الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{إِلاّ رَحْمَةً مِنّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ} {إِلاّ} هنا: استثناء منقطع، تقديره: ولكن برحمتنا نسيركم في البر والبحر، ونحفظكم من الغرق، ونسلمكم إلى أجل مسمى، ونمتعكم بالحياة الدنيا إلى وقت معلوم عند الله عز وجل، وهو الموت.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
1 -
من الأدلة الدالة على وجود الله وتوحيده وكمال قدرته على البعث وإحياء الموتى وغير ذلك: إحياء الأرض الهامدة بالنبات الأخضر، وإخراج الحب منه، الذي هو قوام الحياة وأساس القوت والمعاش.
2 -
ومن الأدلة أيضا خلق بساتين في الأرض من نخيل وأعناب، وتفجير الينابيع في البساتين للأكل من ثمر ماء العيون، أو من ثمر المذكور وهو ثمر الجنات والنخيل، ومن الذي عملته أيدي الناس من الثمار، ومن أصناف الحلاوات والأطعمة، ومما اتخذوا من الحبوب كالخبر وأنواع الحلويات.
وخصص النخيل والأعناب بالذكر، لأنهما أعلى الثمار، كما تقدم.
3 -
تستوجب هذه النعم شكر الخالق المنعم المتفضل، وشكره بعبادته، والإذعان لسلطانه وإرادته.
4 -
يجب تنزيه الخالق عما لا يليق به، والبعد عن صنيع الكفار الذين عبدوا غير الله، مع ما رأوا من نعمه وآثار قدرته.
5 -
إن آثار قدرة الله ومظاهرها في العالم كثيرة، منها خلق النباتات والثمار المختلفة والألوان والطعوم والأشكال والأحجام صغرا وكبرا. ومنها خلق الأولاد
والأزواج أي ذكورا وإناثا، ومنها خلق أصناف أخرى لا يعلمها البشر في البر والبحر والسماء والأرض.
وإذا كان الله قد انفرد بالخلق، فلا ينبغي أن يشرك به.
6 -
ومن العلامات الدالة أيضا على توحيد الله وقدرته ووجوب ألوهيته:
تعاقب الليل والنهار وما يتبعهما من ظلمة وضوء لتحقيق مصالح العباد، وضبط السنين والحساب، وجريان الشمس لمستقرّ لها هو محورها أو نهاية سيرها يوم القيامة، وتقدير القمر ذا منازل هي ثمانية وعشرون منزلا، ينزل القمر كل ليلة بمنزل منها، فإذا صار في آخرها، عاد إلى أوّلها، فيقطع الفلك في ثمان وعشرين ليلة، ثم يستتر، ثم يطلع هلالا، فيعود في قطع الفلك على المنازل، وهي منقسمة على البروج، لكل برج منزلان وثلث.
ومنها جعل مدار مستقل وسلطان منفرد لكل من الشمس والقمر والأرض، فلا يدخل أحدها على الآخر، وإنما كل من الشمس والقمر والنجوم يجري في فلك خاص به.
7 -
ومن دلائل قدرة الله ورحمته: حمل ذرية القرون الماضية والحاضرة والمقبلة في السفن المملوءة بالسلع والأمتعة، وخلق وسائط أخرى للركوب مماثلة للسفن وهي الإبل سفائن البراري، ووسائل النقل الحديثة في البر والجو من سيارات وقطارات وطائرات ومناطيد (أو مطاود) ونحوها.
والله قادر على إغراق ركاب السفن في البحار، فيصبحون دون مغيث ولا مجير ولا منقذ مما ألم بهم، ولكن رحمته تعالى اقتضت إبقاءهم وإنقاذهم ليتمتعوا بمتاع الحياة الدنيوية إلى آجالهم المرسومة، وأعمارهم المحدودة، والتمتع إلى حين هو الموت.