الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكافية من العمر للبحث والنظر والتفكير الصحيح، فإذا طالت أعمارهم بعدئذ أكثر من ذلك، فلن يفيدهم طول العمر شيئا. وفي هذا قطع لأعذارهم بأنه لم تتوافر لديهم الفرصة المواتية للبحث والنظر.
والآية مثل: {اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ، ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً، ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ ما يَشاءُ، وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} [الروم 54/ 30].
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يلي:
1 -
إن سياسة العزل للمجرمين ستطبق في الآخرة بنحو تام وشامل، فيميز المجرمون عن المؤمنين، تحقيرا لهم، وإعدادا لسوقهم إلى نار جهنم، وذلك حين يؤمر بأهل الجنة إلى الجنة، فيقال لهم: اخرجوا من جملتهم.
وقال الضحاك: يمتاز المجرمون بعضهم من بعض، فيمتاز اليهود فرقة، والنصارى فرقة، والمجوس فرقة، والصابئون فرقة، وعبدة الأوثان فرقة.
2 -
يعاتب الكفار سلفا في الدنيا قبل أن يعاقبوا في الآخرة، فيقال لهم من جهة الحق: ألم أوصكم وأبلّغكم على ألسنة الرسل ألا تطيعوا الشيطان في معصيتي، وأن توحدوني وتعبدوني، فإن عبادتي دين قويم.
3 -
يؤكد تعالى تحذيره من الشيطان قائلا: لقد أغوى الشيطان بوساوسه خلقا كثيرا، أفلا تعتبرون بالآخرين، وألا تعقلون عداوته، وتعلموا أن الواجب طاعة الله تعالى.
4 -
وتقول خزنة جهنم للكفار: هذه جهنم التي وعدتم، فكذبتم بها.
روي عن أبي هريرة أن رسول الله ص قال: «إذا كان يوم القيامة، جمع الله الإنس
والجن والأوّلين والآخرين في صعيد واحد، ثم أشرف عنق من النار على الخلائق، فأحاط بهم، ثم ينادي مناد:{هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ، اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} فحينئذ تجثو الأمم على ركبها، {وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها} [الحج 2/ 22]، {تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمّا أَرْضَعَتْ، وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النّاسَ سُكارى، وَما هُمْ بِسُكارى، وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ} [الحج 2/ 22]».
5 -
إن أعضاء الإنسان التي كانت أعوانا في حق نفسه، صارت عليه شهودا في حق ربّه. والسبب في التعبير بكلام الأيدي وشهادة الأرجل أن اليد مباشرة للعمل، فتحتاج إلى شهادة غيرها.
ومن وقائع الشهادة يوم القيامة أن المشركين قالوا كما حكى القرآن عنهم:
{وَاللهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام 23/ 6] فيختم الله على أفواههم، حتى تنطق جوارحهم.
6 -
لو شاء الله لأعمى الكفار عن الهدى، فلا يبصرون طريقا إلى منازلهم ولا غيرها، ولكنه لم يفعل رحمة بهم، وليتمكنوا من النظر الصحيح المؤدي إلى الإيمان بالله وحده لا شريك له.
7 -
ولو شاء الله لبدل خلقة الكفار إلى ما هو أقبح منها جزاء على كفرهم، ولجعلهم حجرا أو جمادا أو بهيمة، كالقردة والخنازير، وحينئذ لا يستطيعون أن يمضوا أمامهم، ولا يرجعوا وراءهم، كما أن الجماد لا يتقدم ولا يتأخر، ولكنه تعالى أيضا لم يفعل، لرحمته الواسعة.
8 -
لا حاجة لإطالة أعمار الناس أكثر مما قدر تعالى لهم، لأنه كلما طال العمر ازداد الإنسان ضعفا. والمقصود بالآية {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ.} . الإخبار عن هذه الدار بأنها دار زوال وانتقال، لا دار دوام واستقرار، ولهذا قال تعالى في ختام الآية:{أَفَلا يَعْقِلُونَ} أي يتفكرون بعقولهم في ابتداء خلقهم، ثم