الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المشرق العربي في أغلبية أقطاره لدى العارفين بالإنجليزية.
خاتمة
ما أكثر الأخطاء التي تجري على الألسنة والأقلام ويضيق حجم هذا المعجم عن تصحيحها! ويمكن القول إنها لا تُعدّ ولا تحصى. وأعترف أن تكاثرها أرغمني على الاقتصار على ما جاء منها هذا المعجم، مفضلا الاختصار حتى لا يصبح موسوعة لغوية لا يستفيد منها إلا النخبة والخواص.
لذا أؤكد على أن ما صححه هذا المعجم من أخطاء لا يعدو أن يكون نماذج يمكن لباحثين لغويين آخرين أن ينسجوا على منوال هذا الكتاب ليصححوا ما لم يصححه.
وأود في ختام حلقات هذا المعجم أن أؤكد على الخواطر التالية:
اعتمدت في منهجية الكتاب على التمييز بين معاني المترادفات، لتدقيق معاني المفردات حتى يُستعمل كلُّ مترادف للدلالة على مفهوم خاص متميز، وحتى تتحقق وحدة اللغة كما هو شأن اللغات الحية الأخرى.
إنني على سبيل المثال لا أعتبر أن الفرح يعبر عنه بكلمات السرور، والاغتباط، والابتهاج، والجَدل، وما إلى ذلك من المترادفات، بل أعطي لهذه الكلمات مدلولا خاصا أستنبطه مما يوجد في جذر الكلمة من معنى مشترك تلتقي عليه المشتقاة مثال ذلك: أن الفعل الثلاثي
"عَبَر" المركّب من حرف العين والباء والراء يوحي بأن اجتماع هذه الحروف الثلاثة في الكلمة الواحدة يعني التجاوز، فيقال عبر النهر إذا تجاوز شاطئه الأدنى إلى الشاطئ الآخر. وعليه فالتعبير يعني تجاوز المفكّر فيه إلى النطق به، والعِبرة (بكسر العين) تعني تجاوز الحدث إلى استخلاص دروسه. ومن هنا أقول إن العَبْرة (بفتح العين) ليست هي فقط الدمعة، بل الدمعة التي تسيل على جزء من الخد بعد أن تجتاز المآقي، وأن العبير ليس هو العِطر، وإنما هو العِطر حين يجتاز قاروته ويفوح. وهكذا دواليك.
بتتبعي للأخطاء اللغوية انتهيت إلى أن السبب في ذلك هو اعتماد المنهجية الجديدة في تعليم اللغة، إذ أصبح التلميذ لا يدرس قواعد اللغة نحوا وصرفا كمادة خاصة، ولكن يلقنها له المعلم من خلال قراءة نص في مادة التلاوة (أو المطالعة) . وهذا لا يكفي لامتلاك قواعد اللغة التي تقي من يدرسها ارتكاب الخطأ.
يوضع شكل الكلمات في اللغات الأجنبية بجانب الحرف جزءا من الكلمة، بينما لا تُشْكَل كلمات اللغة العربية، فينطق بها كل واحد كما تيسر له. وقضية الشكل مطروحة للنقاش وينصح بعض اللغويين بإدخال الشكل، وهو توجه سديد، لكن
من شأنه أن يقطع الصلة بين الأجيال والتراث العربي غير المشكول، إذ ستصبح ناشئتنا العربية عاجزة عن قراءة ما يزخر به تراثنا وجميعه غير مشكول.
مما ساعد على تفشي الأخطاء ميل الإعلام (صحيفة، وكتابا، وإذاعة، وتلفزيونا) إلى استعمال اللهجات المحلية (أو القُطْرية) بدلا من الفصحى، ولهجاتنا لا تتقيد بقواعد الفصحى. وحين ينطق المتحدث باللغة التي تزاوج بين الفصحى واللهجة، يغلب عليه أن ينطق بالكلمة الفصيحة كما ينطق بها في اللهجة، فينصب (مثلا) الكلمة في محل الرفع، أو يرفعها في محل النصب، أو يلجأ إلى الجزم
(السكون) عملا بمدأ من جزم سلِم، لكنه لا يسلم من الخطأ وهو لا يدري. يقول العراقيون (مثلا) لن يخرجون لأن اللهجة العراقية تثبت النون في جميع حالات الإعراب، والمغربي يقول لم يَقْرَوْ ولن يَقْرَوْ، فيستعمل الدارجة المغربية مقرونة بأدوات الإعراب في الفصحى.
هذه بعض الأفكار التي أطرحها للعناية بها من لدن الباحثين اللغويين المتخصصين، مهيبا بهم أن يفكروا فيها ويختاروا لها حلولها، إنقاذا للغتنا، وضبطا لتعليمها، ومساعدة لها على المزيد من الانتشار.