الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة التاسعة والسبعون [الترجيح بالسبق أو بزيادة القوة]
أولاً: ألفاظ ورود القاعدة:
الترجيح يقع بالسبق (1).
وفي لفظ: الترجيح بالسبق عند المعارضة أو بزيادة القوة (2).
ثانياً: معنى هاتين القاعدتين ومدلولهما:
إذا تعارض أمران وتساويا من كل وجه فإنه يرجح بينهما بأحد أمرين: إما السبق وإما القوة، فما كان أسبق كان أرجح، وما كان أقوى كان أرجح في الاستحقاق. فإذا تعارض دين ووصية يقدم الدين لأنه سابق وأقوى.
ثالثاً: من أمثلة هاتين القاعدتين ومسائلهما:
إذا أقام رجل البينة على نكاح امرأة وقضي له بها، ثم أقام آخر البينة فلا يلتفت للبينة الثانية.
ومثله: لو ادعى نسب مولود وأقام البينة وقضي له بها ثم ادعاه آخر فأقام البينة، لا يلتفت للبينة الثانية؛ لأن الأولى رجحت بالسبق؛ (ولأن الدعوى إذا فصِّلت على الوجه الشرعي وحكم فيها لا تعاد).
ومنها: الخنثى المشكل إن كان يبول من المبالين - مبال النساء ومبال الرجال - فالحكم لأسبقهما خروجاً للبول منه، وأما إذا كان البول يخرج منهما جميعاً فعند أبي يوسف ومحمد يعتبر بأكثرها بولاً؛ لأن الترجيح عند المعارضة بزيادة القوة، وذلك يكون بالكثرة، وخالفهما أبو حنيفة
(1) المبسوط جـ 28 ص 7.
(2)
المبسوط جـ 30 ص 104.
فقال: لا علم لي بذلك، إذ توقف في هذه المسألة (1).
ومنها: إذا قال: عبدي هذا حر بعد موتي، وله وصية أخرى، فعتق العبد يبدأ به قبل الوصية - إذا كانا جميعاً لا يخرجان من الثلث - وذلك لأمرين منقول ومعقول: فالمنقول ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما وإبراهيم النخعي رحمه الله قالا: إذا كان وصية وعتق فإنه يبدأ بالعتق. والمعقول: إن العتق الذي يقع بنفس الموت سببه يلزم في حالة الحياة على وجه لا يحتمل الرجوع عنه بخلاف الوصية بالعتق فإنه يحتمل الرجوع عنه.
والعتق المنفذ بعد الموت مستحق استحقاق الديون، فإن صاحب الحق ينفرد باستيفاء دينه إذا ظفر بجنس حقه وههنا يصير مستوفياً حقه بنفس الموت. والدين مقدم على الوصية، والعتق الذي هو في معنى الدين مقدم أيضاً.
(1) نفس المصدر السابق.