الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَلاتَ حِينَ مَناصٍ} {لاتَ} : حرف بمعنى ليس، وله اسم وخبر، أي ولات الحين حين مناص. والجملة حال من فاعل نادوا. ومن قرأ {وَلاتَ حِينَ مَناصٍ} بالرفع، أضمر الخبر، وهو شاذ لا يقاس عليه. وتاء لات لتأنيث الكلمة، وهي عند البصريين بمنزلة تاء الفعل، مثل:
ضربت وذهبت، والوقف عليها بالتاء، وعليه خط المصحف، وهي عند الكوفيين بمنزلة تاء الاسم، نحو: ضاربة وذاهبة، والوقف عليها بالهاء، والأقيس مذهب البصريين، لأن الحرف إلى الفعل أقرب منه إلى الاسم.
{أَنِ امْشُوا} أن مفسرة، تقديره: أي امشوا، وهو من المشاية: كثيرة النتاج، دعا لهم بكثرة الماشية.
{جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ} {جُنْدٌ} مبتدأ، و {ما} زائدة، و {هُنالِكَ} صفة جند، تقديره: جند كائن هنالك، و {مَهْزُومٌ} خبر المبتدأ. وقيل:
هنالك متعلق بمهزوم، والأول أوجه.
البلاغة:
{كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ} أي أهل قرن، فهو مجاز مرسل، والقرن: مائة عام.
{وَقالَ الْكافِرُونَ} وضع الظاهر موضع الضمير، والأصل: وقالوا، لرصد كفرهم.
{كَذّابٌ} {الْعَزِيزِ} {الْوَهّابِ} {أَوّابٌ} من صيغ المبالغة.
{إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ} تأكيد الجملة الخبرية بإنّ واللام لزيادة التعجب والإنكار منهم.
{جُنْدٌ ما هُنالِكَ} التنوين في {جُنْدٌ} للتقليل والتحقير، وزيادة {ما} لتأكيد القلة.
{إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ} {فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ} {مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ} : توافق الفواصل الذي يزيد الكلام روعة وبهاء وجمالا.
المفردات اللغوية:
{ص} معناه: أن القرآن مركب من هذه الحروف العربية، وأنتم أيها العرب قادرون على تكوين الجمل والكلام منها، ولستم قادرين على معارضة القرآن والإتيان بمثله، فهو للدلالة على
التحدي والتنبيه على الإعجاز. وقيل: إن هذه الفواتح وأمثالها لها معان أخرى
(1)
.
{وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} يقسم الله تعالى بالقرآن، والإقسام بالقرآن: فيه تنبيه على شرف قدره وعلوّ محله. ومعنى {ذِي الذِّكْرِ} : البيان، أو الشرف والشهرة، كما في قوله تعالى:{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزخرف 44/ 43]. وجواب القسم في رأي جماعة محذوف تقديره: إنه لكلام معجز، أو ما الأمر كما قال كفار مكة من تعدد الآلهة.
{بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ} أي لا ريب فيه قطعا، بل المشركون من أهل مكة وأمثالهم في تكبر وتجبر عن الإيمان، واعتزاز بالباطل، والعزة أيضا: الغلبة والقهر و {شِقاقٍ} أي خلاف وعداوة لله ولرسوله {كَمْ} كثير {أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ} أي قد أهلكنا قبلهم كثيرا من الأمم الماضية الذين كانوا أشد قوة وأكثر أموالا {فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ} أي نادوا حين نزول العذاب بهم أي استغاثوا، وليس ذلك الوقت وقت خلاص وفرار ومنجى. وهذا وعيد على كفرهم بالقرآن استكبارا وشقاقا.
{وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ} تعجبوا من مجيء رسول من أنفسهم ينذرهم ويخوفهم بالعذاب بالنار إن استمروا على الكفر، وهو النبي ص {وَقالَ الْكافِرُونَ: هذا ساحِرٌ كَذّابٌ} قالوا ذلك لما شاهدوا المعجزات الخارجة عن قدرة البشر {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً} أصيّرها إلها واحدا؟ حين قال لهم: قولوا: لا إله إلا الله، أي كيف يكون للخلق كلهم إله واحد؟ {عُجابٌ} عجيب، بالغ في العجب إلى الغاية، وإنما تعجبوا، لأنه كان لكل قبيلة إله.
{الْمَلَأُ} الأشراف، انطلقوا من مجلس اجتماعهم عند أبي طالب بعد سماعهم قول النبي ص كلمة يقولونها تدين لهم بها العرب والعجم، قالوا: فما هي؟ قال: لا إله إلا الله {أَنِ امْشُوا} يقول بعضهم لبعض: امضوا على ما كنتم عليه ولا تدخلوا في دينه {وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ} اثبتوا على عبادتها {إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ} أي إن هذا الذي يريده محمد ص بنا وبآلهتنا، من دعوته إلى التوحيد لشيء من ريب الزمان يراد بنا، ليعلو علينا، ونكون له أتباعا.
{الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ} هي ملة النصرانية {اِخْتِلاقٌ} كذب اختلقه محمد ص وافتراه {أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا؟} أأنزل عليه القرآن، ونحن الرؤساء والأشراف، أكبر منه سنا، وأعظم منه شرفا {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي} أي من القرآن أو الوحي {بَلْ لَمّا يَذُوقُوا عَذابِ} أي بل لم يذوقوا عذابي بعد، فإذا ذاقوه زال شكهم. والمعنى: إنهم لا يصدّقون به حتى يمسهم العذاب، فيلجئهم إلى تصديقه.
(1)
انظر تفسير الرازي: 174/ 26