الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن أثر هذا الخلق الكريم: أنه كان لا يواجه أحداً في وجهه بشيء يكره (1)، وإذا بلغه عن أحد شيء يستحق الزجر، لم يذكر اسمه، وإنما يورد الزجر في خطاب عام؛ كما قال:"ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله؟! ".
وكان صلى الله عليه وسلم مع تواضعه ورفقه ورحمته وحلمه وحيائه-، يملأ القلوب مهابة وإكباراً، فقد ورد في وصف مجلسه: أنه كان إذا تكلم، أطرق جلساؤه كانما على رؤوسهم الطير، وإذا سكت، تكلموا، ولا يتنازعون عنده الحديث، ومن تكلم عنده، أنصتوا له حتى يفرغ حديثه.
*
اجتهاده عليه الصلاة والسلام في عبادة ربه:
قد رأيت من الفصل السابق كيف كانت صلته عليه الصلاة والسلام بالخليقة، وعرفت أنها كانت عامرة بالرفق والرحمة والإحسان. ونريد أن نحدثك في هذا الفصل عن صلته بربه، وصرفه الجهد في حسن طاعته:
تحدثنا الروايات الصحيحة: أنه كان صلى الله عليه وسلم مسلِّماً وجهه إلى الله تعالى، مملوء القلب بخشيته، وموصول الهمة بعبادته، فكان عليه الصلاة والسلام يقوم بالدعوة، ويضيف إلى هذا العمل العظيم: التقرب إلى الله تعالى بالذكر والصلاة والصيام وتلاوة القرآن.
وكان يتهجد بالليل على وفق قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79].
روى الإمام البخاري في "جامعه الصحيح" عن المغيرة بن شعبة: أنه
(1) أبو داود، والنسائي.