الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الثامنة عشرة بعد المائة [تعارض الأصل والظاهر]
أولاً: لفظ ورود القاعدة:
تعارض الأصل والظاهر (1).
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها:
سبق أن معنى الأصل: القاعدة المستمرة.
والظاهر والغالب: عبارة عما يترجح وقوعه ويغلب على نقيضه.
فإذا تعارض أصل وظاهر أو غالب فما المرجح منهما؟
المسألة فيها تفصيل:
قال الزركشي: فيه قولان.
وقال النووي: وقول الأصحاب - أي الشافعية - مَن قال: إن كل مسألة تعارض فيها أصلان أو أصل وظاهر ففيها قولان، ليس على ظاهره ولم يريدوا حقيقة الإطلاق، فإن لنا مسائل يعمل فيها بالظاهر بالإجماع ولا ينظر فيها إلى أصل براءة الذمة فقط، كمسألة بول الحيوان (2). ومسائل يعمل فيها بالأصل قطعاً كمن ظن أنه أحدث أو طلق أو أعتق أو صلى ثلاثاً
(1) أشباه ابن الوكيل ق 2 ص 271، قواعد ابن رجب ق 159، أشباه ابن السبكي جـ 1 ص 14، المنثور جـ 1 ص 311، أشباه السيوطي ص 64، المجموع المذهب لوحة 31 ب فما بعدها.
(2)
وهي مسألة ذكرها الشافعي رضي الله عنه وهي: إذا رأى ظبية أو حيواناً آخر بال في ماء راكد، ثم بعد مدة جاءه فوجده متغيراً، فهل يحمل التغير على طول المكث فيكون الماء طاهراً لأن الأصل فيه الطهارة، أو يحمل على بول الحيوان المشاهد، وهو الظاهر؟ فالشافعي أعمل الظاهر وهو بول الحيوان لا الأصل وهو طهارة الماء، المجموع المذهب لوحة 32 أ.
أو أربعاً، فإنه يعمل فيها كلها بالأصل وهو البناء على الطهارة وعدم الطلاق والعتق والركعة الرابعة. فالصواب في الضابط - أي القاعدة - ما قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح (1): إنه عند تعارضهما يجب النظر في الترجيح كما في تعارض الدليلين، فإن تردد في الراجح فهي مسائل القولين، وإن ترجح دليل الظاهر عمل به، وإن ترجح دليل الأصل عمل به. وقال ابن الرفعة (2): محل الخلاف في تقابل الأصلين أو الأصل والظاهر ما إذا لم يكن مع أحدهما ما يعتضد به، فإن كان فالعمل بالراجح متعين.
وقال الزركشي: إذا اجتمع في جانب أصلان أو أصل وظاهر وفي جانب آخر أصل أو ظاهر فقط فلا تعارض؛ لأن شرط التعارض التساوي ولا تساوي. ولكن يعمل بالراجح إذ العمل به متيقن شرعاً وعقلاً.
ضابط إزالة التعارض بين الأصل والظاهر: قال الزركشي: إن كان الظاهر حجة يجب قبولها شرعاً كالشهادة والرواية والإخبار فهو مقدم على الأصل قطعاً، وإن لم يكن كذلك بل كان سنده العرف أو القرائن أو غلبة الظن فهذه يتفاوت أمرها فتارة يعمل بالأصل وتارة يعمل بالظاهر وتارة يخرج خلاف.
(1) أبو عمرو بن الصلاح الشيخ تقي الدين عثمان بن عبد الرحمن الكردي الشهرزوري، ولد قرب شهرزور من أعمال إيران وانتقل منها إلى الموصل، ثم إلى خراسان ثم إلى بيت المقدس حيث ولي التدريس في المدرسة الصلاحية، ثم انتقل إلى دمشق وتوفي فيها، كان من فضلاء عصره في التفسير والحديث والفقه وغيرها من العلوم، له تصانيف عدة، توفي سنة 643 هـ. طبقات الشافعية لابن هداية الله ص 220 - 221 مختصراً.
(2)
ابن الرفعة أبو يحيى نجم الدين أحمد بن محمَّد بن علي الأنصاري من كبار فقهاء الشافعية في عصره، ولد بمصر سنة 645 هـ ولي حسبة مصر وناب في الحكم وندب لمناظرة ابن تيمية، له تصانيف، مات سنة 735 هـ. طبقات الشافعية لابن هداية الله ص 229 - 230 مختصراً.