الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحج وأسواقه كانت حافزًا لنشاط قريش التجاري، إذ هم يضربون في الأرض شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا لحمل التجارة بين هذه الجهات، ولمزاولة التجارة الداخلية في أسواق العرب، وفي موسم الحج في مكة. وإن هذه السنن التي فرضوها على العرب جميعًا هي في الحقيقة متصلة بنشاطهم التجاري؛ فإن الناس يطرحون أزواد الحل قبل الدخول في الحرام، حتى يبتاعوا أزوادهم من أهل مكة. وكذلك عدم السماح لهم بالطواف بأثوابهم وإنما عليهم أن يلبسوا المآزر الأحمسية وذلك حتى يشتروا ما يلزمهم من ذلك من قريش، وبذلك كانت توجد سوق نشيطة في مكة في موسم الحج لبيع الملابس، وتخصص بعض التجار في بيع الأطعمة1. وإذا كانت تضيف الحجاج ثلاثة أيام بمنى فليس ذلك بكافٍ، ثم إن الأغنياء من الحجاج لم يكونوا يشاركون في هذه الموائد العامة التي تقيمها قريش، والكل مضطر لشراء طعامه بعد ذلك. وإذا كان من الناس من يستعير ثياب الحمس أو يهداها؛ فليس الجميع كذلك، وكذلك لم يكن الكثير قادرًا على الاستغناء عن ملابسه لتكون: لقي بعد طوافه، ولا كلهم يرضى بالطواف عريانًا وبخاصة وإن كان منهم من يفعل ذلك؛ على أن قريشًا كانت تأخذ إلى جانب ذلك كله ضريبة تسمى الحريم من كل من نزل عليها، تأخذ بعض ثيابه أو بعض بدنته2.
1 الذهبي سير أعلام النبلاء 2/ 29.
2 جواد علي 4/ 218. شوقي ضيف: العصر الجاهلي50.
الأشهر الحرم وأهميتها
في الآيات القرآنية ذكر كثير للأشهر الحرم، ويستدل منها ومن الروايات أنه كان لهذه الأشهر الحرم أثر عظيم في حياة العرب وبخاصة في بيئة مكة قبل البعثة؛ فبينما تكون الحروب مستعرة، والغارات قائمة والناس مندفعين وراء عصبياتهم وثاراتهم، ويقف كل هذا حين حلول هذه الأشهر تعظيمًا لها واحترامًا، ويصبح الناس في هدنة عامة شاملة، ويتلاقى الناس في منطقة الحرم وفي خارجها فلا يكون بينهم شر ولا قتال، بل قد وصل تأثمهم لدرجة الصيد أثناءها؛ لما في ذلك من سفك الدماء.
والأشهر الحرم ليست معينة في القرآن بأسمائها، وكل ما ذكرته الآيات أنها أربعة أشهر1. غير أن الروايات المتواترة التي لم تنقطع قد عينتها بصورة يقينية وهي:
1 انظر سورة البقرة 197. التوبة 365.
رجب، وذو القعدة وذو الحجة والمحرم1 والأشهر الثلاثة الأخيرة هي أشهر الحج -على الأقل فيما قبل الإسلام- أما شهر رجب فإنه كان يسمى رجب مضر، وهو الذي تسميه مضر الأصم2 وأنه مشتق من الترجيب أي التعظيم. وقد جاء في طبقات ابن سعد أن أهل مكة كانوا يحتفلون بعيد ديني لهم في رجب، فلا يبعد أن يكون هذا العيد في شهر رجب عيدًا خاصًّا بقبائل مضر أو قبائل الحجاز أو بعضها، وأن يكون هذا أصل حرمته؛ ليتمكنوا من الذهاب والإياب والقيام بمناسكهم في ظل هدنة دينية مقدسة. ولكن ما لبث رجب -في وقت لا يمكن تحديده- أن صار جزءًا لا يتجزأ من الأشهر الحرام3، وقد ذكرتها الآيات دون تفريق بينها في الحرمة والشمول، وأشارت إلى أربعة أشهر من أشهر السنة بصفة مطلقة وتعميمية، وقد كانت بلاد الحجاز قد صارت مهوى أفئدة العرب ومركز محورهم ومحجهم.
وللأشهر الحرم أهيمة كبيرة فرضتها ضرورة البيئة العربية وبخاصة في الحجاز، حيث لم يكن هناك سلطان نافذ وازع، وكانت الغارات بين القبائل متواصلة متبادلة والعصبية على أنواع قوية شديدة، والأنفة والحمية متأصلتين، ولهم في ذات الوقت حاجات كثيرة: تجارة لا بد لها من مشترين ومستهلكين وزراع لا بد لهم من المبادلة على غلاتهم وثمارهم، وأعراب لا بد لهم من استيفاء حاجاتهم السنوية من ماعون وثياب وقوت، ولا بد لهم من بيع ما عندهم من أنعام وماشية وشعر ووبر وصوف، فماذا تكون حالتهم لو لم يكن هناك وقت يستطيعون فيه التحرك والاتصال والتبادل مطمئنين آمنين؟! وماذا تكون حالهم لو لم يتيسر لهم إقامة أسواقهم العامة وشهودها في ظل الأمن وعدم الخوف؟! من أجل ذلك كانت قيمة هذه الهدنة التي فرضتها الأشهر الحرم عظيمة الأهمية، عبر عنها القرآن الكريم هذا التعبير البليغ الموجز:{جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ} [المائدة] ، ومن أجل ذلك أسبغ العرب على هذه الهدنة صفة قدسية وصبغوها بصبغة دينية، وكانوا
1 البخاري 6/ 66. تفسير الطبري 4/ 299. ابن سعد 3/ 27. السهيلي 2/ 60. اليعقوبي 2/ 91. ابن كثير 5/ 195. المقريزي: إمتاع 1/ 531. المصباح 1/ 191.
2 تفسير الطبري 4/ 229. الخازن 2/ 230.
4 دروزة: عصر النبي 210- 211.
يعتقدون بأن الإخلال بحرمتها وقداستها يجلب عليهم الشر والنحس، وكان الرأي العام العربي يثور لأي خرق لهذه الهدنة التي أصبحت جزءًا من حياة الناس ومن كيانهم الاقتصادي والاجتماعي والأدبي والديني.
وليس من اليسير تحديد أولية الأشهر الحرم، وتشير آيات القرآن إلى أنها قديمة سابقة على عهد البعثة بزمن طويل1، والأرجح أن تكون هذه الحرمة قد تقررت بعد وجود موسم الحج وتقاليده وأسواقه، وبعد وجود الموسم الديني لمضر في الحجاز بالنسبة لشهر رجب. والغالب أن يكون ذلك بعد سيادة قريش على مكة وتنظيم موسم الحج بها وتيسيره، أي بعد حكم قصي بن كلاب لمكة في منتصف القرن الخامس الميلادي، ولا بد أن الحج كان قد تعطل قبل ذلك أو ضعف، وحدثت أحداث جعلت أمن الناس غير مكفول، وتحدثنا الروايات عن صراع بين القبائل في مكة أدى إلى دفن بئر زمزم بها2، كما تحدثنا عن البغي واستحلال الحرمات الذي وقع بمكة، مما أدى إلى ضعف الحج إليها نتيجة للتنافس بين القبائل فيها والضاربة حولها، ونستطيع أن ندرك أن هذه الهدنة؛ لم تكن مرعية قبل حكم قصي، فقد تقاتل قصي بقريش وكنانة مع خزاعة في أيام الحج وفي منطقة الحرم3، ولم يذكر هذا القتال بالاستفظاع والاستنكار كما ذكرت الحرب التي وقعت بعد ذلك بين قريش وكنانة ضد هوازن وقيس، وعرفت بحرب الفجار نسبة إلى الفجور؛ لوقوعها في الأشهر الحرم 4، وهذا مما يدل على أن هذه الهدنة لم تكن مرعية تمامًا قبل عهد قصي، وقد أدى صراع القبائل إلى اختلال الأمن وانقطاع وفود الحجيج أو ضعف قدوم هذه الوفود إلى مكة؛ وتعطلت مناسك الحج ومنافع الناس في موسمه وأسواقه، فحفز هذا ذوي السلطان والنفوذ من الزعماء والرؤساء إلى العناية بأمر الحج وتأمينه ففرضوا الأشهر الحرم، والأرجح أن فرض الأشهر الحرم كان من عمل الأحماس، الذين صار لهم بعض الامتيازات الدينية والتشريعية، والذين كان الناس يسيرون على ما يسنونه لهم ويعتبرونه
1 انظر سورة التوبة 36 البخاري 6/ 66.
2 ابن هشام 1/ 123 وما بعدها.
3 نفسه 1/ 135- 136.
4 ابن الأثير 1/ 359، الأغاني 3/ 162.
سننًا دينية واجبة التنفيذ1، ويساعد على تصويب هذا الرأي ما كان لمكة من مركز ديني محترم في نظر سائر العرب، وما كان من اهتمام عظيم لتقرير حرمة الحرم وحرمة الأشهر الحرم عند زعماء مكة وما كانوا يقومون به من أعمال في سبيل رعايتها2.
ويرجح أن السعي الأول كان منهم؛ لأن فوائد الحج تعود في المقام الأول على أهل مكة الذين يقوم البيت في بلدهم وتقوم الأسواق العامة في منطقتهم أو حولها، ثم إن حرمة البيت تكسبهم حرمة ومكانة ممتازة بين العرب، وهذه المكانة هي التي هيأت لقريش الزعامة الدينية والأدبية، كما أنها استغلت هذه المكانة في السيطرة على التجارة بين الشام واليمن، مما عاد عليهم بالثروة الكبيرة والمنزلة الرفيعة، وأصبحت زعامة قريش زعامة حقيقية لا شك فيها قبل الإسلام، وبخاصة بعد فشل الأحباش في غزو مكة وارتداد جيشهم عنها، فقال الناس عنهم: أهل الله قاتل عنهم وكفاهم مئونة عدوهم3. وأبرز مثل يوضح زعامة قريش، هو أنها حين وقفت موقف المعارضة للنبي صلى الله عليه وسلم-لم يجد استجابة لدعوته بين العرب، فلما ألقت قريش لواء المعارضة بعد فتح مكة سنة 8هـ؛ لم يلبث العرب أن دخلوا في الإسلام طائعين، فلم تأت سنة 10هـ حتى كان الإسلام قد انتشر في جزيرة العرب كلها، وحتى كان عمال النبي صلى الله عليه وسلم وجباة الزكاة قد انتشروا في كافة أجزاء الجزيرة كلها.
وإذا كانت الأشهر الحرم قد سنت للناس، وإذا كانت قريش والرؤساء الذين يعنيهم الأمر قد فكروا في فرض هذه الهدنة على العرب؛ فإنما كان ذلك لدوافع كبيرة وأحداث خطيرة؛ جعلت الرؤساء يستعدون لها ويتخذون الوسائل لدرء ما ينجم عنها من أخطار، ولعل ما أحاط بأطراف الجزيرة العربية من أحداث كتعرض اليمن للغزو الحبشي ثم سقوطها في يد الحبشة، وما تلا ذلك من محاولة الحبشة فرض سلطانها على منطقة الحجاز، ووقوع الأطراف الشمالية والشمالية الشرقية تحت نفوذ الروم والفرس، ونهضة عرب الشمال وقيامهم على التجارة وأخذهم مقاليد الزعامة العربية، كل هذا كان من البواعث والأخطار وأهمها.
1 دروزة: عصر النبي 211.
2 ابن هشام 1/ 144- 145.
3 نفسه 1/ 59.
وكان من الضروري أن تفرض هدنة يوقف فيها القتال ويأمن الناس فيها على أنفسهم، وتتاح لهم فيها فرصة الانتقال والاجتماع والتعارف للمتاجرة والمعاملة والتبادل الأدبي والمادي، وحل المشكلات المعقدة التي تحتاج إلى أمن واطمئنان لحلها. وقد بدأت حركة تجمع وترابط بين القبائل قبيل الإسلام، وبدأت تتكون المجموعات الكبرى. وهذا التحالف بين القبائل نوع من التعبير عن إحساس القبائل بأنها لا تستطيع أن تعيش في مجالها الضيق، وأنها محتاجة إلى غيرها من القبائل؛ تتحالف معها وتؤاخيها وتربط مصيرها بمصيرها، وكذلك سئم العرب الحروب القبلية، وكانت هدنة الأشهر الحرم استجابة لهذه الرغبة التي بدت بين القبائل. وحالة الهدنة تقتضي تقليل فرصة القتال والتشاحن، وبالتالي إيجاد فرصة أوسع للتآلف والتجمع، وكلما ازدادت هذه الفرصة كان ذلك في مصلحة المجتمع العربي. والراجح أن بدعة النسيء التي ابتدعها العرب كانت لهذا الغرض وهو تطويل مدة السلام1، فإذا لاحظنا أن في أسماء الشهور العربية ما يوحي بأنها وضعت في وقت معين، فمثلًا رمضان أخذ اسمه من الرمضاء2 وهي الحجارة الحامية من حر الشمس، كان معنى ذلك أنه كان في الصيف، وأن شهري ربيع الأول والثاني ما يوحي بأنهما كانا من أشهر الربيع. وبلاد العرب بلاد حارة يصعب فيها الانتقال والقتال في أشهر الصيف 3، فإذا
1 انظر السهيلي 1/ 42 وهو يقدر المدة التي بدأ فيها النساء بحوالي 70 سنة قبل ظهور الإسلام -المسعودي: مروج الذهب 7/ 205.
2 المصباح مادة رم ض، ص 325، وروزة ص 213.
3 التوبة 81- 82 "وقالوا لا تنفروا في الحر". انظر ابن هشام 4/ 969، وما بعدها ابن سعد 3/ 218 عن غزوة تبوك وما لقي المسلمون فيها من شدة بسبب الحر وكيف تخلف بعضهم عن القتال وكيف تردد الناس، البتنوني: الرحلة الحجازية 197 "والعرب كانت تنسيء الشهور حتى توافق بين السنين القمرية والشمسية فكانوا يؤخرون سنتهم كل ثلاث سنين شهرًا، وكان السبب في ذلك جعل زمن الحج ثابتًا في فصل من فصول السنة كأحد الربيعين حتى يتيسر لهم القيام به في غير وقت الحر والبرد الشديدين، وخصوصًا في الزمن الذي تتوفر فيه مادتهم التي يتجرون بها من أصواف وأوبار وسمن ودهن. وهذا كله لا يتوفر على الدوام في شهر مخصوص من السنة القمرية" ومما يسند هذا الرأي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين حرم بدعة النسيء: "إن الزمان قد استدار كهيئته" وكان ذلك سنة 10 هـ ، وفيها كانت شهور الحج أشهر الربيع "انظر التوفيقات الإلهامية سنة 10هـ".
كانت شهور الصيف مانعة للقتال بطبيعتها، وإذا كانت الأشهر الحرم مانعة للقتال كذلك، فإنه يمكن أن يؤلف من هذه الشهور سلسلة مؤلفة من سبعة أشهر يوقف فيها القتال، وإذا كان لا بد من قتال وطلب ثارات بسبب طبيعة الحياة البدوية وعصبيات العرب، ففي الأشهر الباقية من السنة كفاية للتنفيس عن ثورة الغضب والعصبية، على أن في انقطاع الناس عن القتال سبعة أشهر مجالًا طيبًا لحل ما يمكن حله من المشاكل المعقدة وبخاصة في موسم الحج وأسواقه ومجتمعاته.
لكن الأشهر العربية القمرية تدور مع الزمن وتصبح أشهر الشتاء منها أشهر صيف، وأشهر الصيف أشهر شتاء، فابتدعت هذه البدعة لمسايرة مواسم السنة والتوفيق بين حساب السنة القمرية والسنة الشمسية حتى تظل أشهر الحج وأسواقه متصلة بأشهر الصيف وتظل الشهور التي يتوقف فيها القتال مستمرة مستقرة.
وإذا كانت بعض الروايات ذكرت أن النسيء كان يجري أحيانًا بطلب من الناس ليتسنى لهم متابعة حروب بدءوها أو طلب ثارات 1 لهم، فإن ذلك لم يكن الأصل في الموضوع؛ فإن بدعة النسيء كانت مقررة وكان يتولاها بيوت من العرب معروفة يتوارثونها، وكانت لها من الأهمية والمكانة ما يوجب الفخر بها والاعتزاز بتوليها، وكانت تقليدًا متبعًا يعلن للناس في موسم الحج من كل عام 2، على أنه يجب ان نضع في الاعتبار أن حروب القبائل لم تكن حروبًا متصلة؛ وإنما كانت عبارة عن أيام بين القبائل تقع على فترات قد تكون متباعدة، فحرب البسوس بين بكر وتغلب التي قالوا: إنها استمرت أربعين سنة، لم تقع فيها المصادمات إلا في سبعة أيام متفرقة على طول هذه المدة3؛ ولذلك فإنه لا يمكن مسايرة هذه الروايات التي قيلت عن بدعة النسيء، وإنما يجب أن تكون قد وضعت لشيء أهم وأعم وأنفع للناس من مجرد الجري وراء العصبية والثارات. وإذا كان قد أسيء استعمال هذه البدعة مؤخرًا مما استدعى أن يهاجمها القرآن بسبب سوء استعمال الناس لها؛ حتى لا يتجرأ الناس على
1 ابن هشام 1/ 43- 45 "انظر الحاشية ص 44 وفيها تعليل مزدوج للنسيء أي أنه كان للقتال أحيانًا ولمسايرة المواسم أحيانًا".
2 ابن هشام 4/ 45- 46.
3 ابن الأثير 1/ 323. النويري 15/ 400- 405.
انتقاص الحرمات وخرق التقاليد النافعة، فإن الأصل في ابتداعها كان لتحقيق نفع أكبر وغرض أسمى. على أن القرآن لم يهاجم هذه البدعة إلا بعد أن قامت الدولة الإسلامية وأصبح هناك سلطان يردع الظالم ويكف يد المعتدي، وأصبح المجتمع يتجه إلى مثل أخرى غير المثل الجاهلية، ولم تعد هناك ضرورة لاستمرار بدعة تغير من أشهر الحج.
وعلى كل حال فإن تقليد الأشهر الحرم كان تقليدًا خطيرًا له أثر كبير في حياة العرب الاجتماعية على تعدد وجوهها، وفيه دلالة كافية على قوة عقول الذين أنشئوها وسعة نفوذهم، وفيه دليل كذلك على نهضة قومية وفكرية أخذت تباشيرها تبدو في الجزيرة العربية بعد الأحداث الجسيمة التي مرت بها، وكان لمنطقة مكة ولقريش بوجه خاص الدور الأول، الأمر الذي هيأها لمركز الرياسة والذي هيأها فيما بعد للقيام بالدور الأول فيما جاء به الإسلام من نهضة عربية شاملة.