الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إليها؛ ليدافعوا بها النصرانية.
*
أثر اليهودية في العرب:
روى جماعة من المحدثين؛ كأبي داود، والبيهقي، والحاكم عن ابن عباس: أنه قال: "كان هذا الحي من الأنصار، وهم أهل وثن، مع هذا الحي من اليهود، وهم أهل كتاب، كانوا يرون لهم فضلاً عليهم في العلم، وكانوا يقتدون بكثير من أفعالهم". ومن أثر اعتقادهم بفضل اليهود في العلم لذلك العهد: أنه كان من نساء الأوس والخزرج من إذا ولدت ولداً، تنذر إن عاش ولدها أن تهوده (1). ويروى أن يهود يثرب علَّموا العرب الكتابة العربية (2).
ويرى أثر اليهودية في شعر العرب؛ كما قال لبيد يصف رجلاً قد غلبه النعاس:
يلمس الأحلاس (3) في منزله
…
بيديه فاليهودي المصل
ووجدت للعرب أشياء تقارب بأسمائها وصورها بعض ما عرف لليهود، فعدها بعض الكاتبين من تأثير اليهودية؛ مثل:"النسيء" الذي كان يقوم به
= عليها، وليست البهائية والقاديانية إلا فرقتين غير إسلاميتين تعملان تحت اسم الإسلام؛ لتمكين بعض الدول المسيحية من احتلال البلاد الإسلامية، أو مساعدتهم على تثبيت قدم الاحتلال.
(1)
"الر وض الأنف" للسهيلي.
(2)
"فتوح الإسلام" للبلاذري.
(3)
الأحلاس: جمع حلس، وهو الكساء الذي يكون على ظهر البعير تحت البرذعة. ويبسط في البيت تحت حر الثياب.
أفراد اتخذهم العرب رؤساء فيه (1)، وهو أنهم إذا فرغوا من الحج، اجتمعوا إلى هذا الرئيس، فحرم الأشهر الحرم: رجباً، وذا القعدة، وذا الحجة، والمحرم، فإذا احتاجوا إلى شن الغارة وطلب الثارات، أخر شهر المحرم إلى صفر، وإن احتاجوا إلى ذلك في صفر، أخروه، وحرموا ربيعاً الأول، وهذا ما نزل فيه قوله تعالى:{إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [التوبة: 37]؛ لأنه تحريم ما أحل الله، {يُحِلُّونَهُ} [التوبة: 37]؛ أي: الشهر المؤخر {عَامًا} [التوبة: 37]، ويحرمون مكانه شهراً آخر، {وَيُحَرِّمُونَهُ} [التوبة: 37]؛ أي: يحافظون على حرمته {عَامًا لِيُوَاطِئُوا} [التوبة: 37]: ليوافقوا [عدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّه} [التوبة: 37] من الأشهر الأربعة (2).
وقد قال بعض الإفرنج: إن النسيء الذي كان عند العرب في الجاهلية مأخوذ من اليهود، فإن الناسئ في اللغة العبرية معناه: الرئيس الديني، وكذلك كان الرئيس الديني عند اليهود يؤخر ويقدم الشهور، ويعين مواعيد الأعياد والصيام، ويبعث بذلك إلى طوائف اليهود المختلفة.
ونحن نستبعد أن يكون النسيء مأخوذاً عن اليهود ما دام لفظه مشتقاً من مادة عربية له تصرفات تدور حول معنى التأخير (3).
(1) آخرهم عوف بن أمية.
(2)
ويقع النسيء على وجه آخر، هو أنهم يؤخرون الحج عن وقته تحرياً منهم للسنة الشمسية، فكانوا يؤخرونه في كل عام أحد عشر يوماً أو أكئر قليلاً، حتى يمر ثلاث وثلاثون سنة، فيعود الحج إلى وقته، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع:"إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض". فكانت حجة الوداع في السنة التي عاد فيها الحج إلى وقته.
(3)
يقال: نسأه ونسأه إلى آخره. وبعته بنسيئته؛ أي: بآخرة، واستنسأه: سأله أن =
ومما ظنه بعضهم من أثر اليهودية في العرب: كلمة "صوفة"، ذلك أن هذا اللفظ في العبرية معناه: الحادي، والعرب يطلقونه على قوم يندفعون بالناس من عرفة، ويؤمونهم في رمي الجمار، وكان آخرهم عند ظهور الإسلام كرب بن صفوان، والكتب العربية تذكر في تسميتهم صوفة وجوهاً، منها: ما ذكره صاحب "القاموس" من أنه اسم لأبيهم الغوث بن مرة، وقال أبو عبيدة: سموا بذلك؛ لأنهم بمنزلة الصوف: فيهم القصير والطويل، والأسود والأحمر، ليسوا من قبيلة واحدة. وقيل: لأن أم الغوث نذرت لئن عاش، لتعلقن برأسه صوفة، وتجعله خادماً للكعبة.
وزعم بعضهم: أن الختان أخذه العرب من اليهود، ونحن نرد هذا بأن الختان من سنة إبراهيم عليه السلام كما ورد في "صحيح البخاري":"اختتن إبراهيم عليه السلام وهو ابن ثمانين سنة".
وزعم أحد دعاة النصرانية (1): أن ما عرف عند العرب من أن إسماعيل عليه السلام أبو العرب إنما جاءهم من اليهود، قالوا لهم ذلك؛ ليتقربوا إليهم بدعوى أنهم أبناء إسماعيل، وأن اليهود أبناء إسحاق، وجد الجميع إبراهيم عليه السلام، وقد أخذ هذا الزعم صاحب كتاب "في الشعر الجاهلي"، وأنكر أن يكون إبراهيم عليه السلام دخل بلاد العرب. ونحن نؤمن بما جاء في القرآن الكريم، والحديث الصحيح. وليس في يد ذلك الداعية النصراني، ولا صاحب كتاب "في الشعر الجاهلي" رواية تقف في
= يؤخر دَينه، ونسئت المرأة: تأخر حيضها.
(1)
"ذيل مقال في الإسلام" لنصراني سمى نفسه: هاشماً العربي.