الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتابِهِ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عُفِيَ عَنْهُ)، وقد رواه أبو داود مرفوعاً إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومعلومٌ أنَّه لم يكن السُّؤال عن جُبْن المسلمين وأهل الكتاب، فإنَّ هذا أمرٌ بيِّنٌ، وإنَّما كان السُّؤال عن جُبْن المَجُوس؛ فدلَّ ذلك على أنَّ سَلْمان كان يُفتي بحِلِّها، وإذا كان رُوِيَ ذلك عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم انقطع النِّزاع بقول النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وأيضاً؛ فاللَّبَن والإِنْفَحَة لم يَموتا، وإنَّما نَجَّسَهُما من نَجَّسَهُما لكَوْنهما في وعاءٍ نَجِسٍ، فيكون مائعاً في وعاءٍ نَجِسٍ؛ فالتَّنْجيس مَبنيٌّ على مُقَدِّمَتيْن؛ على أنَّ المائع لاقَى وعاءً نَجِساً، وعلى أنَّه إذا كان كذلك صار نَجِساً. فيُقال أوَّلًا: لا نُسلِّم أنَّ المائع يَنْجُسُ بمُلاقاة النَّجاسَة، وقد تَقَدَّم أنَّ السُّنَّة دلَّت على طهارته لا على نَجاسَته.
ويُقال ثانياً: إنَّ المُلاقاةَ في الباطن لا حُكْمَ لها؛ كما قال تعالى: {نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ لِلشَّارِبِينَ} [النحل: 66]؛ ولهذا يجُوزُ حَمْلُ الصَّبيِّ الصغير في الصلاة مع ما في بطنه. والله أعلم.
[مجموع فتاوى ابن تيمية (21/ 96 - 104)]
* * *
شُرْبُ لَبَنِ الشَّاةِ المَيِّتَةِ
(208) السؤال: هل يُؤكَلُ لَبَنُ الشَّاة الميِّتة
؟
الجواب: نعم؛ كذا في (السراجية).
[فتاوى اللكنوي (ص 379)]
* * *
الانْتفاعُ بالمَيْتَة
(209) السؤال: كيف يُجْمَعُ بين حديث ابن عبَّاسٍ في شَاةِ مَيْمونَة: (إِنَّمَا حَرُمَ مِنَ المَيْتَةِ أَكْلُهَا) المتَّفق عليه
، وإن اختُلِفَ في بعض ألفاظه، فإنَّه يدلُّ أنَّ كلَّ ما عدا الأَكْلِ جاز الانتفاع به، وبين حديث عبدِ الله بن عُكَيْم:(لا تَنْتَفِعُوا مِنَ المَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلا عَصَبٍ)، فكما هو في كُتُبِهِ مِن كُتُبِ الحديث،
فإنَّه يدلُّ أنَّه لا يُنْتَفَعُ منها بشيءٍ. وقد دفع ما قيل فيه من الاضطراب أو الانقطاع؟ وعلى فَرْضٍ فمعناه صحيحٌ نَطَقَ به القرآن الكريم؛ قال الله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا} [الأنعام: 145].
والظاهرُ مِنْ معنَى الرِّجْسِيَّةِ تحريمُ الانتفاعِ، لا الأكلُ فقط؛ لما وقع في البخاريِّ وغيِره من حديث جابرٍ أنَّه لمَّا قال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم:(إِنَّ اللهَ حَرَّمَ بَيْعَ الخَمْرِ والمَيْتَةِ والخِنْزيرِ وَالأَصْنَامِ)، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ الله؛ أَرَأَيْتَ شُحُومَ المَيْتَةِ؛ فَإِنَّهُ يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهَا الجُلُودُ، وَيُسْتَصْبَحُ بِهَا النَّاسُ؟ فَقَالَ:(لَا، هُوَ حَرَامٌ)، ثُمَّ قَالَ:(قَاتَلَ اللهُ اليَهُودَ؛ إِنَّ اللهَ لمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ).
ولحديث أبي هريرة سُئِلَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم عَنْ سَمْنٍ وَقَعَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ؟ فَقَالَ: (أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَها وَكُلُوا سَمْنَكُمْ)، وهو في البخاريِّ وغيرِه.
ولحديث مَيْمُونةَ: (إِذَا وَقَعَتِ الفَأْرَةُ في السَّمْنِ، فَإِنْ كَانَ جَامِداً فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَها، وَإِنْ كَانَ مَائِعاً فَلَا تَقْرَبُوهُ) أخرجه أبو داود والنسائي؛ فإنَّها صريحةٌ في حُرْمَةِ الانتفاع، وعلى ذِكْرِ الآية الكريمة؛ فإنَّه يُشْكِلُ فائدةُ التَّنْصيص عَلَى لحم الخِنْزير؛ فإنَّه لم يظهر له فائدة، ولم أرَ من نَبَّهَ عليه بعد البحث. فالإفادة من حسناتكم مطلوبة. انتهى السؤال.
الجواب: أقول: الكلامُ على حديث عبد الله بن عُكَيْمٍ إِعْلالًا، واضطراباً، وتحسيناً، وتصحيحاً قد اسْتَوْفَيتُه في شَرْحِي على (المنتقى)، وهو من كتب السائل-كثَّر الله فوائده- فلا نُطَوِّلُ البحثَ بالكلام عليه، فإنَّ سؤال السائل إنَّما يتعلَّق بكيفيَّة الجَمْع بين الحديثين، ثمَّ ذِكْرِ ما رَجَّحَ به أحد طرفي البحث في
سؤاله هذا.
واعلمْ أنَّ حديث: (إِنَّمَا حُرِّمَ مِنَ المَيْتَةِ أَكْلُهَا) يدلُّ بمفهوم الحَصْرِ على أنَّ غيرَ الأَكْلِ لا يَحْرُمُ منها، بل هو حلالٌ، ومِنْ ذلك الانتفاعُ بها بوجهٍ من وجوه الانتفاع غير الأكل.
وحديث عبد الله بن عُكَيْمٍ ليس فيه إلَّا مجرَّد النَّهْيِ عن الانتفاع بالإِهابِ والعَصَب، لا بغيره من الأجزاء؛ فكان مخصِّصاً لهذين النوعين من عموم مفهوم حديث:(إِنَّمَا حُرِّمَ مِنَ المَيْتَةِ أَكْلُهَا)، فلو لم يَرِدْ إلَّا هذان الحديثان فقط، لكان المُستفادُ منهما جميعاً تحريمُ أكْلِ الميتةِ، من غير فَرْقٍ بين لحمٍ، وعَظْمٍ، وجِلْدٍ، وعَصَبٍ، وغير ذلك، وجوازُ الانتفاعِ بها في غير الأكْلِ، إلَّا فيما كان منها من العَصَبِ والجِلْدِ؛ فإنَّه لا يجوزُ الانتفاعُ بهما في شيءٍ من وجوه الانتفاع، كائناً ما كان.
وأمَّا قياسُ بقيَّة أجزاء المَيتَة على هذين الجزئين، وجَعْل القياس مخصِّصاً لذلك المفهوم ممَّا لا تطمئنُّ به النَّفْس، ولا يَنْثَلِجُ له الخاطر، وإنْ قال بجواز التَّخصيص بمِثْل هذا القياسِ جماعةٌ مِنْ أئمَّة الأُصول.
فإنْ قُلْتَ: فما وَجْهُ اقتصارِه صلى الله عليه وآله وسلم على هذين الجزئين في النَّهي عن الانتفاع بهما، مع أنَّ للمَيْتَةِ أجزاء غيرهما؟
قلتُ: هكذا وَرَدَ الشَّرعُ؛ فَقِفْ حيثُ وَقَفَ بِكَ، ودَعْ عنكَ لَعَلَّ وَعَسَى ونحوهما.
فإنْ قُلْتَ: لا بُدَّ من ذلك؛ فقد يُقالُ: لَعَلَّ وَجْهَ التَّنصيص عليهما دون غيرهما أنَّ العَرَب كانت تنتفعُ بهذين النوعين من المَيْتَةِ، فيأخذون الإِهابَ للانتفاع به مَدْبوغاً وغيرَ مَدْبوغٍ، ويأخذون العَصَبَ لَيَشُدُّوا به ما يحتاجُ إلى شَدٍّ. وأمَّا غيرُ هذين الجزئين فالمنفعةُ المتعلِّقةُ به هي الأَكْلُ وَحْدَه. هذا غايةُ ما يقولُه من أرادَ إتعابَ نفسِه بالتَّخيُّلات التي لا تنفع، والتَّوهُّماتِ
التي لا يُستفادُ بها.
ويُدْفَعُ بأنَّ أجزاءَ المَيْتَةِ الخارجة عن هذين الجزئين ما ينتفعون به كانتفاعهم بهما أو أكثر؛ فمِنْ ذلك الشَّحْمُ؛ فإنَّهم ينتفعون بهما في منافع عديدة؛ منها: الدَّهْنُ للأشياءِ، والاسْتِصْباحُ، ولهذا قالوا: لمَّا حَرَّمَ عليهم الشحومَ منبِّهينَ على المنافع التي لهم فيها: (أَرَأَيْتَ يَا رَسُولَ الله شُحُومَ المَيْتَةِ، فَإِنَّهُ يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهَا الجُلُودُ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ؟)، وهكذا العَظْمُ، فإنَّهم ينتفعون به في منافع؛ فقد كانوا يذبحون به كما وَرَدَ في الحديث، وهكذا الأصوافُ التي على الجُلُودِ من المَيْتَةِ؛ فإنَّ لهم فيها أعظم المنافع، وقد كان لِباسُهُم وفراشُهم وشِعارُهُم ودِثارُهُم منها، وهكذا اللَّحْم فإنَّه يُمكنُ أنْ ينتفعوا به في طعام دوابِّهم.
فإنْ قُلْتَ: قد ذَكَرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم تحريمَ بيع الشحوم، بل تحريمَ بيع المَيْتَةِ، وذَكَرَ تحريمَ الذَّبحِ بالعَظْمِ.
قلتُ: نعم؛ ذَكَرَ ذلك في أحاديث آخرة، وليس النِّزاعُ في مُطْلَقِ الذِّكْرِ، بل النِّزاعُ في كون ذلك ونحوه لم يُذْكَر في حديث عبد الله بن عُكَيْمٍ، مع كونهم ينتفعون به كما ينتفعون بالإِهابِ والعَصَبِ، وليس المقصود من ذِكْرِنا لذلك إلَّا [النَّقْضَ] على من زعم أنَّ أجزاءَ المَيْتَةِ مُسْتَويةٌ في تحريم الانتفاع، وأنَّ التَّنْصيص على الإِهابِ والعَصَبِ إنَّما وقع لكَثْرة انتفاعهم بهما.
فإنْ قُلْتَ: قد صَرَّحَ النَّبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم بتحريم بيع المَيْتَةِ في حديث، وبتحريم شُحومِها في حديث آخر، وكلاهما في الصحيح.
قلتُ: نعم؛ لا يَحِلُّ بَيْعُ شيءٍ من أجزاء المَيْتَةِ كما في الحديثين المشار إليهما، وقد عَلَّل النَّبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم ذلك بقولِه:(إِنَّ اللهَ إِذَا حَرَّمَ شَيْئاً حَرَّمَ ثَمَنَهُ) كما ثبت في الصحيح، فصرَّح صلى الله عليه وآله وسلم في
هذا الحديث بأنَّ تحريمَ البيع لازمٌ من لوازمِ تحريم الأَكْلِ ومُتفرِّعٌ عليه؛ فيَحْرُمُ البيعُ لأجزاء المَيْتَةِ جميعاً، ومن ذلك العَصَبُ والإِهابُ قَبْلَ دَبْغِه لا بَعْدَه، فهو مخصوصٌ بأحاديثَ صحيحةٍ، ويختصُّ العَصَبُ والإِهابُ بتحريم الانتفاع بهما، ويَبْقَى ما عدا ذلك على أصل الجواز.
واعْلَمْ أنَّ النَّهْيَ عن الانتفاع بالعَصَبِ والإِهابِ، والنَّهْيَ عن بيع المَيْتَةِ لا يَستَلْزِمان أنْ تكون المَيْتَةُ نَجِسَةً على وجهٍ يَمْنَعُ وجودَ شيءٍ منها صحَّة صلاة المُصَلِّي؛ فإنَّ تحريمَ البيع لا يستلزمُ أنْ يكونَ الشيءُ نَجِساً، لا شَرْعاً ولا عقلًا، وإلَّا لَزِم نجاسَةُ الأصنامِ والأَزْلامِ، وسِهامِ المَيْسِرِ، ونحوها ممَّا وَرَد الدَّليلُ الصحيحُ بتحريم بَيْعِها، وقد قَرَنَ النَّبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم في حديث جابرٍ الثابت في الصحيح بين المَيْتَةِ والأصنام، فاللَّازمُ باطِلٌ، فالمَلْزُومُ مِثْلُه. أمَّا المُلازَمَةُ فظاهِرةٌ، وأمَّا بُطلانُ اللَّازِم فبالإجماع.
وهكذا لا يستلزم نهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن الانتفاع بالإِهابِ والعَصَبِ أنْ يكونا نَجِسَيْنِ لا شَرْعاً ولا عَقْلًا؛ فإنَّ كَونَ الشيءِ نَجِساً يمنع وجود صحَّة صلاة المصلِّي، إنَّما يثبتُ بدليلٍ يدلُّ على ذلك دلالةً مقبولةً، والنَّهيُ عن الانتفاع هو بابٌ آخرُ غيرُ باب كَوْنِ الشيءِ نَجِساً أو طاهراً، وهكذا لا يُستفادُ من حديث إلْقاءِ الفَأْرَةِ وما حولَها إذا وَقَعَتْ في السَّمْنِ الجامِدِ، وإراقَةِ السَّمْنِ الذي وقعت فيه الفَأْرَةُ إذا كان مائعاً نَجاسَةَ هذه المَيْتَةِ، فإنَّ تحريمَ ما وقعت فيه من الجامد وما حولَه، وتحريم جميع [المائع] الذي وقعت فيه؛ لكونه قد خالطه في الطرفين شيءٌ من المَيْتَةِ التي يَحرُمُ أَكْلُها، فكان أَكْلُه حَراماً مثلها، وليس ذلك لكونه نَجِساً، ولا مُلازمَةَ بين الإلقاء وبين تَرْكِ الانتفاع من كلِّ وجهٍ؛ فقد يكون الإلقاء إلى شيءٍ له بذلك نوع انتفاع.
وهكذا لا يُستفَادُ من قوله تعالى: {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145] أنْ تكونَ المَيْتَةُ مِنْ غير الخِنزيرِ نَجِسَةً، فإنَّ الضمير في قوله:{فَإِنَّهُ} راجعٌ إلى المُضَافِ وهو (لحم)، أو إلى المضاف إليه وهو (الخنزير) على خلاف في ذلك.
وعلى كلِّ تقديرٍ؛ فذلك لا يَستلزِمُ نجاسَةَ الميتةِ لا بمطابَقَةٍ، ولا تَضَمُّنٍ، ولا الْتِزامٍ، بل لو كان ما ذَكَرَهُ الله سبحانه في هذه الآية -أعني قوله:{قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} [الأنعام: 145]- نَجِساً؛ لقالَ سبحانه في هذه: (فإنَّها رِجْسٌ)، فَلمَّا جَعَلَ الحُكْمَ بالرِّجْسِيَّةِ خاصًّا بالخِنزيرِ مع ذِكْرِ المَيْتَةِ والدَّمِ المَسْفوح معه، أفادَ ذلك أنَّهما مُغايران له في هذه الصفة؛ أعني: الرِّجْسِيَّةَ.
إذا تقرَّر لك هذا؛ عَرَفْتَ أنَّه لم يَدُلَّ دليلٌ على نَجاسَةِ المَيْتَةِ من غير الخِنزيرِ كائنةً ما كانت. هذه الكُلِّيَّةُ الأُولَى.
الكُلِّيَّةُ الثَّانية: أنَّ أَكْلَ المَيْتَةِ حرامٌ من غير فَرْقٍ بين جميع أجزائها.
الكُلِّيَّة الثَّالثة: أنَّ بَيْعَها حرامٌ من غير فَرْقٍ.
فهذه الثَّلاث الكُلِّيَّات قد اتَّفقت عليها الأدلَّة، ولم يختلف أصلًا. وإنَّما الخِلافُ في مجرَّد الانتفاع بالمَيْتَةِ في غير الأَكْلِ والبَيْع؛ فحديث:(إِنَّمَا حُرِّمَ مِنَ المَيْتَةِ أَكْلُهَا) دلَّ على جواز الانتفاع بها في غير الأَكْلِ والبَيْعِ، وحديث عبد الله بن عُكَيْمٍ فيه النَّهْيُ عن الانتفاع بالإِهابِ والعَصَبِ، فكان هذا الحديثُ مُخَصِّصاً لما يُقَيِّدُه مفهوم حديث:(إِنَّمَا حُرِّمَ مِنَ المَيْتَةِ أَكْلُهَا) من العموم -كما قدمنا-، ولا يجوز إلحاقُ غيرهما بهما؛ لما عرَّفناك سابقاً.
وإيَّاكَ أن تغترَّ بما وَقَعَ في بعض كتب الفروع مِنْ أنَّ نجاسَةَ الشيءِ فَرْعُ تحريمِهِ؛ فإنَّ ذلك كلامٌ باطلٌ، ودَعْوَى مَحْضَةٌ. وفي هذا كفايةٌ إن شاء الله.