الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أوامر التشريع والأحكام
الإعراب:
{مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ} {مِلَّةَ} : إما منصوب بفعل مقدر، أي اتبعوا ملة أبيكم، وإما منصوب على البدل من موضع الجار والمجرور، وهو قوله:{فِي الدِّينِ} لأنه منصوب بجعل.
وإما منصوب بنزع الخافض وهو الكاف، أي كملة أبيكم إبراهيم، أي وسع عليكم في الدين كملة إبراهيم، وهذا بعيد. ويجوز نصبه على الإغراء أو على الاختصاص. و {إِبْراهِيمَ}: عطف بيان.
{هُوَ سَمّاكُمُ}
…
{وَفِي هذا} {هُوَ} : يراد به الله تعالى، أو يراد به إبراهيم. {وَفِي هذا}: أي سماكم المسلمين في هذا القرآن، وفاعل {سَمّاكُمُ} ضمير يعود على الله أو على إبراهيم.
البلاغة:
{اِرْكَعُوا وَاسْجُدُوا} مجاز مرسل، من إطلاق الجزء على الكل، أي صلوا باعتبار الركوع والسجود من أهم أركان الصلاة.
{اِرْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} فيه ذكر العام بعد الخاص للعناية بشأن الخاص، ثم ذكر الأعم.
المفردات اللغوية:
{اِرْكَعُوا وَاسْجُدُوا} أي صلوا. {وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ} وحّدوه وتعبّدوه بسائر ما تعبدكم به.
{وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} أي افعلوا ما هو خير وأصلح فيما تأتون وتذرون، كنوافل الطاعات، وصلة
الأرحام، ومكارم الأخلاق. {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} أي افعلوا هذه كلها، وأنتم راجون الفلاح، غير متيقنين له. والآية آية سجدة عند الشافعية، لظاهر ما فيها من الأمر بالسجود،
ولقوله صلى الله عليه وسلم:
«فضلت سورة الحج بسجدتين، من لم يسجدهما، فلا يقرأهما» .
{وَجاهِدُوا فِي اللهِ} أي في سبيله ومن أجله أعداء دينه. {حَقَّ جِهادِهِ} أي جهادا حقا خالصا لوجهه، وأضيف الحق إلى الجهاد مبالغة، كقولك: هو حق عالم. وأضيف الجهاد إلى الضمير اتساعا، أو لأنه مختص بالله. والجهاد: استفراغ الوسع في مجاهدة العدو، وهو ثلاثة أنواع: مجاهدة العدو الظاهر كالكفار، ومجاهدة الشيطان، ومجاهدة النفس والهوى، وهذه أعظمها،
فقد أخرج البيهقي وغيره عن جابر قال: «قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قوم غزاة، فقال: قدمتم خير مقدم، قدمتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، قيل: وما الجهاد الأكبر؟ قال: مجاهدة العبد هواه» .
وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه رجع من غزوة تبوك، فقال:«رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر»
(1)
.
{هُوَ اجْتَباكُمْ} اختاركم لدينه ولنصرته، وفيه تنبيه على مقتضي الجهاد والداعي إليه.
{حَرَجٍ} ضيق وعسر ومشقة، بتكليفكم ما يشق عليكم، بأن سهله عند الضرورات، كقصر الصلاة الرباعية، والتيمم، وأكل الميتة، والفطر للمريض والمسافر. وفيه إشارة إلى أنه لا عذر لأحد في ترك التكليف، فهو إما عزيمة، وإما رخصة،
قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن ماجه عن أبي هريرة: «إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم» .
{مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ} أي شريعته، وإنما جعل أبا للمسلمين؛ لأنه أبو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو كالأب لأمته، من حيث إنه سبب لحياتهم الأبدية، أو لأن أكثر العرب كانوا من ذريته، فغلّبوا على غيرهم.
{مِنْ قَبْلُ} أي من قبل القرآن في الكتب المتقدمة. {وَفِي هذا} أي القرآن. {هُوَ سَمّاكُمُ} الضمير يعود إلى الله، بدليل قراءة:«الله سماكم» أو لإبراهيم، لقوله المتقدم:{وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} . {لِيَكُونَ الرَّسُولُ} متعلق بسماكم. {شَهِيداً عَلَيْكُمْ} يوم القيامة بأنه بلّغكم، فيدل على قبول شهادته لنفسه، اعتمادا على عصمته. {وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ} بتبليغ الرسل إليهم، أي تكونوا أنتم شهداء على الناس أن رسلهم بلّغوهم.
{فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ} أي فتقربوا إلى الله بأنواع الطاعات، لما خصكم بأنواع الفضل والشرف. {وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ} أي وثقوا به في مجامع أموركم، ولا تطلبوا الإعانة والنصرة إلا منه.
{هُوَ مَوْلاكُمْ} ناصركم ومتولي أموركم. {فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} هو؛ إذ لا مثل له في الولاية والنصرة، بل لا مولى ولا ناصر سواه في الحقيقة.
(1)
انظر تخريج الحديث ودرجة ضعفه في كشف الخفا.