الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
ضرب المقري مثال البدعة التي يجب مخالفتها: بخمس تكبيرات في صلاة الجنازة وصيام يوم الشك وعلل لقوله: إن مستند البدعيين وإن كان صحيحاً في الخبر أو النظر فإن مستند جماعة أهل السنة ودليلهم مثله على الأقل أو أصح منه. ثم قال: ثم فيه مع صيانة العرض القيام مع أهل الحق والردع لأهل الباطل. وبنى المالكية على ذلك قاعدة قالوا فيها: (ينبغي لأهل الفضل اجتناب الصلاة على المجاهرين). قال: وهي قاعدة شرعية معلومة.
وأقول وبالله التوفيق: إنه إذا صح الخبر ولم يعرف هذا الخبر بنسخ أو نهي عن الفعل الذي دل عليه واستند إليه مستند وإن خالف الجماعة، فهل يكون تمسك المتمسك به وعمل عليه بدعة؟ وكذلك إذا اجتهد مجتهد في صيام يوم الشك فهل يعتبر اجتهاده وصومه بدعة؟
فمثلاً التكبير على الجنازة خمس تكبيرات قد ثبت عند مسلم من رواية زيد بن أرقم رضي الله عنه (أنه كبر على جنازة خمساً) وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبرها.
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما نحوه، رواه أحمد، والتكبير على الجنازة خمساً رواية عن أحمد رحمه الله. فهل يكون ذلك بدعة؟ وإن كان عمل الجماعة على التكبير أربعاً. ولِمَ لا يحمل ذلك على جواز الأمرين؟ بل عند أحمد رحمه الله: إن المأموم يتابع الإمام إلى سبع تكبيرات (1).
وأما صيام يوم الشك وهو إذا حال دون منظر القمر غير أو قتر ليلة الثلاثين
(1) المقنع مع الحاشية جـ 1 ص 282.
فقد أوجبه جماعة كبيرة - وإن كان العمل عند الأئمة بخلافه - (1).
فكيف يقال: إن صيامه بدعة. والبدعة كما عرفناها مما لم يكن اقتضاه الدليل الشرعي؟
ومن الأمثلة الصحيحة لهذه القاعدة:
إذا عرف عن جماعة اجتماعهم في وقت مخصوص لذكر مخصوص - لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يفعله أصحابه رضوان الله عليهم - كما يفعل الصوفية. فهذه بدعة محدثة في الدين، فيجب مخالفتهم فيها.
ومنها: من يبيحون للمرأة المسلمة السفور والتكشف وتقصير الثياب والاختلاط مع الرجال ومجالستهم مع التكشف، فهذه بدعة وأولئك مبتدعون لا يصلى عليهم.
ومنها: من يبيحون الربا ويسمونه بغير اسمه. فهؤلاء وأمثالهم هم المبتدعون الذين لا يصلى عليهم، لا من يكبر على الجنازة خمساً أو من يرى صوم يوم الشك بدليل أو اجتهاد صحيح.
(1) نفس المصدر جـ 1 ص 356.