الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التفسير والبيان:
تضمنت قصة داود عليه السلام في هذه السورة ثلاثة موضوعات:
الأول-تعداد الصفات التي أنعم الله بها على داود والتي أهّلته لسعادة الدنيا والآخرة.
الثاني-إصدار الحكم في واقعة بين خصمين.
الثالث-استخلاف الله تعالى إياه بعد تلك الواقعة.
الموضوع الأول-صفات داود عليه السلام
ذكر الله تعالى عشر صفات لداود عليه السلام آتاه الله إياها، وهي تحقق كمال السعادة الدنيوية والأخروية.
1 -
4: {وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ، ذَا الْأَيْدِ، إِنَّهُ أَوّابٌ} هذا معطوف على مطلع الآية المذكور في نهاية المقطع السابق وهو {وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ} والمعنى: اذكر أيها الرسول لقومك قصة عبدنا داود ذي القوة في العلم والعمل وطاعة الله، قال قتادة: أعطي داود على نبينا وعليه الصلاة والسلام قوة في العبادة، وفقها في الإسلام، وكان يقوم ثلث الليل، ويصوم نصف النهار،
ثبت في الصحيحين أن النبي ص قال: «أحبّ الصلاة إلى الله تعالى صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله عز وجل صيام داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكان يصوم يوما، ويفطر يوما، ولا يفرّ إذا لاقى، وإنه كان أوّابا» . أي رجّاعا إلى الله عز وجل في جميع أموره وشؤونه.
وفي تاريخ البخاري عن أبي داود قال: «كان النبي ص إذا ذكر داود وحدث عنه قال:
كان أعبد البشر».
والصفات الأربع المذكورة هنا هي:
1 -
الصبر: فقد أمر الله تعالى محمدا ص على جلالة قدره بأن يقتدي به في الصبر على طاعة الله.
2 -
والعبودية: فقد وصفه ربه بقوله {عَبْدَنا داوُدَ} وعبر عن نفسه بصيغة الجمع للتعظيم، والوصف بالعبودية لله غاية التشريف، كوصف محمد ص بها ليلة المعراج:{سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ} [الإسراء 1/ 17]. فإن وصف الله تعالى الأنبياء بعبوديته مشعر بأنهم قد حققوا معنى العبودية بسب الاجتهاد في الطاعة.
3 -
والقوة على أداء الطاعة والاحتراز عن المعاصي، في قوله تعالى:{ذَا الْأَيْدِ} .
4 -
والرجاع إلى طاعة الله في أموره كلها، في قوله تعالى:{إِنَّهُ أَوّابٌ} .
5 -
6: تسبيح الجبال والطير معه: {إِنّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ} أي إنه تعالى سخر الجبال تسبح معه عند إشراق الشمس وآخر النهار، كما قال عز وجل:{يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} [سبأ 10/ 34] قال ابن كثير: وكذلك كانت الطير تسبح بتسبيحه وترجّع بترجيعه، إذا مرّ به الطير، وهو سابح في الهواء، فسمعه، وهو يترنم بقراءة الزبور، لا يستطيع الذهاب، بل يقف في الهواء، ويسبح معه، وتجيبه الجبال الشامخات، ترجّع معه، وتسبّح تبعا له
(1)
. وهذا ما قاله تعالى:
7 -
{وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً، كُلٌّ لَهُ أَوّابٌ} أي وسخرنا له الطير، حال كونها محبوسة في الهواء، تسبح بتسبيحه، وكل من الجبال والطير مطيع، يسبح تبعا له، فكلما سبح داود جاوبته. وهذا يومئ أن داود عليه السلام كان حسن الترتيل، جميل الصوت.
(1)
تفسير ابن كثير: 29/ 4