الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصاروا كاملين {وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً} رؤساء يقتدى بهم في الخير {يَهْدُونَ} الناس إلى ديننا {بِأَمْرِنا} أي بأمرنا لهم بذلك {وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ} أي أن يحثوا الناس على فعل الخير، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، فيتم كمالهم بانضمام العمل إلى العلم.
وأصل الكلام: أن تفعل الخيرات. وحذفت تاء {إِقامَ} تخفيفا، وهي الإقامة؛ لقيام المضاف إليه مقامها {عابِدِينَ} موحدين مخلصين في العبادة، ولذلك قدم الصلة وهي لنا ليفيد الإخلاص في العبادة.
المناسبة:
بعد إنجاء إبراهيم من النار، ذكر الله تعالى نعما أخرى عليه وعلى لوط ابن أخيه، وقد قرن مع إبراهيم لما كان بينهما من القرابة والاشتراك في النبوة. ومن تلك النعم: إخراجهما من العراق إلى بلاد الشام الأرض المباركة، ومنها: جعلهما أئمة يقتدى بهم، وإنزال الوحي عليهما لفعل الخيرات، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، ومن النعم على إبراهيم هبته من الذرية إسحاق ويعقوب.
التفسير والبيان:
{وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ} أي ومن نعم الله تعالى على إبراهيم: أنه ولوط عليهما السلام نجاهما إلى الأرض المباركة، بالهجرة من العراق إلى بلاد الشام الأرض المقدسة، والتي بارك الله فيها بكثرة ما بعث فيها من الأنبياء، وانتشرت شرائعهم بين العالمين، كما بارك فيها بخصوبة أراضيها وكثرة أشجارها وأنهارها، فاجتمع فيها خير الدنيا والآخرة. ويقال: هي أرض المحشر والمنشر، وبها ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام، وبها يهلك المسيح الدجال.
وكانت هجرة إبراهيم من كوثى من بلدة «فدان آرام» بالعراق، ومعه لوط وسارّة، فرارا من الشرك والوثنية، والتماسا لمقر التوحيد وعبادة الله، فنزل حرّان، ثم رحل إلى مصر، ثم رجع إلى الشام، فنزل بفلسطين، وأقام لوط في قرى المؤتفكة التي تبعد عن فلسطين مسيرة يوم وليلة.
ثم ذكر تعالى نعما أخرى على إبراهيم بعد نعمتي النجاة من النار والهجرة إلى الأرض المباركة فقال:
1 -
{وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً} أي ومنحنا إبراهيم من الذرية المباركة إسحاق ويعقوب، أو أعطيناه إسحاق إجابة لدعائه، إذ قال:{رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصّالِحِينَ} [الصافات 100/ 37] وزدناه يعقوب نافلة زائدة على ما سأل، كالصلاة النافلة التي هي زيادة على الفرض. وعلى التفسير الأول:
تكون النافلة (أي العطية والمنحة) إسحاق ويعقوب، وعلى التفسير الثاني:
النافلة يعقوب خاصة.
2 -
{وَكُلاًّ جَعَلْنا صالِحِينَ} أي وكلا من الأربعة: لوط وإبراهيم وولديه، أو: وكلا من إبراهيم وإسحاق ويعقوب، جعلنا الجميع أهل خير وصلاح، يطيعون ربهم، ويتجنبون محارمه، أو جعلناهم أنبياء مرسلين، والأول أقرب لشموله الكل.
ووصفهم بالصلاح يدل على أن الأنبياء معصومون.
3 -
{وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا} أي وصيرناهم قادة وأئمة يقتدى بهم، يدعون إلى دين الله بإذنه، وإلى الخيرات بأمره. وفيه دلالة على أن من صلح للقدوة في دين الله موفق مهدي للدين الحق وطريق الاستقامة، وليس له أن يخل بمقتضى الهداية ويتثاقل عنها.
4 -
{وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ} أي وأنزلنا عليهم أن يفعلوا الخيرات وهي الأعمال الصالحات من فعل الطاعات وترك المحرّمات. وهذا يدل على أنه سبحانه خصهم بشرف النبوة، وذلك من أعظم النعم على الأب إبراهيم عليه السلام.
6، 5 - {وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ} أي وأوحينا إليهم أن يقيموا الصلاة