الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الثامنة والعشرون بعد المائتين [التوبة - التعزير]
أولاً: لفظ ورود القاعدة:
التوبة لا تسقط الحد (1)
وللمالكية في التعزير قولان.
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها:
التوبة من الذنوب: هي الندم على فعلها والإقلاع والرجوع عنها. وأصل التوبة الرجوع عن الذنب (2).
فإذا ارتكب المكلف ذنباً يوجب حدًّا وتاب وأعلن توبته فهل وجود هذه التوبة وتحققها يسقط الحد الواجب؟
مفاد هذه القاعدة: أن الحد لا يسقط، وهذا ظاهر فيمن ثبت ارتكابه لما يوجب الحد بالبينة ورفع أمره إلى الحاكم. وأما إذا كان الحد خالصاً لله تعالى وثبت بإقرار المذنب ثم رجع عن إقراره فإن رجوعه عن إقراره يسقط الحد عنه، كالإقرار بالزنا وشرب الخمر والسرقة، ولكن في السرقة عليه أن يرد المسروق على صاحبه أو أن يطلب المسامحة منه. وأما التعزير وهو: كل عقوبة لذنب ليس فيه حد محدود، فاختلفوا في إسقاطه بالتوبة.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
شُهد عليه بالسرقة وسيق إلى الحاكم، وعند الحاكم أظهر توبته وندمه
(1) قواعد المقري ق 322.
(2)
مختار الصحاح مادة (ت. و. ب).
وإقلاعه عن السرقة فلا تسقط هذه التوبة الحد عنه، لكن لو عفا المسروق منه قبل رفعه إلى الحاكم يسقط عنه الحد. وكذلك لو تاب قبل الرفع مع عفو المسروق منه.
ومنها: الزاني المعترف بالزنا عند الحاكم وطلب إقامة الحد عليه يقيم الحاكم عليه الحد، ولكنه إن رجع عن إقراره حتى بعد أن حد بعض الحد ترك، كما في قصة ماعز رضي الله عنه، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"هلا تركتموه" حينما فر أثناء إقامة الحد عليه (1).
ولكن إن كانت العقوبة تعزيراً كمن أفطر في رمضان وجاء مستفتياً عن حكم إفطاره إما للجهل بالحكم وإما لغلبة الشهوة، فالأصح أنه لا يعزر. والشاهد قصة المجامع أهله في رمضان (2).
أما من ظُهر عليه أو جاهر بفطره فهذا يعزر بخلاف المستفتي، إلا إذا اعتذر بالجهل فهذا في تعزيره قولان عند المالكية.
ولكن الجهل في دار الإسلام - في مثل هذه الأحوال - لا يعتبر عذراً؛ لأن كل مسلم يعلم أن صوم رمضان واجب عليه، وأن إفطاره بغير عذر لا يجوز، إلا إذا كان حديث عهد بالإسلام.
(1) تنظر قصة ماعز عند أحمد والترمذي وابن ماجه وأبو داود. وينظر منتقى الأخبار الحديثان 4035، 4036.
(2)
ينظر الحديث رقم 2154 في منتقى الأخبار عن أبي هريرة، رواه الجماعة.