الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الثانية بعد المئتين [التمسك بالحقيقة]
أولاً: لفظ ورود القاعدة:
التمسك بالحقيقة واجب حتى يقوم دليل المجاز (1). تحت قاعدة إعمال الكلام.
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها:
الحقيقة: أي الكلمة الحقيقة وهي اللفظ المستعمل في المعنى الذي وضع له في أصل اللغة، كلفظ الأسد للحيوان المفترس الزائر.
والمجاز: "هو اللفظ المستعمل في غير المعنى الموضوع له في أصل اللغة لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي". كاستعمال لفظ النور للإسلام أو للعلم.
فالمجاز فرع الحقيقة والحقيقة أصل المجاز، فالواجب على السامع أن يتمسك بالمعنى الأصلي للفظ المستعمل حتى تقوم قرينة ودليل على أن المتكلم إنما أراد بلفظه المجاز لا الحقيقة.
وقد سبقت قاعدة: (الأصل في الكلام الحقيقة) في قواعد حرف الهمزة تحت رقم 361.
ثالثاً: من أمثلة القاعدة ومسائلها:
إذا قال شخص لآخر: وهبتك هذه السيارة، فأخذها الموهوب له، ثم ادعى القائل أنه أراد بلفظ الهبة البيع مجازاً وطلب ثمناً. فلا يقبل قوله؛ (لأن التمسك بالحقيقة واجب حتى يقوم دليل المجاز)، ولا دليل هنا.
بخلاف ما لو قال: وهبتك هذه السيارة بعشرة آلاف، فإن ذكر العشرة
(1) المبسوط جـ 4 ص 84 وجـ 6 ص 174، 180، والقواعد والضوابط ص 484.
الآلاف على سبيل العوضية دليل المجاز وأنه أراد بالهبة البيع فيحمل عليه.
ومنها: الحروف لها معان حقيقية ولا تحمل على المجاز إلا بقرينة، مثل: حرف أو وحرف على، فحرف أو من معانيه الحقيقية الدلالة على التخيير بين المتعاطفين بها، ومن ذلك قوله تعالى في كفارة قتل صيد الحرم {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا} (1). فأو هنا للتخيير بين هذه الأشياء حقيقة. فعلى قاتل الصيد فعل أي ذلك شاء، خلافاً لمن قال: هي على التريتب وهو زفر من الحنفية. والتمسك بالحقيقة واجب حتى يقوم دليل المجاز (2).
وكذلك حرف "على" يفيد الشرطية حقيقة؛ لأنه حرف التزام، فإذا صالح الإِمام أهل حصن على أن يؤمنهم ثلاث سنين على ثلاثة آلاف دينار، ثم بدا له بعد مضي السنة أن ينبذ إليهم يلزمه رد جميع المال.
ولو كان الصلح بحرف الباء يلزمه رد ثلثي المال؛ لأن إعطاء الأمان ليس بعقد معاوضة. وحرف على للشرط وجعله بمنزلة الباء مجاز، ولا يصار للمجاز إذا أمكن العمل بالحقيقة؛ لأنها هي الأصل (3).
(1) الآية 95 من سورة المائدة.
(2)
المبسوط جـ 4 ص 84 بتصرف.
(3)
المبسوط جـ 6 ص 174، وشرح السير جـ 5 ص 1709 بتصرف.