الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للقصص، لأن يونس عليه السلام لما لم يصبر على أذى قومه، وأبق إلى الفلك، وقع في تلك الشدائد، وفي هذا عبرة ودرس وتعليم للنبي ص ليصبر على أذى قومه.
جاء في الصحيحين عن رسول الله ص أنه قال: «ما ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى» ونسبه إلى أمه،
وفي رواية: إلى أبيه.
التفسير والبيان:
ذكر الله يونس في القرآن باسمه أربع مرات
(1)
، وذكره بوصفه مرتين، في سورة الأنبياء:{وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً} [87] وفي سورة القلم:
{وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ، إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ} [48].
{وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} إن يونس بن متى وهو ذو النون أحد الأنبياء المرسلين إلى قومه أهل نينوى بالموصل. قال المفسرون: كان يونس قد وعد قومه العذاب، فلما تأخر عنهم العذاب، خرج عنهم وقصد البحر، وركب السفينة، فكان كالفارّ من مولاه، فوصف بالإباق.
{إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ، فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} أي اذكر حين هرب من قومه مغاضبا قومه إلى السفينة المملوءة بغير إذن ربه، فقارع أهل السفينة، فكان من المغلوبين في القرعة التي اقترعوها ليلقوا بعضهم في البحر، خوفا من غرق السفينة الثقيلة الحمولة، فألقوه في البحر بعد أن وقعت القرعة عليه ثلاث مرات.
وأصل الإباق: هرب العبد من السيد، لكن لما كان هربه من قومه بغير إذن ربه، وصف به.
{فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ} فابتلعه الحوت، وهو مليم نفسه على ما فرط
(1)
في سورة النساء (163) والأنعام (86) ويونس (98) والصافات (139).
منها أو هو آت ما يلام عليه، من ترك قومه بغير إذن ربه، وكان عليه أن يصبر على أذى قومه. والخروج بغير إذن الله كبيرة على الأنبياء، لأن حسنات الأبرار سيئات المقربين.
{فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ، لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} أي لولا أنه كان في حياته من الذاكرين الله كثيرا، المسبحين بحمده، المصلين له، للبث ميتا في بطن الحوت، وصار له قبرا إلى يوم القيامة، لأن العادة أن يهضم كسائر أنواع الغذاء.
جاء في الحديث الصحيح الذي ذكره النووي في الأربعين النووية عن ابن عباس في رواية غير الترمذي: «تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة» وكما كان مسبّحا ربه في حياته، سبح الله في بطن الحوت، كما قال عز وجل:
{فَنادى فِي الظُّلُماتِ: أَنْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ، سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ، فَاسْتَجَبْنا لَهُ، وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ، وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء 87/ 21 - 88].
{فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ} ألقيناه، بأن جعلنا الحوت يلقيه، في مكان خال ليس فيه شجر ولا نبت ولا بناء، على جانب دجلة، وهو عليل الجسم ضعيف البدن، كهيئة الصبي حين يولد.
{وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ} أي أنبتنا عليه شجرة فوقه تظلل عليه هي شجرة الدّبّاء وهو القرع، وهذا سريع النمو، وقدرة الله تجعل الشيء كن فيكون. ذكر بعضهم في القرع فوائد: منها سرعة نباته، وتظليل ورقه لكبره ونعومته، وأنه لا يقربها الذباب، وجودة تغذية ثمرته، وأنه يؤكل نيئا ومطبوخا بلبّه وقشره أيضا. وقد ثبت أن رسول الله ص كان يحب الدباء، ويتتبعه من حواشي الصّحفة. وقد مكث يونس في هذه الحالة حتى اشتد لحمه ونبت شعره، ثم جاءه الأمر الإلهي:
{وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ، فَآمَنُوا، فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ} أي