الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حسبما يشاء وعلى وفق ما يريد. قيل: إن الوليد بن المغيرة قال: أو أنزل عليه الذكر من بيننا؟ فنزلت الآية.
{إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} أي سميع لأقوال عباده، بصير بهم، عليم بمن يستحق اختياره للرسالة.
{يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ} أي يعلم علما تاما بأحوال الملائكة والرسل والمكلفين، ما مضى منها، وما يأتي فلا يخفى عليه شيء من أمورهم، كما قال:{عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً} -إلى قوله: {وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً} [الجن 26/ 72 - 28].
{وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} أي وإليه يوم القيامة مرجع الأمور كلها، فلا أمر ولا نهي لأحد سواه وهذا إشارة إلى القدرة التامة، والتفرد بالألوهية والحكم. وقوله {يَعْلَمُ.} . {وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} يتضمن مجموعها الزجر عن الإقدام على المعصية.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
1 -
إن عبدة الأوثان مثل كفار قريش يعبدون من غير الله آلهة، ليس لهم دليل سمعي نقلي أو عقلي، لذا توعدهم ربهم بقوله:{وَما لِلظّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} أي ناصر ومعين.
2 -
إن تأصل الكفر والعناد والاستكبار في نفوس أولئك الكفرة، جعلهم في أشد حالات الغضب والعبوس والحقد إذا تليت عليهم آيات القرآن، ويكادون
يبادرون إلى البطش الشديد بمن يحتج عليهم بدلائل القرآن، ويبسطون إليهم أيديهم وألسنتهم بالسوء.
3 -
أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقابل وعيدهم بقوله: هل أخبركم بما هو أسوأ أو أشنع وأكره من تخويفكم المؤمنين وبطشكم بهم ومن هذا القرآن الذي تسمعون؟ إنه نار جهنم وعذابها ونكالها، وعدها الله الذين كفروا يوم القيامة، وبئس المصير، أي الموضع الذي يصيرون إليه وهو النار. فهذا وعيد لهم على سطواتهم بالذين يتلون القرآن.
4 -
ضرب الله مثلا لحال الكفار وأصنامهم؛ لأن حجج الله تعالى عليهم بضرب الأمثال أقرب إلى أفهامهم، وهو في الحقيقة ليس مثلا، وإنما هو لما في صفتهم وحالهم من الاستغراب والتعجب سمي مثلا، تشبيها لتلك الصفة ببعض الأمثال السائرة.
والمعنى: ضربوا لله مثلا فاستمعوا قولهم؛ يعني أن الكفار جعلوا لله مثلا بعبادتهم غيره؛ فكأنه قال: جعلوا لي شبيها في عبادتي، فاستمعوا خبر هذا التشبيه. فالكفار هم ضاربو المثل.
أو أن المعنى: يا أيها الناس، هذا مثل من عبد آلهة لم تستطع أن تخلق ذبابا، وإن سلبها الذباب شيئا لم تستطع أن تستنقذه منه، أي أن الله هو ضارب المثل.
والأدق في المعنى: ضرب الله عز وجل ما يعبد من دونه مثلا، أي بيّن الله لكم شبها ولمعبودكم، فالمثل يشمل العابد والمعبود.
5 -
المثل: هو أن الذين تعبدون من دون الله وهي الأوثان التي كانت حول الكعبة، وعددها ثلاث مائة وستون صنما، لن يقدروا أن يخلقوا ذبابة واحدة،
ولن يستطيعوا الدفاع عن أنفسهم أمام ذبابة إذا أراد أن يأخذ شيئا مما عليها -على الأوثان-من الطيب والزعفران الذي كانوا يطلون به أصنامهم.
لقد ضعف وعجز الطالب وهو الآلهة، والمطلوب: وهو الذباب، أو عابد الصنم والصنم المعبود، فالطالب: يطلب إلى هذا الصنم بالتقرب إليه، والصنم:
المطلوب إليه.
6 -
ما عظّم هؤلاء المشركون الله حق عظمته، حيث جعلوا هذه الأصنام العاجزة شركاء له، وهو القادر القهار، القوي العزيز الذي لا يغالب ولا يمانع، ومن يجرأ على مغالبته؟!.
7 -
الاختيار المطلق لله عز وجل في اصطفاء الملائكة يتوسطون لإبلاغ الوحي إلى الأنبياء، وفي اصطفاء الرسل من البشر لتبليغ الرسالة إلى الناس.
والمراد بالآية: إن الله اصطفى محمدا صلى الله عليه وسلم لتبليغ الرسالة؛ فليس بعثه محمدا أمرا بدعيا.
إن الله سميع لأقوال عباده، بصير بمن يختاره من خلقه لرسالته. وهو سبحانه عليم بكل ما قدموا وما خلفوا، وإليه وحده مرجع الأمور كلها، فيجازي العباد على أعمالهم.