الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لما احتفَّ له من الملابسات والقرائن؛ فالاحتياط تركه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ) رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه». اهـ.
وأمَّا إنْ تبيَّن وجود شيء من الخنزير من الطعام، فلا ريب في وجوب اجتنابه، وإذا أكَلَ المسلمُ طعاماً -حيث يجوز البناءُ على أصل الحِلِّ- وكان في حقيقة الأمر يشتمل على مُحرَّمٍ من خنزير أو غيره، ولم يتبيَّن له ذلك؛ فإنَّه غير مؤاخذٍ، ولا إثم عليه؛ فإنَّ الخطأ مرفوع عن هذ الأُمَّة، قال تعالى:{وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 5]، قال ابن كثير: فإنَّ الله قد وضع الحرج في الخطأ ورفع إثمه، كما أرشد إليه في قوله آمراً عباده أنْ يقولوا:{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286]، وثبت في (صحيح مسلم) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(قَالَ اللهُ: قَدْ فَعَلْتُ).
وفي صحيح البُخاريِّ: عن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا اجْتَهَدَ الحَاكِمُ فَأَصَابَ، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِنِ اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ، فَلَهُ أَجْرٌ). وفي الحديث الآخر: (إِنَّ اللهَ رَفَعَ عَنْ أُمَّتِي الخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ، وَمَا يُكْرَهُونَ عَلَيْهِ). وقال هاهنا: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب:5] أي: وإنَّما الإثم على من تعمَّد الباطل؛ كما قال تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: 225]. اهـ.
[فتاوى الشبكة الإسلاميَّة (رقم
279895)]
* * *
(244)
السؤال: هل عليَّ التدقيق في حِلِّيَّة الطعام بأن أبحث عن نوع الزيت المستخدم، أو إذا كانت هناك مادَّة؛ فهل مصدرها نباتيٌّ أو حيوانيٌّ؟ وإذا تنجَّس الفم بطعام حرام أو بالدم
،
فهل يجب تنظيفه من بقايا الطعام أو ترسبات الجير؟
الجواب: الحمد لله والصَّلاة والسَّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أمَّا بعد:
فلا شكَّ أنَّ الورع وتحرِّي الحلال أمرٌ حسنٌ محمودٌ، ولكن لا ينبغي أن يصل بصاحبه إلى حدِّ الغلوِّ والتنطُّع والوسواس
…
ولتعلمي أنَّه ليس عليك التدقيق والبحث في حِلِّيَّة الطعام أو طهارته ما لم يكن ثَمَّة موجب للارتياب فيه، لأنَّ (الأصل في الأشياء الحِلُّ والطهارة)؛ فقد (أَهْدَتْ يَهُودِيَّةٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَاةً مَصْلِيَّةً)، كما روى أبو داود وغيره، ولم يستفسر عنها هل هي من الحلال أو الطاهر؟
…
وفي الموطَّأ: (أنَّ عُمَرَ رضي الله عنه خَرَجَ فِي رَكْبٍ فِيهِ عَمْرُو بْنُ العَاصِ، حَتَّى وَرَدُوا حَوْضاً، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ العَاصِ لِصَاحِبِ الحَوْضِ: يَا صَاحِبَ الحَوْضِ؛ هَلْ تَرِدُ حَوْضَكَ السِّبَاعُ؟ فَقَالَ عُمَرُ: يَا صَاحِبَ الحَوْضِ لَا تُخْبِرْنَا عَنْ حَوْضِكَ
…
) الحديث.
وفي (مقدِّمات) ابن رُشْدٍ المالكي: «قال ابنُ القاسِم في الطعام: إنَّه لا يُطْرَحُ إلَّا بيقين، وكانوا يقولون: الْحَلَالُ مَا جُهِلَ أَصْلُهُ، لَا مَا عُلِمَ أَصْلُهُ» .
فما دُمْتِ لا تعلمين أصل الزيت هل هو نباتيٌّ أو حيوانيٌّ، أو أنَّه من حَلالٍ أو من حَرامٍ أو طاهرٍ أو نَجِسٍ، فلَكِ أن تستعمليه دون حرج، إلَّا إذا غلب على ظنِّك أنَّه نجس .. فعليك أن تبحثي حينئذ عن حقيقته، لأنَّ (غلبة الظنِّ تُنزَّل منزلة اليقين إذا تعذَّر الوصول إلى اليقين).
وإذا تنجَّس الفم بالدَّم أو الطعام النَّجِس أو غيرهما من النجاسات فيجب تطهيره، ولا بدَّ من إزالة بقايا الطعام النَّجِس وتطهير الفم بعدها، ولا يلزم من ذلك إزالة ترسُّبات الجير. والله أعلم.
[فتاوى الشبكة الإسلاميَّة (رقم 250555)]