الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإعراب:
{نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوّابٌ} المقصود بالمدح محذوف، وهو سليمان أو داود، وهو إلى سليمان أقرب.
{الصّافِناتُ الْجِيادُ} الأول نائب فاعل {عُرِضَ} والثاني صفته، و {الْجِيادُ}: جمع جواد، أو جمع جائد.
{حُبَّ الْخَيْرِ} منصوب على أنه مفعول به، والمعنى: أنه آثر حب الخير، لا أنه أحبّ حبّا، أو منصوب على المصدر، بوضع {حُبَّ} الاسم موضع الاحباب الذي هو المصدر، والوجه الأول أوجه.
{حَتّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ} أي الشمس، وإنما أضمر لدلالة الحال، مثل {كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ} [الرحمن 26/ 55] أي الأرض، لدلالة الحال، وإن لم يجر لها ذكر.
البلاغة:
{فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ} المسح هنا حقيقة أي مسحها بيده استحسانا لها وإعجابا بها، وقيل: المسح كناية عن العقر والذبح.
{فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ} بينهما طباق، لأنهما بمعنى أعط من شئت، وامنع من شئت.
المفردات اللغوية:
{نِعْمَ الْعَبْدُ} سليمان، إذ ما بعده تعليل للمدح وهو أواب {أَوّابٌ} رجّاع إلى الله بالتسبيح والذكر في جميع الأوقات، أو بالتوبة {بِالْعَشِيِّ} ما بعد الزوال {عُرِضَ عَلَيْهِ} على سليمان {الصّافِناتُ} القائمات، أو القائمة على ثلاث وطرف الحافر الرابع، أي يرفع إحدى يديه أو رجليه، ويقف على مقدم حافرها، مع القوائم الأخرى، وهو من الصفات المحمودة في الخيل، لا يكاد يكون إلا في العرب الخلّص، مأخوذ من صفن يصفن صفونا. {الْجِيادُ} جمع جواد، وهو الذي يسرع في عدوه أو جريه، والجواد من الناس: السريع البذل. والمعنى: أن الخيول إذا استوقفت سكنت، وإن ركضت سبقت، وكانت ألف فرس عرضت عليه، كالعرض العسكري اليوم.
{أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ} أي آثرت أو أردت حب الخير وهو هنا الخيل، وأصل الخير: المال الكثير، ويحتمل أنه سماها خيرا لتعلق الخير بها،
قال ص فيما أخرجه أحمد عن جابر: «الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة» .
{عَنْ ذِكْرِ رَبِّي} أي أحببت الخيل وحصل حبها عن ذكر ربي وأمره، لا عن الشهوة والهوى. وليس المراد كما يذكر القصاصون: أنه آثر رؤية الخيل عن صلاة العصر حتى غابت الشمس {تَوارَتْ بِالْحِجابِ} اختفت وغابت الشمس، واستترت بما يحجبها عن الأبصار. والحجاب:
بالحاجز أو بالليل.
{رُدُّوها عَلَيَّ} ردوا الخيل الصافنات علي استمتاعا بالنعمة، أي كفاها ركضا وعدوا {فَطَفِقَ مَسْحاً} شرع يمسحها بيده استحسانا لها وإعجابا بها، وليس المعنى: جعل يذبحها ويعقرها بالسيف لتفويت صلاة العصر عليه، فهذا لا يليق بالنبوة. {بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ} أي بسيقانها وأعناقها، فيربّت عليها ويدللها ويمسح نواصيها بيده، لا أنه ذبحها وعرقب أرجلها تقربا إلى الله تعالى، حيث اشتغل بها عن الصلاة، وتصدق بلحمها، فعوضه الله خيرا منها وأسرع، وهي الريح تجري بأمره كيف شاء، فهذا من الإسرائيليات الدخيلة.
{فَتَنّا سُلَيْمانَ} ابتليناه واختبرناه بمرض، وقال البيضاوي: وأظهر ما قيل فيه: ما
(1)
.
ومن الإسرائيليات في تفسير الابتلاء: أن الله ابتلاه بسلب ملكه، وذلك لتزوجه بامرأة عشقها، وكانت تعبد الصنم في دار من غير علمه، وكان ملكه في خاتمه، فنزعه مرة عند إرادة الخلاء ووضعه عند امرأته المسماة بالأمينة، على عادته، فجاءها جنّي في صورة سليمان، فأخذه منها.
{وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً} أي جسما ضعيفا كأنه جسد بلا روح، وقيل: الجسد: هو نصف الإنسان الذي ولدته امرأته، وقيل: هو ذلك الجني، وهو صخر أو غيره، جلس على كرسي سليمان، وعكفت عليه الطير وغيرها، فخرج سليمان في غير هيئته، فرآه على كرسيه، وقال للناس: أنا سليمان، فأنكروه. وهذان التفسيران المقولان غير صحيحين في الظاهر والثاني منهما من تتمة القصة الدخيلة من الإسرائيليات.
{ثُمَّ أَنابَ} رجع تائبا إلى الله من ترك الأفضل وهو عدم تعليق الأمر بمشيئة الله، وهذا عظيم على نبي، لأن حسنات الأبرار سيئات المقرّبين {قالَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي} ما صدر عني من الذنب {وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} أي امنحني ملكا لا يكون لأحد من بعدي أن يملك مثله.
(1)
أخرجه البخاري، دون أن يذكر أنه تفسير للآية.