الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{أَلا لِلّهِ الدِّينُ الْخالِصُ} أي لله وحده الدين صافيا نقيا، لا يستحقه غيره، لأنه المنفرد بصفات الألوهية والاطلاع على الأسرار والضمائر. {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ} أي المتخذون من دون الله نصراء وهم كفار مكة الذين اتخذوا الأصنام آلهة. {ما نَعْبُدُهُمْ} يقولون: ما نعبدهم.
{زُلْفى} قربى، مصدر بمعنى التقريب. {إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} وبين المسلمين. {فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} من أمر الدين، فيدخل المؤمنين الجنة، والكافرين النار.
{لا يَهْدِي} لا يوفق للاهتداء إلى الحق. {مَنْ هُوَ كاذِبٌ} في نسبة الولد إليه.
{كَفّارٌ} شديد الكفر بعبادته غير الله.
{لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً} كما قال المشركون: {اِتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً} . {لاصْطَفى مِمّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ} لاختار من خلقه ما يشاء غير ما قالوا: إن الملائكة بنات الله، وعزيز ابن الله، والمسيح ابن الله. {سُبْحانَهُ} تنزيها له عن اتخاذ الولد. {الْقَهّارُ} القاهر كل شيء من خلقه.
سبب النزول:
نزول الآية (3):
{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا} : أخرج جويبر عن ابن عباس في هذه الآية قال:
أنزلت في ثلاثة أحياء: عامر وكنانة وبني سلمة، كانوا يعبدون الأوثان، ويقولون: الملائكة بناته، فقالوا: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى.
التفسير والبيان:
{تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} أي هذا الكتاب العظيم وهو القرآن تنزيل من الله تعالى، العزيز الذي لا يغلب ولا يعجزه شيء، الحكيم في صنعه، يضع الأشياء في مواضعها المناسبة، فهو الحق الذي لا مرية فيه ولا شك، كما قال عز وجل:{وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ، عَلى قَلْبِكَ، لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ، بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء 192/ 26 - 195] وقال تبارك وتعالى: {وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ، لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ، تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت 41/ 41 - 42].
{إِنّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ} أي إنا أنزلنا إليك يا محمد القرآن مقترنا بالحق، أي إن كل ما فيه حق، من إثبات التوحيد والنبوة والمعاد وأنواع التكاليف الشرعية، ولم ننزله باطلا لغير شيء.
{فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ} فاعبد الله وحده لا شريك له وادع الخلق إلى ذلك، وأعلمهم أنه لا نصلح العبادة إلا لله وحده، وأنه ليس له شريك ولا عديل ولا نديد. والإخلاص: أن يقصد العبد بعمله وجه الله سبحانه، ولا يقصد شيئا آخر. والدين: العبادة والطاعة، ورأسها توحيد الله، واعتقاد أنه لا شريك له. ولهذا قال تعالى مؤكدا هذا المعنى:
{أَلا لِلّهِ الدِّينُ الْخالِصُ} أي ألا لله العبادة والطاعة الخالصة من شوائب الشرك والرياء وغيره. وأما ما سواه من الدين فليس بدين الله الخالص الذي أمر به، فإن الله لا يقبل من العمل إلا ما أخلص فيه العامل لله وحده لا شريك له.
وقوله: {أَلا لِلّهِ} يفيد الحصر، أي أن يثبت الحكم في المذكور، وينتفي عن غيره.
وإذا كان رأس العبادة الإخلاص لله، فطريق المشركين مذموم، كما قال تعالى:
{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ، ما نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى} أي وأما المشركون الذين والوا غير الله تعالى، وهي الأصنام التي عبدوها من دونه، فيقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله تقريبا، ويشفعوا لنا عنده في حوائجنا.
وهؤلاء عاقبتهم وخيمة كما قال تعالى مهددا لهم:
{إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} أي إن الله يحكم بين أهل الأديان