الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة التاسعة عشرة [تبدل الاجتهاد]
أولاً: لفظ ورود القاعدة:
تبدل رأي المجتهد بمنزلة انتساخ النص، يعمل به في المستقبل لا فيما مضى (1).
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها:
هذه القاعدة بمعنى القاعدة القائلة: (لا ينكر تغير الأحكام الاجتهادية بتغير الأزمان).
وتأتي في حرف - لا - إن شاء الله، ولا تعارض هذه القاعدة قاعدة:"لا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد ولكن ينقض بالنص" لاختلاف الموضعين.
ومفاد قاعدتنا: أن تغير رأي المجتهد في حكم مسألة من المسائل الاجتهادية يلغي العمل بالحكم السابق على تغير الرأي ويعتبر مبطلاً له بمنزلة نسخ النصوص الشرعية برفعها وإبطال العمل بها، ولكن الاجتهاد الجديد لا يعود على الحكم السابق تنفيذه بالإبطال والنقض. كما أن النسخ لا يرجع على الأحكام السابق العمل بها بالإبطال، ولكن يعمل بالرأي الجديد في المسائل الحادثة مستقبلاً.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
إذا رأى مجتهد أن الخلع فسخ فأفتى أو حكم في مسألة بهذا الحكم المجتهد فيه وكان المحكوم عليه بهذا قد خالع زوجته ثلاث مرات، أو سبق له تطليقها مرتين وكان الحكم بأن الخلع فسخ بعدهما، فإن المجتهد إذا تغير رأيه بعد ذلك ورأى أن الخلع طلاق، فلا يجوز له أن يأمر من أفتى
(1) القواعد والضوابط ص 208.
له سابقاً أو حكم له - إذا كان حاكماً - أن يفارق زوجته. ولكن إذا وقعت حادثة أخرى فيحكم فيها بأن الخلع طلاق ويبني عليه ما يبنى على الطلاق. ولكن إذا كان المجتهد قد رأى لنفسه أولاً أن الخلع فسخ وراجع زوجته التي خالعها بعد ثلاث ثم تغير رأيه ورأى أن الخلع طلاق فعليه في هذه الحالة أن يفارقها إلا إذا حكم بالحكم السابق حاكم فليس له أن يفارقها؛ لأن القول بأن الخلع فسخ قد تأيد بالحكم.
ومنها: إذا رأى المجتهد أن بيع العينة جائز وأفتى به ثم تغير رأيه ورأى أنه حرام، فليس له أن ينقض فتاواه وأحكامه السابقة؛ لأن الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد ولكنه فيما يستقبل يبني الأحكام على الرأي الجديد. وهكذا في كل مسألة اجتهادية لا تقع تحت نص بعينه.
وأساس هذه القاعدة ودليلها فعل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المسألة المشركة (1) وقوله: "ذلك على ما قضينا وهذا على ما نقضي"(2).
(1) المشترِّكة: هي مسألة فرضية فيها: زوج وأم وإخوة وأخوات لأب وأم وإخوة لأم. وسميت مشركة لأن عمر رضي الله عنه أشرك بين الإخوة لأم والإخوة والأخوات لأب وأم في الثلث، كما شرك بينهم عثمان وزيد وابن مسعود وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم.
(2)
المصنف لابن أبي شيبة جـ 6 ص 247، الأثر رقم 31097.