورة لمناقشة الأمور، كما حدث عندما جمع أبو طالب
بنى هاشم وبنى المطلب ليحثهم على الموافقة على حماية محمد عليه الصلاة والسلام .
كذلك ذكرت المصادر بعض المهام والوظائف، منها مثلا النسىء (وهو حق تقرير متى يزاد فى شهر قمرى ليتوافق مع السنة الشمسية) ، والسقاية (الاشراف على موارد الماء وتوفيرها للحجيج) والرفادة (اطعام الحجيج) واللواء (حمل العلم فى الحرب أو تعيين من يحمله) ، ويكاد ذلك أن يكون ادارة محلية بالمعنى الذى نفهمه الان أو كما فهمه الاغريق والرومان. وكانت هذه المهام تعتبر امتيازات لأصحابها، وكان بعضها على الأقل يعطى أصحابها فرصة لجمع المال، فبالنسبة للسقاية، كان على الحاج أن يدفع مبلغا فى مقابل استخدام ماء زمزم (لامانس، Lammens مكة، 65) ، كما سمعنا عن ضرائب متنوعة كانت تجبى من الحجاج والتجار، وان كان أسلوب جمعها غير واضح*.
* ذكر ابن كثير فى البداية والنهاية أن جرهم بن قحطان الجرهمى كان نازلا باعلى مكة
…
وكان السميدع سيد قطوراء نازلا بقومه أسفل مكة وكل منهما يعشر من مر به مجتازا الى مكة (أى يأخذ منه عشر ما معه من مال كضريبة) . وكان ذلك قبل قصى بمئات السنين، كما كانت هذه التصرفات وغيرها سببا فى رفض خزاعة لحكم جرهم لمكة فتمالات عليهم وقاتلوهم حتى أجلوهم عن مكة. ثم ان قصيا كان أول من تولى السقاية والرفادة واللواء وجعلها مهام يتشرف بها من يحملها من بعده من ذريته. أما السقاية فلم تكن من زمزم لا فى زمان قصى ولا بعده الى ما قبل مولد الرسول عليه الصلاة والسلام بقليل لأن عمرو بن الحارث سيد جرهم طمر زمزم عندما تأكد من هزيمته أمام خزاعة. وكانت السقاية بعد اعادة حفر زمزم الى عبد المطلب الذى حفرها- طوال حياته، ثم صارت الى ابنه أبى طالب مدة، ثم اتفق أنه أملق فى بعض السنين: فاستدان من أخيه العباس عشرة ألاف الى الموسم الاخر وأنفقها أبو طالب فيما يتعلق بسقاية الحجيج فى عامه. فلما كان العام المقبل لم يكن مع أبى طالب شىء فقال لأخيه العباس: أسلفنى أربعة عشر ألفا أيضا الى العام المقبل أعطك جميع مالك، فقال له العباس: بشرط ان لم تعطنى تترك السقاية لى أكفلها، فقال نعم، فلما جاء العام الاخر لم يكن مع أبى طالب ما يعطى العباس فترك له السقاية فصارت اليه ثم انتقلت فى ذريته الى أن أخذها المنصور (البداية والنهاية لابن كثير) .
وكان تأثير الفرد فى مجريات الأمور فى مكة يقوم على أمرين:
عشيرته وكفاءته الشخصية. وكانت قوة العشيرة تتناسب مع ثروتها بالرغم من أن الثروة فى مثل هذا المجتمع التجارى كانت متحركة الى درجة كبيرة وتتغير تبعا لمدى الأعمال التى يمارسها الفرد والعشيرة ونجاحها، وقد تكون البداية ثروة موروثة وعلاقات عمل، ولكن كان تأثير الفرد فى النهاية يعتمد أساسا على صفاته الشخصية: دهائه التجارى والاقتصادى، سياسته مع العشائر والقبائل الاخرى ومع ممثلى القوى الكبرى، وقدرته على فرض رئاسته على أقرانه فى العشيرة والدوائر الأوسع. فلم تكن سيطرة أبى سفيان على سياسة مكة فى بداية بعثة محمد عليه الصلاة والسلام لأنه كان متوليا منصبا له سلطة، بل لأهمية عشيرته بنى عبد شمس أو أمية وثروتها ولأنه كان يتمتاع بالصفات التى ذكرناها. وكانت العشيرة الاخرى ذات السيادة فى ذلك الوقت هى بنى مخزوم، ولذلك كان لأعضائها البارزين- مثل الوليد بن المغيرة وأبى جهل- دور هام فى ادارة شئون مكة.
قد يكون من الطريف المقارنة بين مكانة أبى سفيان فى مكة وبير كليس فى أثينا. كانت الديموقراطية العربية أقل مساواة منها فى أثينا. فقد كان كل فرد فى العشيرة فى مكة لا يمثل الا فردا واحدا ولم يكن هناك من يمثل أكثر من واحد، ومع ذلك تمكن العرب بطريقة أو أخرى من ايجاد وسيلة لاختيار الأعضاء البارزين فى العشيرة الذين يحضرون اجتماعات الملأ.
وكان الملأ المكى أكثر حكمة ومسئولية من الاكليزيه ekklesia الأثينى، ونتيجة لذلك كانت قراراته تتخذ بناء على الجدارة الحقيقية
ونفهم من ابن كثير أن السقاية كانت بدون مقابل. أما الرفادة، فقد ذكر ابن هشام والطبرى وابن كثير أن قصيا جمع أهل مكة فقال لهم: انكم جيران الله وأهل بيته الحرام، وان الحاج ضيف الله وزوار بيته، وهم أحق الضيف بالكرامة، فاجعلوا لهم شرابا وطعاما أيام هذا الحج حتى يصدروا عنكم، ففعلوا فكانوا يخرجون لذلك كل عام من أموالهم فيدفعونه اليه فيصنعه طعاما للناس أيام منى، فجرى ذلك من أمره على قومه فى الجاهلية حتى قام الاسلام، ثم جرى فى الاسلام بعد ذلك.