الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذلك كقوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ، فَلَمّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ، ما زادَهُمْ إِلاّ نُفُوراً} [فاطر 42/ 35] وقوله سبحانه: {أَنْ تَقُولُوا: إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا، وَإِنْ كُنّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ. أَوْ تَقُولُوا: لَوْ أَنّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنّا أَهْدى مِنْهُمْ، فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ، فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللهِ، وَصَدَفَ عَنْها، سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا سُوءَ الْعَذابِ بِما كانُوا يَصْدِفُونَ} [الأنعام 156/ 6 - 157].
فقه الحياة أو الأحكام:
يستنبط من الآيات ما هو آت:
1 -
من أكاذيب المشركين الوثنيين وافتراءاتهم أنهم قالوا: البنات لله.
والملائكة بنات الله، والملائكة إناث، وكل ذلك باطل، لأنهم نسبوا لله الولد وهو الذي لم يلد ولم يولد، وكان يستنكفون من البنت، والشيء الذي يستنكف المخلوق منه، كيف يمكن إثباته للخالق، ولم يشهدوا كيفية تخليق الله الملائكة، فكيف يزعمون أنهم إناث؟!! 2 - لكل هذا وبخهم الله تعالى بجمل متتابعة متكررة من الاستفهامات المذكورة في الآيات، والتي تناقض الحس والعقل والمنطق والنظر، ولا دليل عليها من نقل يوثق به، ولا تعتمد على حجة وبرهان.
3 -
قال كفار قريش: الملائكة بنات الله، جاعلين نسبا بينه وبينهم، والملائكة مبرؤون من هذا الزعم، ويعلمون يقينا أن أولئك الكفار محضرون للعذاب في نار جهنم.
4 -
نزّه الله تعالى نفسه عما قالوا من الكذب، وعما وصفوا من المزاعم،
وذلك تنزيه واجب واقع لا شك فيه، يستحق ربنا به تمام الحمد والشكر على تعريفنا بما يجب لذاته الكريمة من تقديس.
5 -
إن عباد الله المخلصين لله العبادة، المتبعين أوامر ربهم، هم الناجون.
6 -
لا يقر هؤلاء الكفار ولا آلهتهم التي يعبدون من دون الله على حمل أحد على الضلال إلا إذا كان سبق في علم الله أنه من أهل النار، لإصراره على الكفر، وعدم استعداده للإيمان.
قال الرازي: وهذا دليل لأهل السنة على أنه لا تأثير لإغواء الشيطان ووسوسته، وإنما المؤثر قضاء الله وتقديره، لأن قوله تعالى:{فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ} تصريح بأنه لا تأثير لقولهم، ولا تأثير لأحوال معبوديهم في وقوع الفتنة والضلال. وقوله تعالى:{إِلاّ مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ} يعني إلا من كان كذلك في حكم الله وتقديره
(1)
. وهي رد على القدرية. فإن حكم الله وقدره لا جبر فيه ولا إكراه.
7 -
وصف الملائكة أنفسهم بثلاث صفات، تعظيما لله عز وجل، واعترافا بالعبودية له، وإنكارا منهم عبادة من عبدهم، وهي: أن لكل واحد منهم مرتبة لا يتجاوزها، ودرجة لا يتعدى عنها، وأنهم صافون صفوفا في أداء الطاعات ومنازل الخدمة والعبودية، وأنهم دائما يسبحون الله تعالى، والتسبيح: تنزيه الله عما لا يليق به.
وجاءت الصفتان الثانية والثالثة بصفة الحصر، ومعناه: أنهم في مواقف العبودية لا غيرهم، وأنهم هم المسبحون لا غيرهم، وذلك يدل على أن طاعات البشر ومعارفهم بالنسبة إلى طاعات الملائكة وإلى معارفهم كالعدم، حتى يصح هذا الحصر، كما ذكر الرازي. ثم عقب على ذلك قائلا: فكيف يجوز مع هذا الحصر أن
(1)
تفسير الرازي: 170/ 26