المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مشاهداتي في الحجاز - موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين - ٣/ ١

[محمد الخضر حسين]

فهرس الكتاب

- ‌(4)«مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ صلى الله عليه وسلم

- ‌المقدمة

- ‌مقدمة الإمام محمد الخضر حسين

- ‌أديان العرب قبل الإسلام

- ‌ بعثة هود عليه السلام

- ‌ بعثة صالح عليه السلام لثمود:

- ‌ دعوة صالح لثمود:

- ‌ آية نبوته:

- ‌ بعثة إسماعيل عليه السلام للعرب:

- ‌ بعثة شعيب عليه السلام إلى مَدْيَن:

- ‌ الشرك في بلاد العرب:

- ‌ عبادتهم الأصنام:

- ‌ مظاهر تعظيمهم للأصنام:

- ‌ عبادتهم لبعض الأشجار:

- ‌ عبادتهم بعض الحيوان:

- ‌ عبادتهم الكواكب:

- ‌ عبادتهم للملائكة:

- ‌ عبادتهم الجنَّ:

- ‌ عبادتهم للكواكب:

- ‌ البرهمية في العرب:

- ‌ دين الصابئة في العرب:

- ‌ المجوسية في العرب:

- ‌ الدهرية في العرب:

- ‌ اليهودية في جزيرة العرب:

- ‌ أثر اليهودية في العرب:

- ‌ النصرانية في العرب:

- ‌ الموحدون من العرب:

- ‌محمد رسول الله وخاتم النبيين

- ‌ حال العرب قبل مبعثه عليه الصلاة والسلام

- ‌ نشأته عليه الصلاة والسلام وسيرته الطاهرة قبل البعثة:

- ‌ دلائل نبوته:

- ‌ القرآن الكريم

- ‌ بشارات الأنبياء والرسل به قبل مجيئه:

- ‌ سيرته:

- ‌ المعجزات المحسوسة:

- ‌ عموم بعثته عليه الصلاة والسلام

- ‌ دوام شريعته وختمه للنبوة:

- ‌ خلقه عليه الصلاة والسلام وآدابه:

- ‌ اجتهاده عليه الصلاة والسلام في عبادة ربه:

- ‌ أثر دعوته في إصلاح العالم:

- ‌صبر محمد عليه السلام ومتانة عزمه

- ‌الهجرة النبوية

- ‌ لماذا جعلت الهجرة النبوية مبدأ التاريخ في الإسلام

- ‌رفقه وحكمته البالغة في السياسة

- ‌ رفقه بمن يسيئون إليه على جهالة:

- ‌ رفقه بالمرأة:

- ‌ حكمته البالغة في السياسة:

- ‌نظرة في دلائل النبوة

- ‌ القرآن الكريم:

- ‌ بلاغته:

- ‌ السيرة النبوية:

- ‌ المعجزات المحسوسة:

- ‌عظمة رسول لله صلى الله عليه وسلم وهدايته

- ‌شجاعته عليه الصلاة والسلام

- ‌منقذ العالم من الظلمات

- ‌آداب الدعوة وحكمة أساليبها

- ‌رجاحة عقله صلى الله عليه وسلم وحكمة رأيه

- ‌هجرة الصحابة إلى الحبشة وأثرها في ظهور الإسلام

- ‌ الهجرة الأولى إلى الحبشة:

- ‌ كيف سافر المهاجرون الأولون من مكة

- ‌ اغتباط المسلمين بهجرتهم:

- ‌ خروج أبي بكر بقصد الهجرة إلى الحبشة:

- ‌ سعي قريش في رجوع أولئك المهاجرين:

- ‌ دعوة النجاشي الصحابة وسؤالهم:

- ‌ نصب عمرو لهم مكيدة عند النجاشي:

- ‌ رجوع المهاجرين إلى مكة:

- ‌ الهجرة الثانية إلى الحبشة:

- ‌ هجرة الأشعريين إلى الحبشة:

- ‌ رجوع فريق من مهاجري الحبشة إلى المدينة:

- ‌ وفد الحبشة:

- ‌ إسلام عمرو بن العاص على يد النجاشي:

- ‌ تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بأم حبيبة وهي بأرض الحبشة:

- ‌ قدوم بقية المهاجرين من الحبشة:

- ‌ من ولد من المسلمين بأرض الحبشة

- ‌ فضل المهاجرين إلى الحبشة:

- ‌ إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بوفاة النجاشي، وصلاته عليه:

- ‌ دعوة النبي صلى الله عليه وسلم النجاشي إلى الإسلام:

- ‌ أثر الهجرة في ظهور الإسلام:

- ‌إبادته للأصنام صلى الله عليه وسلم

- ‌حياة الدعوة الإِسلامية كجزيرة العرب

- ‌ حكمة ظهورها في العرب:

- ‌ حياتها بمكة:

- ‌ حياتها بالمدينة:

- ‌ انتشار الإسلام بالجزيرة:

- ‌قضاء البعثة المحمدية على المزاعم الباطلة

- ‌البلاغة النبوية

- ‌الاحتفال بذكرى الهجرة النبوية

- ‌لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة

- ‌الهجرة مبدأ التأريخ العام في الإسلام

- ‌المعجزات الكونية

- ‌من آداب خطب النبي عليه الصلاة والسلام

- ‌في الهجرة بركة

- ‌العظمة

- ‌الهجرة وشخصيات الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌ اتجاه الوحي بمكة:

- ‌ اتجاه الوحي بالمدينة:

- ‌ نزول الوحي بخلاف اجتهاده:

- ‌ رجوعه عن اجتهاد باجتهاد:

- ‌ قضاؤه عليه الصلاة والسلام

- ‌ شخصياته الأربع:

- ‌ رسالته:

- ‌ إمامته:

- ‌ تصرفه بالفتوى:

- ‌ تصرفه بالقضاء:

- ‌ ماذا يترتب على الشخصيات الأربع

- ‌ملاحظات على مولد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تحية المقام النبوي ومناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكرى المولد

- ‌ذكرى المولد النبوي

- ‌مشاهداتي في الحجاز

الفصل: ‌مشاهداتي في الحجاز

‌مشاهداتي في الحجاز

(1)

ألِمَجدٍ لا يَنالُ الْقاطِنينْ

وَدَّعَ الصّحْبَ وحَيَّا الظَّاعِنينْ (2)

شامَ في وِجْهَتِهِ يُمْناً وَلَوْ

زَجَرَ الطَّيْرَ لَمَرَّتْ باليَمينْ (3)

لا تَلوما في النَّوى مَنْ هاجَهُ

لِلنَّوى لا عِجُ شَوْقٍ في الْكَنينْ (4)

شاقَهُ الْبَيْتُ وَقَبْرُ المصْطَفى

ورُبوعُ الخُلَفاء الرَّاشِدينْ (5)

سارَ شَوْطًا وَهْوَ لا يَدْري أفي

حُلُمٍ أمْ فى زمانٍ لا يخونْ

ذَكَرَ "الخِضْرَ" و"موسى" إذْ أتى

مَجْمَعَ الْبحْرَيْنِ مُرْتادَ السَّفين (6)

(1) ديوان الإمام محمد الخضر حسين "خواطر الحياة".

(2)

الظاعن: السائر.

(3)

شام البرق: نظر إليه أين يقصد، وأين يمطر. اليمن: البركة. زجر الطير: تفاءل به، يقال: فلان يزجر الطير: أي: يعافها، وهي أن يرمي الطائر بحصاة، أو أن يصيح به، فإن ولاه في طيرانه ميامنة، تفاءل به، وإن ولاه مياسرة، تطير منه. والشاعر يقول: لو زجر الطير، فهو لم يزجرها، لأن ذلك ضرب من الطيرة المنهي عنه.

(4)

النوى: البعد. الكنين: المستور، ويراد به: القلب والضمير.

(5)

شاقه الحب: شوقه إليه. البيت: الكعبة المشرفة بيت الله الحرام.

(6)

الخضر: صاحب النبي موسى - عليه =

ص: 321

رَكِبَ "الطائِفَ" يَطْوي الْبحْرَ في

جَذَلٍ والبَخرُ كالشَّيْخِ الرَّزينْ (1)

وإذا هَبَّتْ جَنوبٌ طَرَدَتْ

ما يُلاقيهِ النَّدامى مِنْ شُجونْ (2)

هُمْ سُكارى ما احْتَسَتْ آذانُهُمْ

حِكْمَةَ الْقُرآنِ في نظقِ رَصينْ

وَدَنَوْا مِنْ "رابِعٍ" فاسْتَبَقوا

يَذْكُرونَ اللهَ جَهْراً محْرِمينْ (3)

في بَياضٍ ناصِع تحْسَبُهُمْ

بادِئَ الرَّأْي زُهوراً في الْغُصونْ

رَسَتِ الطَّائِفُ في "جُدَّةَ" لا

بَرِحت "جُدَّةُ" في حِصْنٍ حَصينْ (4)

رَحَلوا في جُنْحِ لَيْلٍ وَأتوْا

مَكَّةَ الْغَرَّاءَ مِنْ نحْوِ الحَجونْ (5)

في رضا اللهِ خُطاً خاضوا بِها

في حَصًى يَغْبِطُهُ الدُّرُّ المَصونْ

دَخَلوا بَيْتاً حَراماً يَسْتَوي

فيهِ ذو التاجِ ومُغْبَرُّ الجَبينْ

شاهَدوا الكَعْبَةَ وَهْنًا فَجَرَتْ

عَبَراتُ الْبِشْرِ مِنْ بَعْضِ الجُفونْ (6)

= السلام -. مجمع البحرين: ملتقى بحري فارس والروم.

(1)

الطائف: اسم الباخرة التي ركبها الإمام من السويس إلى جدة.

(2)

الجنوب: ريح تقابل الشمال، ومنه:"إذا جاءت الجنوب، جاء معها خير وتلقيح".

(3)

رابغ: بلدة على البحر الأحمر في الطريق بين جدة والمدينة المنورة، يحرم منها الحجاج القادمون من الشام ومصر والمغرب. المحرم: أحرم الحاج أو المعتمر: دخل في عمل حرم عليه به ما كان حلالاً.

(4)

جدة: مدينة على البحر الأحمر، وهي ميناء مكة المكرمة، وباب الحجاج إليها بحراً، وقد أسسها سيدنا عثمان بن عفان، وفيها قبر ينسب إلى حواء أم البشر.

(5)

الحجون: جبل بأعلى مكة المكرمة، عليه مدافن أهلها.

(6)

الوهن: نحو نصف الليل، أو بعد ساعة منه.

ص: 322

مُقْلَةُ الدُّنْيا فَإنْ أبْصَرْتَها

في سَوادٍ فَعُيونُ الْغِيدِ جُونْ (1)

لَثَموا مِنْ رُكْنِها الأيَمنِ ما

لَثَمَنْهُ شَفَتا طَهَ الأمينْ (2)

هِيَ بَيْتُ اللهِ إنْ طافوا بِها

وَهُمُ أضْيافُ رَبِّ الْعالمَينْ

وَرَدوا "زَمْزَمَ" يَشْفونَ بها

ظَمَأَ الأكْبادِ حينًا بَعْدَ حينْ (3)

لَوْ شَفى "عَمْرُو بْنُ كُلْثوم" بِها

غُلَّهُ عافَ خُمورَ الأَنْدَرِينْ (4)

صَعِدوا "المَرْوَةَ" مِنْ بعْدِ "الصَّفا"

وَسَعَوْا للهِ سَبْعاً راجِلينْ (5)

وَقَفوا في "عَرَفاتٍ" مَوْقفاً

يَطْرَحُ الآثامَ مِنْ ماضي السِّنينْ (6)

إنَّ دَهْراً طافَ ساقيهِ بِما

تَشْتَهي أنْفُسُهُمْ غَيْرُ ضَنينْ

(1) مقلة الدنيا: الكعبة المشرفة وهي مجللة بالسواد، شبهها الإمام بعين الدنيا.

الجون: جمع الجوْن: السود.

(2)

الركن الأيمن: الركن اليماني من أركان الكعبة، وهو إلى جهة المغرب.

(3)

زمزم: هي البئر المعروفة داخل الحرم المكي، قيل: سميت بها لكثرة مائها، يقال: ماء زمزم وزمزام، وقيل: هو اسم علم لها.

(4)

عمرو بن كلثوم: (

- نحو 40 ق هـ) شاعر جاهلي، ولد في شمال جزيرة العرب، ومات في الجزيرة الفراتية. وكان عزيز النفس فاتكاً شجاعاً.

(5)

الصفا والمروة: يمتد المسعى بين الصفا والمروة إلى الجهتين الشرقية والغربية من المسجد الحرام، وكل منهما عبارة عن سطح مرتفع يصعد إليه بمدرجات قليلة العدد، وبه الميلان الأخضران. قال الله تعالى:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158].

(6)

عرفات: مكان اجتماع الحجيج، ويبعد عن مكة المكرمة نحو خمسة وعشرين ميلاً.

ص: 323

هَبَطوا "جَمْعًا" وَقدْ سادَ الدُجى

وَحَدَوْا مِنْها المَطايا مُصْبحينْ (1)

هَلْ دَرَى المَشْعَرُ إذْ عاجُوا بِهِ

أنَّهُمْ جُنْدُ إمامِ المُرْسَلينْ (2)

نزلوا "خَيْفَ مِنًى" حَيْثُ رَمَوْا

بالحَصى سَبْعاً عَلى وَجْهِ اللَّعينْ (3)

وَأتوْا "أُمَّ الْقُرى" فاطَّوَفُوا

ثُمَ عادوا "لمنًى" في الْعائِدينْ (4)

رَكَعوا في مَسْجِدِ الخَيْفِ وَهَلْ

أحْرَزوا فيهِ ثَوابَ الخاشِعينْ (5)

وَقَضَوْا حَق "مِنىً" وارْتَحَلوا

بَعْدَ أنْ أذنَ بالعَصْر أَذينْ (6)

سَلْ "ثَبِيراً" ما لَهُ ظَل بها

مُلْقِيَ الرَّحْلِ وقْد بانَ القَطينْ (7)

أفلا يَحْمِلُ ما نحْمِلهُ

لِرُبى طَيْبَةَ مِنْ شَوْقٍ مَكينْ

دع "ثَبيراً" قاسِيَ الْقَلْبِ فَهَلْ

تَلْفَحُ الأشْواقُ صَخْراً فَيَلينْ

هّذِهِ مَكَّةُ ما للِشَّمْسِ في

صُفْرَةٍ تَحْكي بِها وَجْهَ الحَزينْ

(1) جمع: هي المزدلفة: وسمي جمعاً؛ لاجتماع الناس فيه. الدجى: الظلمة.

(2)

المشعر: المشعر الحرام، قال الله تعالى:{فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: 198]، وقيل: إن المزدلفة كلها المشعر الحرام. ومعنى المشعر: معلم للعبادة.

(3)

خيف مني: سفح الجبل فيها. اللعين: إبليس.

(4)

أم القرى: من أسماء مكة المكرمة.

(5)

مسجد الخيف: مسجد في مني، وفي الحديث الشريف:"صلى في مسجد الخيف سبعون نبياً، منهم موسى"، وبه المحراب والمنبر الذي خطب عليه النبي صلى الله عليه وسلم.

(6)

الأذين: المؤذن.

(7)

ثبير: جبل بمكة المكرمة، سمي كذلك باسم رجل من هذيل مات فيه، فعرف به، وكان فيه سوق في الجاهلية كسوق عكاظ. القطين: القاطن.

ص: 324

أتُرينا والنَّوى قَدْ أزِفَت

كَيْفَ تصْفَرُّ وُجوهُ النَّازحينْ

بَلدَةٌ عُظْمى وَفي آثارِها

أنْفَعُ الذكرى لِقَوْمٍ يَعْقِلونْ

شَبَّ في بَطْحائِها خَيْرُ الوَرى

وشَبا في أُفْقِها أسْمَحُ دينْ (1)

إنْ عَزَمْنا النَّأيَ عَنْها فالضَّرو

راتُ قَدْ تُنْئي خَديناً عَنْ خَدينْ (2)

سائِقَ السَّيَّارَةِ انْهَضْ نَغْتَنِمْ

فُرْصَةً نَرْقُبُها منْذُ سِنينْ

خُضْ بها الْبِيدَ إلى سَلْع فَلي

حاجَةٌ في أرْضِ سَلْع وشُؤونْ (3)

بَيْنَ لَيْلٍ مِثْلِ أحْداقِ المَها

ونَهارٍ مِثْلِ نَوْرِ الياسَمينْ (4)

أحْمَدُ الإدلاج والتَّأوِيبَ إذ

أرَياني خيْرَ ما تَهْوى الْعُيونْ (5)

أمْتَعا طَرْفي بِمَرْأى رَوْضَةٍ

أوْدَعوا تُرْبَتَها خَيْرَ دَفينْ

رَوْضَةٌ يصْبو إلَيْها كُلُّ مَنْ

عَرَفَ الحَقَّ وبالحَقَّ يَدينْ

شادَها الهادي عَلى أُسِّ التُّقى

وَتَلا القُرآنَ فيها جِبْرَئينْ (6)

(1) بطحاء مكة: ما بين جبليها المسميين بالأخشبين، وهما: أبو قبيس، والأحمر، وذلك صميم مكة، ومن كان يسكن البطحاء هم المحض واللباب من قريش، وكان دونهم من يسكن الظواهر من مكة. شبا: أضاء. أسمح دين: الإِسلام.

(2)

الخدين: الصاحب والصديق.

(3)

سَلْع: جبل في ظاهر المدينة.

(4)

المها: جمع المهاة: البقرة الوحشية.

(5)

الإدلاج: السير أول الليل، وربما استعمل للسير آخر الليل. التأويب: السير جميع النهار.

(6)

جبرئين: جبريل عليه السلام.

ص: 325

حَرَمٌ كَمْ سُقِيَتْ حَصْباؤُهُ

في دُجى اللَّيْلِ دُموعَ القانِتينْ (1)

فاسْأَلوا المِحْرابَ عَنْ بَدْرِ الهُدى

إذْ هَوى يَسْجُدُ في ماءٍ وَطين (2)

مَعْهَدُ الحكْمَةِ لا يَنْبُتُ في

دَوْحِهِ إلَّا الدَّعاةُ المُصْلِحونْ

مِدْرَسٌ لِلْحَرْبِ لَمْ يَرْمِ الْعِدا

قَطُّ إلَّا بالكُماةِ الْفاتِحينْ (3)

ثُكْنَةٌ لِلْجُنْدِ والقَضْبِ إذا

لَم يَكُنْ بُدٌّ مِنَ الحَرْبِ الزَّبونْ (4)

حُجُرات مُلِئَتْ طُهْراً أَما

عَمَّرَتْها أُمَّهاتُ المُؤْمِنينْ

لُقِّنَتْ فيها حُقوقٌ أنْقَذَتْ

رَبَّةَ المَنْزلِ مِنْ أَسْرٍ يَشينْ

هأنَذا في مُقامٍ مُؤْنِسٍ

كَسَنا الْبَدْرِ مَهيبٍ كالعَرينْ (5)

(1) الحرم: الحرم النبوي الشريف، ومعنى الحرم: ما لا يحل انتهاكه. الحصباء: الحصى، والواحد حصبة. القانت: القائم بالطاعة والدائم عليها، والمصلي.

(2)

يسجد في ماء وطين: في هذا البيت يلمح الإمام لما ورد في "صحيح البخاري" عن أبي سعيد رضي الله عنه، قال: اعتكفنا مع النبي صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط من رمضان، فخرج صبيحة عشرين، فخطبنا وقال: "

إني رأيت أني أسجد في ماء وطين، فمن كان اعتكف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليرجع"، فرجعنا وما في السماء قزعة (قطعة من سحاب) فجاءت سحابة فمطرت حتى سال سقف المسجد، وكان من جريد النخل، وأقيمت الصلاة، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين، حتى رأيت أثر الطين في جبهته صلى الله عليه وسلم.

(3)

المدرس: الموضع الذي يدرس فيه. الكمأة جمع الكمي: الشجاع.

(4)

القضب: ما قطعت من الأغصان للسهام والقسي، ويقصد بها: السلاح والعتاد الحربي. حرب زبون: يدفع بعضها بعضاً من الكثرة.

(5)

مهيب: يخافه الناس. العرين: مأوى الأسد.

ص: 326

فَسَلامًا في حُضورٍ بَعْدَما

كادَ يُزْجيهِ على البُعْدِ حَنينْ

جِئْتَ يا مُخْتارُ والْعالَمُ في

لَيْلِ جَهْلٍ وضَلالٍ ومُجونْ (1)

فَمَحَوْتَ الهزْلَ بالجِدِّ كما

ذُدْتَ لَيْلَ الْغَيِّ عَنْ صُبْحِ الْيقينْ

وَأَقَمْتَ الْعِلْمَ صَرْحاً شامخاً

وصَرَعْتَ الجَهْلَ طَعْناً في الودينْ (2)

سُسْتَ أقْوامًا فَساسُوا أَمماً

بِيَدِ الإنْصافِ في حَزْمٍ وَلِينْ

وقَضَوْا فيها بِشَرع قَيِّمٍ

فأرَوْها كَيْفَ يَقْضي الْعادِلونْ

"خاتَمَ الرُّسْلِ" ألم يَأتِكَ ما

حَلَّ بالأُمَّةِ مِنْ خَطْب مُهينْ

وَيْلَها مِنْ مُرْهقٍ في عَلَنٍ

وَخَؤونٍ في ثِيابِ النَّاصِحينْ (3)

لَيْتَ قَوْمًا وَرِثوا هدْيَكَ لَمْ

يُغْمِضوا عَنْ مُوبِقاتِ المْترَفينْ (4)

لَيْتَ قَوْماً وَرِثوا الرَّايَةَ قَدْ

فَطِنوا لِلدَّاءِ والدَّاءُ كَمينْ (5)

دِينُكَ الوَضَّاءُ ثارَتْ حَوْلَهُ

غُبْرَةٌ من شُبُهاتِ المُبْطِلينْ (6)

مِنْ يَدٍ تَرْميهِ في رَأْدِ الضُّحَى

وَيدٍ تَرْميهِ مِنْ خَلْفِ الدُّجونْ (7)

(1) المجون: الهزل، يقال: مجن الرجل مجوناً: كان لا يبالي قولاً وفعلاً.

(2)

الوتين: عرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه.

(3)

المرهق: الحاكم الظالم الجائر الذي يحمل الأمة ما لا تطيق. الخؤون: الخائن.

(4)

الموبقات: المعاصي.

(5)

الكمين: الداخل في الأمر لا يفطن له.

(6)

الغبرة: الغبار.

(7)

رأد الضحى: وقت ارتفاع الشمس وانبساط الضوء في الخمس الأول، وذلك شباب =

ص: 327

ولَهُمْ في كُل وادٍ قَلَمٌ

ولِسانٌ لاصطِيادِ الْغافِلينْ

كَمْ أزاغوا عَنْ عَفافٍ وهُدًى

مِنْ بَناتٍ طاهِراتٍ وَبَنينْ

لَمْ يَرُعْنا يا أبا القاسِمِ مِنْ

جَوْلَةِ الغيِّ دَوِىٌّ وَطَنينْ (1)

إنَّ في الشَّرْقِ شَباباً أيْقَنوا

أنَّكَ الدَّاعي إلى الحَقِّ المُبينْ

إنَّ أَسْنى المَجْدِ في شَعْبٍ إذا

سامَهُ الخَصْمُ أَذًى لا يَسْتَكينْ

وَقَفوا يَرْمونَ أعْداءَ الهُدى

بِنبالٍ قَوْسُها الْعِلْمُ المَتينْ

يَعْشَقونَ الْبَذْلَ في الخَيْرِ إذا

عَشِقَ المالَ طَغامٌ مُوسِرونْ (2)

يُؤثِرونَ المَوْتَ في عِزٍّ عَلى

أنْ يَعيشوا تَحْتَ إرْهاقٍ وهُونْ (3)

وإلى الحَضْرَةِ ما حمِّلتُهُ

مِنْ تَحِيَّاتِ شَبابٍ ناهِضينْ

أيُّ وِرْدٍ لَم يُكدِّرْ صَفْوَهُ

صَدَرٌ ما الدهْرُ إلَّا مِنْجَنونْ (4)

أزمعَ الركبُ رحيلاً لم يكنْ

منه بُدُّ والضَّرورات فُنونْ

فَوَقَفْنا لِوَداعٍ، والأسى

يَلْذَعُ الآماقَ بالدَّمْعِ السَّخينْ (5)

= النهار. الدجون: جمع الدجن: إلباس الغيم الأرض وأقطار السماء، ويقصد بذلك: الظلمات.

(1)

أبو القاسم: النبي صلى الله عليه وسلم.

(2)

الطعام: أوغاد الناس، الواحد والجمع فيه سواء.

(3)

الهون: الخزي.

(4)

الورد: الإشراف على الماء، والماء الذي يورد. الصَّدَر: الرجوع عن الماء. المنجنون: الدولاب الذي يستقى عليها، وهي مؤنثة.

(5)

السخين: الحار.

ص: 328

أفَلا نأسى عَلى عَهْدٍ أتى

وَتَوَلّى وَهْوَ مَقْطوعُ القَرينْ (1)

نَضِرٌ كالرَّوْضِ حَلَّاهُ النَّدى

بِجُمانِ صِيغَ مِنْ ماءٍ مَعينْ (2)

يا حمى وَدَّعْتُهُ والشَّمْسُ قَدْ

وَدَّعَتْ والْتَحَقَتْ بالرَّاحِلينْ

هَلْ لنا عَوْدٌ كَعَودِ الشَّمْسِ مِنْ

قَبْلِ أنْ يَصْرِفَنا عَنْكَ المَنونْ (3)

وسَلاماً كُلَّما رَتَّلْتُه

قالَتِ الدُّنْيا وَمَنْ فيها: أَمينْ (4)

(1) القرين: المقارن.

(2)

الجمان: اللؤلؤ، الواحد جمانة. المعين: الجاري.

(3)

المنون: الموت.

(4)

أمين: اسم فعل معناه: استجب.

ص: 329