الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا أبو حيان في تفسيره "البحر".
وليس في الآية ما يدل على أن هؤلاء القوم يقرون بالإله، أو يجحدون به، فمن ذهب إلى أن موردها قوم لا يقرون بالإله، فلأن إضافة الحوادث إلى الدهر مقترنة بإنكار البعث، شأن الدهريين الذين ينكرون وجود الخالق - جل شأنه -.
ومن أثر اعتقادهم أن الحوادث من الدهر: كثرة شكواهم من الدهر، ويظهر هذا كثيراً في أشعارهم، قال أبو عبيد: ومن شأن العرب أن يذموا الدهر عند المصائب والنوائب، حتى ذكروه في أشعارهم، ونسبوا الأحداث إليه، وقد أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع هذا الأثر الناشئ عن أصل عقيدة فاسدة، فقال كما جاء في "صحيح البخاري":"لا يقولون أحدكم: يا خيبة الدهر! فإن الله هو الدهر".
*
اليهودية في جزيرة العرب:
لليهودية في جزيرة العرب على ما يقوله بعض الكاتبين في تاريخها طوران:
أولهما: كان لبطون من اليهود نزلوا بلاد العرب، وانتهى هذا الطور في القرن الخامس قبل ميلاد المسيح (1).
ثانيهما: ابتدأ في القرن الأول والثاني بعد ميلاد المسيح (2)؛ ذلك أن جموعاً كثيرة من اليهود هاجروا من فلسطين إلى البلاد العربية، ولهذه
(1) انقرض اليهود من الجزيرة لذلك العهد، ولم يبق فيما يقال إلا بعض آثار منازلهم.
(2)
انتهى هذا الطور بإجلاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه لهم من الجزيرة.
الهجرة أسباب:
منها: نمو عدد اليهود في فلسطين حتى ضاقت بهم البلاد.
ومنها: أن الدولة الرومانية كانت قد استولت على فلسطين حوالي القرن الأول قبل ميلاد المسيح، وانهالت تضطهد اليهود، وتسومهم الخسف، فلجأ طوائف منهم إلى الهجرة، وقصدوا البلاد العربية؛ مما عرفوه من حياة البداوة العربية من الحرية، فقبلهم العرب، وعاملوهم بإحسان.
ومنها: أن بلاد العرب كثيرة الرمال، فيتعسر على الجيوش الرومانية وهي على شيء من النظام أن تقطعها، فنزل اليهود في شمال الحجاز بيثرب (المدينة المنورة)، وأرض خيبر (1)، ووادي القرى (2)، وتيماء (3)، واتخذوا الحصون والآطام (4) على رؤوس الجبال.
ومن دخل في اليهودية من العرب طوائف من بني كنانة، وبني كندة، وبني نمير، وكانت هذه القبائل مجاورة لمواطن اليهود: يثرب، وأم القرى، وتيماء.
(1) على ثمانية برد من المدينة لمن يريد الشام، وخيبر بلسان اليهود: الحصن، وقيل: سميت باسم رجل من العماليق، فنزلها، وفتحت سنة 7 للهجرة، وقيل: سنة 8.
(2)
واد بين المدينة والشام، وهو من أعمال المدينة، كثير القرى، فتحها النبي صلى الله عليه وسلم سنة 7. ثم صولحوا على الجزية بعد أن فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر.
(3)
بلد بين الشام ووادي القرى، لما بلغهم فتح أم القرى، بعثوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وصالحوه على الجزية، وأقاموا ببلادهم، وبقيت أرضهم بأيديهم.
(4)
جمع أطم: وهو القصر، ويطلق على الحصن المبني بالحجارة، وعلى كل بيت مربع.
وظهرت اليهودية في بلاد اليمن منذ عهد بعيد، ودخل فيها بعض ملوك حمير، فقامت دولة متهودة (1)، إلى أن جاء الجيش، فقوضوا أركانها، ولكن بقيت طوائف من اليهود مفرقين في البلاد. وسبق كتاب المنذر أمير البحرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه يقول:"بأرضي مجوس ويهود، فأحدث إلي في ذلك أمراً".
وقال الجاحظ: "وجاء الاسلام، وليست اليهودية بغالبة على قبيلة إلا ما كان من ناس من اليمانية، ونبذ يسير من جميع إياد وربيعة، ومعظم اليهودية، إنما كان بيثرب، وحمير، وتيماء، ووادي القرى في ولد هارون، دون العرب"(2).
وفي أهل نجران الذين أجلاهم عمر بن الخطاب من الجزيرة يهود، ومما يقولونه في سبب ظهور اليهودية في اليمن: أن الدولة الرومانية بالشرق بعد أن انتهت من بسط سلطانها على الممالك المجاورة لجزيرة العرب، وجهوا أنظارهم على الاستيلاء على أطراف الجزيرة العربية، فأرسلوا وفوداً من الرهبان لنشر الديانة المسيحية بالجزيرة؛ تمهيداً لتنفيذ خطتهم السياسية الاستعمارية (3)، وتنبه ملوك حمير لهذه الغاية، فدخلوا في اليهودية، ودعوا
(1) قال بعض المؤرخين من المستشرقين: إن دولة حمير اليهودية لم تظهر إلا في القرن الخامس بعد المسيح، واستشهد على هذا بقول الطبري: إن تبان أسعد ملك حمير وصاحب الدعوة اليهودية، كان في نهاية القرن الخامس.
(2)
"رسالة في الرد على النصارى".
(3)
هذه الحيلة يعمل بها الدول المسيحية اليوم، فيرسلون دعاة النصرانية إلى بلاد الإسلام؛ ليمهدوا لهم السبيل إلى احتلالها، أو ليعينوهم على تثبيت سلطانهم =