الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الحادية والثمانون [ترك الإحسان]
أولاً: لفظ ورود القاعدة:
ترك الإحسان لا يكون إساءة (1).
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها:
الإحسان: ضد الإساءة، وهو في اللغة: فعل ما ينبغي أن يفعل من الخير.
وفي الشريعة: (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)(2).
والإساءة: فعل ما يسيء أي يضر.
ومفاد القاعدة: أن من ترك ما ينبغي أن يُفعل من الخير والمعروف لغيره هل يعتبر مسيئاً لذلك الغير؟ القاعدة تنفي الإساءة وتقول: إنه لا يكون مسيئاً.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
مَن مرَّ بامرأة أو صبي في مفازة وهو يقدر على نقلهما إلى العمران فلم يفعل لم يكن ضامناً شيئاً من بدله؛ لأنه لا يكون بتركه لهما متلفاً إياهما ولكنه ممتنع من الإحسان، هكذا قال السرخسي: ولكني أقول وبالله التوفيق: إنه وإن قلنا: لا يضمن في حكم الشرع لكنه آثم عند الله سبحانه وتعالى؛ لأنه ترك الإحسان إليهما، والمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه. وترك المرأة المسلمة والصبي المسلم في المفازة إسلام لهما إلى الهلاك.
وقد ذكر السرخسي هذه القاعدة تعليلاً لترك النساء والصبيان المغنومين
(1) شرح السير ص 275، 1046.
(2)
متفق عليه من حديث عمر رضي الله عنه.
في مفازة إذا لم يقدر المسلمون على حملهم معهم.
وأين هذا من وصية الرسول صلى الله عليه وسلم بالإحسان في كل شيء، قال عليه الصلاة والسلام:"إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة وإذا ذكيتم فأحسنوا الذبح، وليحدَّ أحدكم شفرته وليرح ذبيحته"(1). فإذا كان الإحسان مطلوباً في كل شيء فكيف يكون تركه ليس إساءة، وإذا لم يحسن الذابح إلى ذبيحته بأن ذبحها بشفرة كالَّة ألا يكون مسيئاً لها؟
وكذلك ترك النساء والصبيان - وإن كانوا كفاراً - وهم أصبحوا ملكاً للمسلين كيف يكون تركهم في المفازة بدون طعام أو شراب - وفي ذلك هلاكهم - كيف يكون تركهم هذا ليس إساءة، والرسول صلى الله عليه وسلم قال:"عُذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض"(2).
وأيضاً الحديث الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "في كل كبد رطبة أجر"(3).
وهذا ورد في الحيوانات النجسة ورحمتها فكيف بالإنسان الضعيف كالمرأة والصبي يترك في مفازة يغلب على مَن فيها الهلاك؟
(1) الحديث رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه، المنتقى جـ 2 ص 876 حديث 4644.
(2)
الحديث عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم.
(3)
الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، والحديثان متفق عليهما، المنتقى جـ 2 ص 674.