الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يوم القيامة، ويفصل في خلافاتهم، ويجزي كل عامل بعمله، فيدخل المخلصين الموحدين الجنة، ويدخل المشركين النار.
{إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفّارٌ} أي إن الله لا يرشد لدينه، ولا يوفق للاهتداء إلى الحق، من هو كاذب مفتر على الله، في زعمه أن لله ولدا، وأن الآلهة تشفع له وتقربه إلى الله، مغال في كفره باتخاذ الأصنام آلهة، وجعلها شركاء لله، من غير دليل عقلي ولا نقلي مقبول.
ثم رد الله تعالى على زعمهم اتخاذ الله ولدا، فقال:
{لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفى مِمّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ} أي لو شاء الله اتخاذ ولد، وهو لا يحتاج لذلك، لاختار من جملة خلقه ما يشاء أن يختاره، ولكان الأمر على خلاف ما يزعمون، فيختار أكمل الأولاد وهم الأبناء، لا البنات كما زعموا، إذ لا موجود سواه إلا وهو مخلوق له، ولا يصح أن يكون المخلوق ولدا للخالق، فلم يبق إلا أن يختار ما يريد هو، لا ما يزعمون.
ثم نزّه الله تعالى نفسه عن اتخاذ الولد، فقال:
{سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهّارُ} أي تنزه الله وتقدس عن أن يكون له ولد، فإنه الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي يفتقر إليه كل شيء، وهو الغني عما سواه، قهر الأشياء فدانت له وخضعت وذلت، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى الأحكام التالية:
1 -
إن القرآن العظيم تنزيل من رب العالمين، وكل ما فيه من إثبات التوحيد والنبوة والمعاد وأنواع التكاليف حق لا مرية فيه، وصدق يجب العمل
به. والدليل على نزوله من عند الله: أن الفصحاء عجزوا عن معارضته، ولو لم يكن معجزا، لأنه كلام الله الموحى به إلى رسوله ص، لما عجزوا عن معارضته.
2 -
العبادة والطاعة لا تكون إلا لله وحده، فلله الدين الخالص الذي لا يشوبه شيء.
روى أبو هريرة رضي الله عنه: أن رجلا قال: يا رسول الله، إني أتصدق بالشيء، وأصنع الشيء، أريد به وجه الله، وثناء الناس، فقال رسول الله ص:«والذي نفس محمد بيده لا يقبل الله شيئا شورك فيه» ثم تلا رسول الله ص: {أَلا لِلّهِ الدِّينُ الْخالِصُ} .
وروى ابن جرير عن أبي هريرة حديثا قدسيا بلفظ: «من عمل عملا أشرك فيه غيري، فهو له كله، وأنا أغنى الشركاء عن الشرك» .
3 -
قال ابن العربي عن آية: {إِنّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ، فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ، أَلا لِلّهِ الدِّينُ الْخالِصُ} : هي دليل على وجوب النية في كل عمل، وأعظمه الوضوء الذي هو شطر الإيمان، خلافا لأبي حنيفة والوليد بن مسلم عن مالك اللذين يقولان: إن الوضوء يكفي من غير نية، وما كان ليكون من الإيمان شطره، ولا ليخرج الخطايا من بين الأظافر والشعر، بغير نية
(1)
.
4 -
اعتمد المشركون في عبادتهم الأصنام واتخاذها شفعاء عند الله على وهم لا يعتمد أصلا على أساس مقبول من العقل والنقل، إذ كيف يعقل أن تكون الأصنام والجمادات وسيلة تقرب إلى الله؟ وكذلك لا يعقل أن تكون هذه الأصنام تماثيل الكواكب أو تماثيل الأرواح السماوية، أو تماثيل الأنبياء والصالحين الذين مضوا، ويكون المقصود من عبادتها توجيه تلك العبادات إلى من جعلت تماثيل لها، لأن هذه المخلوقات عاجزة عن جلب الخير لنفسها أو دفع الضر عنها، فكيف تحقق ذلك لغيرها؟!!
(1)
أحكام القرآن: 1644/ 4