الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
روى البخاري عن ابن عباس أن إبراهيم لما ألقوه في النار قال: «حسبي الله ونعم الوكيل، وقالها محمد عليهما السلام حين قالوا: {إِنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ، فَزادَهُمْ إِيماناً، وَقالُوا: حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}» [آل عمران 173/ 3].
وروى الحافظ أبو يعلى عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما ألقي إبراهيم عليه السلام في النار قال: اللهم إنك في السماء واحد، وأنا في الأرض واحد أعبدك» .
وعن أبيّ بن كعب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن إبراهيم حين قيدوه وألقوه في النار قال: لا إله إلا أنت سبحانك ربّ العالمين، لك الحمد، ولك الملك لا شريك لك» قال: ثم رموا به في المنجنيق من مضرب شاسع، فاستقبله جبريل، فقال: يا إبراهيم؟ ألك حاجة؟ قال: «أما إليك فلا» فقال جبريل: فاسأل ربك، فقال:«حسبي من سؤالي علمه بحالي» فقال الله تعالى: {يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ}
(1)
.
{وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً، فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ} أي وأراد قوم إبراهيم به مكرا وتدبيرا يؤذيه ويقتله، فجعلناهم المغلوبين الأسفلين، ونجاه الله من النار.
فقه الحياة أو الأحكام:
هذه الآيات عبرة لمن اعتبر، إنها تمثل موقف المجاهد الصابر في سبيل دعوته إلى التوحيد والحق والفضيلة، وموقف المعادي الجاهل المناصر للباطل والشرك والوثنية.
لقد دبّر قوم إبراهيم له طريقا للخلاص منه، وأرادوا إحراقه وتعذيبه بأشد أهوال العذاب، ومعاقبته بالنار؛ لأنها أشد العقوبات، وجمعوا الحطب وأوقدوا
(1)
تفسير القرطبي: 303/ 11
النار، واشتعلت واشتدت، ثم قيدوا إبراهيم ووضعوه في المنجنيق مغلولا. وهذا من أشد وأعتى ما يفعله البشر، ولكن أين الله؟! لقد كانت النتيجة مروعة مذهلة مدعاة للعجب والاستغراب، وفوق حدود التصورات البشرية، فسلخ الله تعالى من النار خاصية الإحراق، ونجا إبراهيم وخرج من النار كأنه يخرج من حمام أمام الجموع الغفيرة المشاهدة، ولم تحرق النار إلا وثاقه في أول ملامستها له، وتلك معجزة تدعو إلى الإيمان بحق، وتستدعي التأمل في تدبير البشر ومكرهم، وفي تدبير الله الأعظم الذي يبدد كل تدبير، ويحبط كل مسعى شرير، فنجاه الله من النار، وجعلهم الأخسرين المغلوبين الأسفلين؛ لأنهم أرادوا به التحريق، فخاب مرادهم.
روى ابن أبي حاتم عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن إبراهيم حين ألقي في النار، لم يكن في الأرض دابة إلا تطفئ النار غير الوزغ
(1)
، فإنه كان ينفخ على إبراهيم».
وقال عطية العوفي: لما ألقي إبراهيم في النار، جاء ملكهم لينظر إليه، فطارت شرارة، فوقعت على إبهامه، فأحرقته مثل الصوفة.
آمنت بالله وحده لا شريك له، فهو صاحب القدرة المطلقة، إذا أراد شيئا قال له:{كُنْ فَيَكُونُ} .
(1)
الوزغ: دويبة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلها وسماها فويسقة.