الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 -
قوة الملك: {وَشَدَدْنا مُلْكَهُ} أي قوينا ملكه بالجند أو الحرس، وجعلنا له ملكا كاملا من جميع ما يحتاج إليه الملوك.
9 -
إيتاء الحكمة: {وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ} أعطيناه الفهم والعقل والفطنة، والعلم، والعدل، وإتقان العمل، والحكم بالصواب. ولما كمّل الله تعالى نفس نبيه داود بالحكمة، أردفه ببيان كمال خلقه في النطق والعبادة، فقال:{وَفَصْلَ الْخِطابِ} .
10 -
حسن الفصل في الخصومات: {وَفَصْلَ الْخِطابِ} أي وألهمناه حسن الفصل في القضاء بإحقاق الحق وإبطال الباطل، وإيجاز البيان، بجعل المعنى الكثير في اللفظ القليل.
الموضوع الثاني-القضاء في خصومة
{وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ، إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ، قالُوا: لا تَخَفْ، خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ، فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ، وَلا تُشْطِطْ، وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ} هذا نبأ عجيب يشوق السامع سماعه ومعرفته، لذا ذكره الله لرسوله، ومعناه: هل علمت ذلك الخبر المهم العجيب؟ وبدأه بهذا الاستفهام، ليكون مدعاة إلى الإصغاء له والاعتبار به.
إنه نبأ جماعة من الخصوم تسلقوا سور غرفة داود المخصصة للصلاة، فدخلوا عليه وهو منهمك بالصلاة وعبادة الله وترانيم الزبور، في غير موعد المحاكمة المخصص للناس، فخاف منهم ظنا منه أنهم جاؤوا لاغتياله، وهو منفرد في محرابه للعبادة، في أشرف مكان في داره-وقد كان اغتيال الأنبياء معروفا في بني إسرائيل، فقد قتلوا إشعيا وزكريا، كما قال تعالى:{وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ} [آل عمران 21/ 3] فقالوا له: لا تخف، نحن متخاصمان جار بعضنا على
بعض، فاحكم بيننا حكما عادلا، ولا تجر في الحكم، واهدنا إلى الطريق الحق العدل.
وموضوع الخصومة هو:
{إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً، وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ، فَقالَ:}
{أَكْفِلْنِيها، وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ} أي إن هذا أخ لي في الدين والإنسانية، يملك تسعا وتسعين شاة، وأملك شاة واحدة، فقال: ملكنيها وغلبني في المخاصمة والجدال والحجة، فأتى بحجج لم أستطع ردها. والنعجة: هي الأنثى من الضأن، وقد يقال لبقر الوحش: نعجة.
فحكم داود عليه السلام بقوله:
{قالَ: لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ} أي قال داود الحاكم بعد إقرار المدعى عليه بالدعوى: لقد ظلمك بهذا الطلب، وطمع عليك.
ويقال: إن خطيئة داود هي قوله: {لَقَدْ ظَلَمَكَ} لأنه قال ذلك قبل أن يتثبت، فربما كان صاحب النعجة الواحدة هو الظالم.
{وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ، وَقَلِيلٌ ما هُمْ} أي وإن كثيرا من الشركاء في المال أو المعارف والأعوان المتعاملين ليظلم بعضهم بعضا، إلا من آمن بالله وخاف ربه وعمل صالح الأعمال، فإنه لا يظلم، وهؤلاء الصالحون قلة، كما قال تعالى:{وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ، وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ} [الأعراف 102/ 7].
{وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنّاهُ، فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ، وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ} أي وعلم داود وأيقن أنما اختبرناه بهذه الواقعة، وهي تعرضه للاغتيال ثم نجاته منه، فاستغفر ربه لذنبه وهو سوء ظنه بالخصمين، وأنهما أتيا لاغتياله، وهو الأصح، أو أنه حكم