الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن كانوا يعلمون حال أولئك المنافقين.
*
انتشار الإسلام بالجزيرة:
ما زال الناس يدخلون في الإسلام فرادى، أو جماعات قليلة ممن يشهدون مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقوم لهم من محادثاته، أو سماع القرآن آيات على صدق نبوته، إلى أن فتحت مكة، ودانت له قريش، وأسلمت ثقيف، فانتشر الإسلام في بلاد العرب انتشارًا شاملًا سريعاً، فأقبلت وفود العرب تضرب إلى رسول الله - صلوات الله عليه - من كل ناحية، وذلك ما أشار إليه القرآن المجيد بقوله تعالى في سورة النصر:{وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} [النصر: 2].
أقبلت الوفود، فمنهم من يفدون وهم مسلمون؛ كوفد مراد، ووفد بني عبس، ووفد صداء، ووفد محارب، ووفد خولان، ووفد بني أسد، ووفد فزارة، ووفد نجيب، ووفد بني سعد، ووفد كندة، ومنهم من يدخلون في الإسلام عند ملاقاتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كوفد عبد القيس، ووفد بني حنيفة، ووفد طي، ووفد بني زبيد، ووفد الأزد.
وكان لإسلام رؤساء هذه القبائل أثر كبير في إسلام من عداهم من العامة، ففي السيرة: أن ضمام بن ثعلبة قدم موفدًا من بني سعد بن بكر، فأسلم، وعاد إلى قومه، ودعاهم إلى الإسلام، فما بقي في ذلك اليوم في حاضره رجل ولا امراة إلا مسلماً.
كان هؤلاء الوفود يدينون بالإسلام، ويعودون إلى قومهم، وهم من أشد الدعاة إليه.
ومن وسائل انتشار الدعوة: أولئك الرجال الذين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم -
يبعثهم إلى القبائل للدعوة إلى الدين الحق؛ مثل: خالد بن الوليد، وممن أسلم على يده: بنو الحارث بن كعب، ومثل علي بن أبي طالب، وممن أسلم على يده: همدان. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كتباً مع رسل إلى ملوك العرب، فبعث عمرو بن العاص إلى جيفر وعبد الله ملكي عمان؛ وبعث سليط بن عمرو إلى هوذة بن علي ملك اليمامة، والعلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى ملك البحرين، والمهاجر بن أمية إلى الحارث بن عبد كلال ملك اليمن، وشجاع بن وهب إلى الحارث بن شمر الغساني ملك تخوم الشام، وأسلم من هؤلاء في ذلك العهد ملك البحرين، وملك عمان.
انتشر الإسلام في الجزيرة، فلم ينتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى إلا بعد أن دخل عبدة الأوثان من العرب في الإسلام، وأقر اليهود والنصارى والمجوس حين رضوا بإعطاء الجزية.
انتشر الإسلام في الجزيرة، وظهر على الأديان كلها، ولكنه لم يكن قد دخل في قلوب كل من قالوا: إنَّا مسلمون، بل منهم من دخلوا في الإسلام لباعث غير الإيمان، فلما ذاع نبأ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في أنحاء الجزيرة العربية، رفع المضللون رؤوسهم، ونشطوا لإلقاء الوساوس في قلوب السذج من الإعراب، وأخذ الذين دخلوا في الإسلام بدائع غير الإيمان يعودون إلى جاهليتهم، وأصبح العرب ثلاث طوائف:
طائفة استمرت على إسلامها الخالص، وهم الجمهور.
وطائفة بقيت على إسلامها كذلك، إلا أنها جحدت الزكاة على زعم أنها خاصة بزمن النبي صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء كثير، ولكنهم أقل من الطائفة الأولى عددًا.
وثالثة الطوائف خرجت عن الإسلام، وجاهرت بالردة، وهي قليلة
بالنسبة إلى جاحدي الزكاة.
وقد قام أبو بكر الصديق رضي الله عنه بقتال المرتدين وجاحدي فريضة الزكاة، فلم يحل الحول إلا والجميع قد راجعوا دين الإسلام، وامتدت ظلال الأمن والهداية في اليمين والشمال.