الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهو مؤمن بي، كافر بالكواكب".
ومما يروى عنهم في هذا الشأن: أنهم كانوا يكرهون نوء السماك، ويقولون: فيه داء الإبل، قال الشاعر:
ليت السماك ونوءه لم يخلقا
…
ومشى الأفيرق في البلاد سليما
*
المجوسية في العرب:
المجوسية قائمة على اعتقاد أن للعالم أصلين، هما: النور، والظلمة، وأهل هذه النحلة يعظمون النار بزعم أنها من أجناس الآلهة النورية. والمجوس فرق، وأشهر فرقهم: الزرادشتية: أصحاب زرادشت الذي ظهر في عهد كشتاسف، ودعا هذا الملك إلى دينه، فأجابه، وأصل عقيدة هؤلاء: أن النور والظلمة مبدأ العالم، وأن الله خلقهما وأبدعهما، وأن الخير والشر، والصلاح والفساد، حصلت من امتزاج النور بالظلمة، ولزرادشت كتاب يقولون: إنه صنفه، أو أنزل عليه، وهو "زندستا".
ومن أشهر فرقهم: "الثنوية"، وهم أصحاب القول بأن النور والظلمة اللذين هما مبدأ العالم في زعمهم أزليان قديمان.
ومنها: "المانوية" وهم أصحاب ماني بن فاتك الذي ظهر في عهد شابور بن أزدشير، وقتله البهرام بن هرمز، وقتل الرؤساء من أصحابه (1).
(1) في أيام ماني ظهر اسم الزندقة، ذلك أن الفرس حين أتاهم زرادشت بكتابه المعروف بالنسياه باللغة الأولى من الفارسية، وعمل له التفسير، وهو الزند، وعمل لهذا التفسير شرحاً هو البازند، فكان من عدل إلى التاويل الذي هو الزند، قالوا: هذا زندي، فأضافوه إلى التأويل؛ أي: إنه منحرف عن ظاهر التنزيل، فأخذ العرب هذا اللفظ من الفرس، وعربوه، فقالوا:"زنديق "، والزنادقة هم الثانوية، ثم ألحق بهم في=
ومنها: المزدكية، وهم أصحاب مزدك الذي ظهر أيام قبادو والد أنوشروان، ودعا قبادو إلى مذهبه، فأجابه، ولما تولى أنوشروان، اطلع على كذب مزدك هذا، فقتله. ومن مبادئ هذه النحلة: إباحة النساء والأموال، وجعلها شركة بين الناس.
وكانت المجوسية في نفر من تميم، منها: زرارة بن عدي، وابنه حاجب ابن زرارة، والأقرع بن حابس، وأبو الأسود جد وكيع بن حسان.
وكانت المجوسية بالبحرين (1)، جاء في كتاب المنذر بن ساوى رئيس البحرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم "قرأت كتابك على أهل البحرين، فمنهم من أحب الإسلام وأعجبه، ودخل فيه، ومنهم من كرهه، وبأرضي مجوس ويهود، فأحدث إلي في ذلك أمرك"، فجاءه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه:"من أقام على يهودية أو مجوسية، فعليه الجزية".
وكانت المجوسية في نفر من قريش. قال ابن قتيبة في كتاب "المعارف": "وكانت الزندقة في قريش، أخذوها من الحيرة" ومراده من الزندقة: المجوسية، والظاهر: أن العرب المجوس كانوا على مذهب الثانوية؛ لأن الثانوية هي المعروفة باسم الزندقة.
ومن أثر المجوسية في العرب: حلفهم بالنار، وتعاقدهم عليها؛ فقد ورد في عاداتهم: أنهم كانوا يوقدون ناراً عند التحالف.
= هذا الاسم سائر من اعتقدوا قدم العالم، وأنكروا حدوثه.
(1)
ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر، وهجر: بلد معروف بالبحرين، وأما هجر التي تنسب إليها القلال الهجرية، فهي قرية من قرى المدينة المنورة. "النهاية" لابن الأثير.
قال الجاحظ في كتاب "البيان والتبيين": وكانوا (أي: العرب) يتحالفون على النار، ويتعاقدون، ويأخذون العهد المؤكد، واليمين الغموس.
وقال في كتاب "الحيوان": "كانوا لا يعقدون حلفهم إلا عند نار، فيذكرون عند ذلك منافعها، ويدعون الله بالحرمان والمنع من منافعها على الذي ينقض الحلف، ويخيس بالعهد".
وجاء في قصيدة الأعشى التي مدح بها المحلق ما يشير إلى أنهم كانوا يتحالفون على الرماد، وهو قوله:
رضيعَي لبانِ ثدي أُمِّ تقاسما
…
بأسحمَ داجٍ عَوْضُ لا نتفرق (1)
وأورد صاحب "العقد الفريد" هذا البيت، وقال: قوله "تقاسما بأسحم داج" يقول: تحالفا على الرماد، وهذا شيء تفعله الفرس؛ لئلا يتفرقوا أبداً.
ومن أثر المجوسية في العرب: زعمهم أن ابن المجوسي إذا كان من أخته، وخط على النملة (2)، تبرأ وتنصلح، قال بعض شعرائهم:
ولا عيب فينا غير عرق لمعشر
…
كريم وأنا لا نخط على النمل
يريد: أنا لسنا بمجوس ننكح الأخوات، وكانوا يكنُّون عن المجوسي
(1) قبل هذا البيت بيتان هما:
لعمري لقد لاحت عيون كثيرة
…
إلى ضوء نار في يفاع تحرّقُ
تُشب لمقرورين يصطليانها
…
وبات على النار الندى والمحلّقُ
(2)
هي بثيرة تخرج في الجسد بالتهاب واحتراق، ويرم مكانها يسيراً، ويدب إلى موضع آخر كالنملة، وتطلق على قروح في الجنب كالنمل. "القاموس".