الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَمِنَ النّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} فيقولون: الملائكة بنات الله، والقرآن أساطير الأولين، وينكرون البعث وإحياء من صار ترابا. {وَيَتَّبِعُ} في جداله وعامة أحواله. {كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ} متمرد عات، متجرد للفساد.
{كُتِبَ عَلَيْهِ} قضي على الشيطان. {أَنَّهُ مَنْ تَوَلاّهُ} اتبعه. {فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ} أي كتب عليه إضلال من يتولاه؛ لأنه جبل عليه. {وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ} أي يدعوه إلى النار، ويحمله على ما يؤدي إليه.
نزول الآيتين (1 - 2):
روي أن هاتين الآيتين نزلتا ليلا في غزوة بني المصطلق، فقرأهما رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس، فلم ير باكيا أكثر من تلك الليلة، وأصبح الناس بين باك وجالس حزين متفكر.
نزول الآية (3):
{وَمِنَ النّاسِ} : أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله: {وَمِنَ النّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ} قال: نزلت في النضر بن الحارث.
التفسير والبيان:
يأمر الله تعالى عباده بتقواه، ويخبرهم عما يستقبلون من أهوال القيامة وزلازلها وأحوال الآخرة، فيقول:
{يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ، إِنَّ زَلْزَلَةَ السّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} أي يا أيها البشر قاطبة، احذروا عقاب ربكم، بطاعته وعدم عصيانه، فإن زلزلة القيامة أو حركتها الشديدة حين قيامها قبل قيام الناس من قبورهم شيء عظيم الهول، خطير الوقع. وذلك بدليل قوله تعالى:{إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها، وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها} [الزلزلة 2/ 99 - 1] وقوله: {وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ، فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً، فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ} [الحاقة: 14/ 69 - 15]
وقوله: {إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا، وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا، فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا} [الواقعة 4/ 56 - 6].
وأوصاف ذلك اليوم هي:
1 -
{يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمّا أَرْضَعَتْ} يوم تذهل الزلزلة كل مرضعة عن وليدها الرضيع. والذهول: الغفلة عن الشيء مع دهشة، والمرضعة:
التي هي في حال الإرضاع، ملقمة ثديها الصبي. والمرضع: المستعدة للإرضاع أو التي من شأنها أن ترضع، وإن لم تباشر الإرضاع، في حال وصفها به، وقوله:
{عَمّا أَرْضَعَتْ} أي إرضاعها أو عن الطفل الذي ترضعه.
2 -
{وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها} أي وتسقط الحامل جنينها من بطنها من شدة الهول والخوف والفزع.
قال الحسن البصري: تذهل المرضعة عن ولدها لغير فطام، وتضع الحامل ما في بطنها لغير تمام.
3 -
{وَتَرَى النّاسَ سُكارى.} . أي وترى الناس كالسكارى من الخوف، وهم في الحقيقة والواقع غير سكارى من الشراب، ولكن شدة العذاب أفقدتهم عقولهم وتمييزهم.
ومع هذا التحذير الشديد ينكر بعض الناس البعث ويجادل في المغيبات بغير علم، فيقول تعالى:
{وَمِنَ النّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} أي وبعض الناس من يجادل في صفات الله وأفعاله، وقدرته على البعث وغيره بغير علم صحيح، ولا عقل رشيد، ويتبع في جداله بالباطل خطوات كل شيطان متمرد عات، فهو لا يجادل بالحق، وإنما يجادل بالباطل.