الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} {سَلامٌ} : بدل مما يدعون، مرفوع على البدل من {ما} أي ولهم أن يسلم الله عليهم، وهذا منى أهل الجنة. و {قَوْلاً}: مصدر مؤكد لقوله تعالى: {وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ سَلامٌ} قال الزمخشري: والأوجه أن ينتصب على الاختصاص. ويصح جعل {سَلامٌ} وصفا ل {ما} إذا جعلتها نكرة موصوفة، أي ولهم شيء يدعونه سلام، ويصح جعله خبرا ل {ما} .
المفردات اللغوية:
{فِي شُغُلٍ} الشغل: الشأن الذي يشغل الإنسان عما سواه، إما لمسرة أو لمساءة. والمراد به هنا: أنهم مشغولون بما هم فيه من اللذات، بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، يشتغلون بذلك عن الاهتمام بأمر أهل النار. وهو شغل متعة، لا شغل تعب، لأن الجنة لا نصب فيها. {فاكِهُونَ} متنعمون متلذذون. {فِي ظِلالٍ} جمع ظل، وهو ما لا تصيبه الشمس. {الْأَرائِكِ} جمع أريكة: وهو السرير المزيّن في قبة أو بيت، أو الفراش، فالأرائك:
الأسرّة التي في الحجال. {يَدَّعُونَ} أي يتمنون ويشتهون.
المناسبة:
بعد أن بيّن الله تعالى حدوث البعث لا شك فيه، وما يكون في يوم القيامة من الجزاء العادل، بيّن هنا ما أعده للمحسنين، ثم أعقبه في الآيات التالية بما أعده للمسيئين، ترغيبا في العمل الصالح، وترهيبا من سوء الأعمال.
التفسير والبيان:
يخبر الله تعالى عن حال أهل الجنة فيقول:
{إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ} أي إن المؤمنين الصالحين إذا نزلوا في روضات الجنات يوم القيامة، كانوا في شغل عن غيرهم، بما يتمتعون به من اللذات، والنعيم المقيم، والفوز العظيم، بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
فهم في شغل عما فيه أهل النار من العذاب، وهم متنعمون متلذذون معجبون بالنعيم.
وليس التمتع وحدهم وإنما هم في أنس وسرور مع أزواجهم، فقال تعالى:
{هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ، عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ} أي إنهم وحلائلهم في الجنة في ظلال الأشجار التي لا تصيبها الشمس، لأنه لا شمس فيها، وهم فيها متكئون على السرر المستورة بالخيام والحجال (المظلة الساترة). والأرائك كما بينا: الأسرّة التي في الحجال. وهذه المتعة في الظلال، وعلى الأسرّة والفرش الوثيرة الناعمة هي حلم الإنسان وغاية ما يطمح إليه.
والمتعة ليست روحية وإنما هي مادية، فقال تعالى:
{لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ، وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ} أي تقدم لهم الفواكه من جميع أنواعها، ولهم غير ذلك كل ما يتمنون ويشتهون، فمهما طلبوا وجدوا من جميع أصناف الملاذّ.
وقوله: {لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ} ولم يقل «يأكلون» إشارة إلى اختيارهم وملكهم وقدرتهم.
والنعمة الأسمى من كل ما يجدون: سلام الله عليهم، فقال تعالى:
{سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} أي إن ما يتمنونه هو تحية الله لهم بالسلام أي الأمان من كل مكروه، يقول لهم: سلام عليكم يا أهل الجنة، كما قال تعالى:
{تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ: سَلامٌ} [الأحزاب 44/ 33] أو بوساطة الملائكة، كما قال تعالى:{وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ: سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ، فَنِعْمَ عُقْبَى الدّارِ} [الرعد 23/ 13 - 24] والمعنى أن الله يسلم عليهم بوساطة الملائكة، أو بغير وساطة، مبالغة في تعظيمهم، وذلك متمناهم.