الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الواحدة بعد المئتين بعد المائة [التمسك بالأصل]
أولاً: لفظ ورود القاعدة:
التمسك بالأصل المعلوم واجب حتى يعلم غيره (1).
وفي لفظ: التمسك بما هو معلوم واجب حتى يتبين خلافه (2). تحت قاعدة اليقين لا يزول بالشك.
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها:
هذه القاعدة معقولة المعنى من حيث إن ما كان ثابتاً ومعلوماً يجب التمسك به وبناء الأحكام عليه حش يعلم خلافه، وإذا لم يعلم خلافه لا يجوز العدول عنه. وهذه القاعدة لها صلة وثيقة بسابقتها؛ لأن التمسك بالأصل المعلوم هو الاستصحاب وإبقاء ما كان على ما كان.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
في المضاربة إذا أذن رب المال للمضارب بالشراء فقط فهو لا يملك البيع - فتكون المضاربة فاسدة - وإجارة فاسدة، ولكنها وكالة بالشراء، فيكون المشتري لرب المال وللمضارب أجر مثله، فإذا باع المضارب ما اشترى وأجاز رب المال البيع فإن كان المبيع قائماً نفذ بيعه؛ (لأن الإجازة في الانتهاء كالإذن في الابتداء). وإن كان لا يدرى أن المبيع قائم أو هالك فالبيع نافذ أيضاً؛ (لأن التمسك بالأصل المعلوم) - وهو هنا بقاء المبيع سالماً غير هالك - (واجب حتى يعلم غيره).
(1) المبسوط جـ 22 ص 26.
(2)
نفس المصدر.
وأما إن كان المبيع هالكاً عند الإجازة فالإجازة باطلة وكان المضارب ضامناً للقيمة يوم باعه والثمن له يتصدق بالفضل إذا كان فيه؛ لأنه ملكه بملك خبيث كالمودعَ يتصرف بالوديعة فيربح فيها.
ومنها: إذا تطهر وشك في الحدث فهو متطهر.
ومنها: إذا مات الأمين وعند وديعة لم يبينها - أي مجهلاً لها - فالأمانة تصير ديناً في تركته عند الحنفية وصاحب الوديعة أسوة الغرماء في تركته؛ لأن الأمين بالتجهيل يصير مسلطاً غرماءه وورثته على أخذها، والأمين بمثل هذا التسليط يكون ضامناً، ويقدر قيام الوديعة وبقاؤها عند الموت؛ لأن الأصل المعلوم بقاؤها. والتمسك بما هو أصل معلوم واجب ما لم يتبين خلافه.
ومنها: إذا ثبت عقد نكاح صحيح بين رجل وامرأة فنحن نتمسك بهذا العقد الذي يفيد حل الاستمتاع بين الزوجين، ونسب الأولاد للزوج، والواجبات على الزوجين من نفقة وحضانة وغيرها، ولا يجوز لنا أن نحكم بالفرقة بينهما إلا بدليل واضح على الفرقة من طلاق أو خلع أو لعان أو غير ذلك من أنواع فرق النكاح؛ (لأن ما ثبت بيقين لا يزول إلا بيقين مثله).