المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

{كَبِيرُهُمْ هذا} مبتدأ وخبر.   ‌ ‌البلاغة: {ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ} - التفسير المنير - الزحيلي - جـ ١٧

[وهبة الزحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌سورة الأنبياء

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌الأولى:

- ‌والثانية:

- ‌فضلها ومزيتها:

- ‌مشتملاتها:

- ‌غفلة الناس عن الحساب يوم القيامة ودليل ذلك

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌بشرية الرسل وإنجاز الوعد لهم وجعل القرآن عظة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الإنذار بعذاب الاستئصال والتذكير بعجائب الخلق

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌توبيخ المشركين وإثبات الوحدانية

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌توبيخ آخر للمشركين على عدم تدبر آيات الكونالدالة على وجود الإله الواحد

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌1 - فتق السموات عن الأرض:

- ‌3 - جعل الجبال رواسي الأرض:

- ‌4 - إيجاد الطرق مسالك بين الجبال:

- ‌ جعل السماء سقفا للأرض:

- ‌6 - خلق الليل والنهار والشمس والقمر:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌موت جميع الخلائق ومجيء القيامة أو عذاب النار بغتة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (34):

- ‌نزول الآية (36):

- ‌نزول الآية (37):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حراسة الله وحفظه للإنسان وعدل الحساب

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة الأولى-قصة موسى عليه السلاممقارنة بين خصائص التوراة وخصائص القرآن

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌1 - خشية الله في السر:

- ‌2/ 67].2 -الخوف من يوم القيامة:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة الثانية-قصة إبراهيم عليه السلام

- ‌1 -إنكار عبادة الأصنام والدعوة إلى توحيد الله تعالى

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌2 -النقاش الحاد بين إبراهيم وقومه بعد كارثة تكسير الأصنام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌3 -الانتصار الساحق لإبراهيم-نجاته من النار

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌4 -نعم أخرى على إبراهيم وإنجاؤه مع لوط إلى الأرض المباركة

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة الثالثة-قصة لوط عليه السلام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة الرابعة-قصة نوح عليه السلام

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة الخامسة-قصة داود وسليمان عليهما السلام

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة السادسة-قصة أيوب عليه السلام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌أضواء على قصة أيوب عليه السلام:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة السابعة-قصة إسماعيل وإدريس وذي الكفلعليهم السلام

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة الثامنة-قصة يونس عليه السلام

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القصة التاسعة والعاشرة-قصة زكريا ويحيى عليهما السلاممع قصة مريم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وحدة الرسالات السماوية والسنّة الإلهية

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أحوال الكافرين والمؤمنين في الآخرة وحال السماء فيها

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌نبي الرحمة المهداة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة الحج

- ‌تسميتها:

- ‌صلتها بما قبلها:

- ‌مشتملاتها:

- ‌فضلها:

- ‌الأمر بتقوى الله تعالى

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌نزول الآيتين (1 - 2):

- ‌نزول الآية (3):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الاستدلال بخلق الإنسان والنبات على البعث

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أحوال الناسالجدال بالباطل والإيمان المضطرب وجزاء المؤمنين الصالحين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (8):

- ‌نزول الآية (11):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حال اليائس من نصرة الرسول وإنزال الآيات البينات

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الفصل الإلهي بين الأمم وخضوع كل ما في الكون لعزة الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء الكافرين والمؤمنين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌المنع من المسجد الحرام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تعيين مكان البيت الحرام والأمر بالحج إليه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تعظيم حرمات الله وشعائره

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌التسمية عند ذبح البدن والأكل والإطعام منها

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌دفاع الله عن المؤمنين وأسباب مشروعية القتال

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (38):

- ‌نزول الآية (39):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الاعتبار بهلاك الأمم السابقة

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تحديد مهمة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إحكام الوحي وصونه عن الشياطينقصة الغرانيق

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وعده الكريم بالنصر والجنة للمهاجرين المقاتلين دفاعا عن النفس

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌من دلائل قدرة الله تعالى

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌لكل أمة شريعة ومنهاج ملائمان

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌بعض أباطيل المشركين وتحديهم بخلق ذبابة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أوامر التشريع والأحكام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

الفصل: {كَبِيرُهُمْ هذا} مبتدأ وخبر.   ‌ ‌البلاغة: {ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ}

{كَبِيرُهُمْ هذا} مبتدأ وخبر.

‌البلاغة:

{ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ} استعارة، شبه رجوعهم عن الحق إلى الباطل بانقلاب الشخص حتى يصبح أسفله أعلاه بطريق الاستعارة.

‌المفردات اللغوية:

{قالُوا} أي بعد رجوعهم من مجتمعهم في يوم العيد، ورؤيتهم ما فعل. {قالُوا} الثانية:

أي بعضهم لبعض. {يَذْكُرُهُمْ} أي يعيبهم ويسبهم. {عَلى أَعْيُنِ النّاسِ} أي معاينا ظاهرا بمرأى منهم، بحيث تتمكن صورته في أعينهم تمكن الراكب على المركوب. {لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ} عليه بفعله أو قوله، أو يحضرون عقوبتنا له.

{قالُوا} بعد إتيانه {أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا} حين أحضروه. {قالَ: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا} أسند الفعل إليه تجوّزا وتعريضا لهم بأن الصنم المعلوم عجزه عن الفعل لا يكون إلها، وإنما هو متسبب لما حصل، والقصد تبكيتهم وإلزامهم الحجة وحملهم على ترك الوثنية، أو للاستهزاء بهم، ولهذا قال:{فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ} أي اسألوا هذه الأصنام عن الفاعل الذي كسرها إن كانوا يقدرون على النطق.

وما روي في الصحيحين وعند أحمد عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات» تسمية للمعاريض كذبا، لما شابهت صورتها صورته. وجملة {فَسْئَلُوهُمْ..} . فيه تقديم جواب الشرط.

{فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ} أي راجعوا عقولهم، وفكروا وتدبروا {فَقالُوا} لأنفسهم {إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظّالِمُونَ} بعبادتكم من لا ينطق. {ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ} انقلبوا إلى المجادلة بعد ما استقاموا، وعادوا إلى جهلهم، وردوا إلى كفرهم، وقالوا لإبراهيم: والله {لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ} أي فكيف تأمرنا بسؤالهم. وقوله: {ثُمَّ نُكِسُوا.} . شبّه عودهم إلى الباطل بصيرورة أسفل الشيء مستعليا على أعلاه.

‌التفسير والبيان:

هذا هو الفصل الثاني من قصة إبراهيم، الذي يصور مرحلة الغليان والغيظ والحقد عند عبدة الأصنام بعد تكسيرها وتحطيمها، وهي كارثة بالنسبة إليهم تتطلب معرفة الفاعل للثأر منه، وحكاية ذلك:

ص: 78

{قالُوا: مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا} ؟ أي قال عبدة الأوثان قوم إبراهيم، النمروذ وأتباعه، على سبيل الوعيد والتوبيخ، حين رجعوا وشاهدوا تحطيم آلهتهم: من الذي كسر هذه الآلهة؟ وتعبيرهم بالآلهة تشنيع وتهويل، ومبالغة في التعنيف.

{إِنَّهُ لَمِنَ الظّالِمِينَ} أي إن هذا الفاعل في صنيعه هذا لمن الذين ظلموا أنفسهم وعرّض نفسه للإهانة والعقاب، إما لجرأته على الآلهة، وإما لإفراطه في كسرها وتماديه في الاستهانة بها.

{قالُوا: سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ: إِبْراهِيمُ} قال بعضهم الذي سمع قوله المتقدم: {وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ} : سمعنا شابا يعيبهم ويتوعدهم يسمى إبراهيم، فهو الذي فعل بهم هذا. قال ابن عباس: ما بعث الله نبيا إلا شابا، ولا أوتي العلم عالم إلا وهو شاب، وتلا هذه الآية:{قالُوا: سَمِعْنا فَتًى.} ..

وظاهر الآية يدل على أن القائلين جماعة لا واحد، فقد كان يناقشهم ويقول:{ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ} فغلب على أذهانهم أنه الفاعل.

{قالُوا: فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ} أي قال نمروذ وأشراف قومه: إذن فأتوا به على مرأى ومسمع من الناس في الملأ الأكبر، بحضرة الناس كلهم، حتى يروه ويشهدوا عليه، فلا يأخذوه بغير بينة، أو حتى يبصروا ما يصنع به فيكون عبرة. وكان هذا هو مقصود إبراهيم عليه السلام أن يبين في هذا المحفل العظيم كثرة جهلهم، وقلة عقلهم في عبادة هذه الأصنام التي لا تمنع عن نفسها ضرا ولا تنصر أحدا.

{قالُوا: أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ} ؟ أي فلما أتوا به-وهذا كلام محذوف مفهوم-قالوا له: أأنت الذي كسرت هذه الأصنام؟ فأجابهم:

ص: 79

{بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا} أي بل الذي فعل هذا هو الصنم الأكبر، الذي لم يكسره.

وقد نسب الفعل إلى هذا الصنم الأكبر، لما رأى شدة تعظيمهم له، باعتباره المتسبب أو الباعث على الفعل، أي الاستهانة والتحطيم، والفعل كما يسند إلى مباشره يسند إلى المتسبب فيه. أو أنه أقرّ بفعله بأسلوب تعريضي لإلزامهم الحجة وتبكيتهم، كما يقول الصانع الحاذق الشهير أو الخطاط المشهور لمن يسأله عن هذه الصنعة الرائعة أو الخط الجميل: بل أنت صنعت ذلك أو بل أنت كتبت ذلك، والقصد بهذا الجواب تقرير السائل على سؤاله مع الاستهزاء به، لا نفيه عن صاحبه وإثباته للسائل.

{فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ} أي فاسألوا هذه الأصنام عمن كسرها إن كانوا آلهة ينطقون.

وفي ذلك الجواب لفت أنظارهم وتنبيه أذهانهم إلى عقم عبادة الأصنام، فيبادروا من تلقاء أنفسهم للاعتراف بعدم جدواها وأنها أحجار صماء لا تنطق، وجمادات لا تتكلم، فكيف تستحق العبادة؟! وقد أثر الجواب في أفكار هم بدليل قوله الآتي:{فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ} أي فرجع قوم إبراهيم حينئذ على أنفسهم بالملامة، ونسبوا إلى أنفسهم التقصير في عدم الاحتراز وعدم حراسة آلهتهم، ما داموا لا ينطقون، وقالوا:

{فَقالُوا: إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظّالِمُونَ} أي قال بعضهم لبعض: إنكم أنتم الظالمون في ترككم لها مهملة لا حافظ عندها. أو أنتم الظالمون أنفسكم بعبادة ما لا ينطق.

{ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ، لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ} أي ثم أطرقوا في الأرض للتأمل والتفكير، أو عادوا إلى المجادلة بالباطل لإبراهيم وانقلبوا عن حال الاستقامة، واحتجوا على إبراهيم حينما أدركتهم الحيرة بقولهم: إنك تعلم ونحن

ص: 80