الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}؟
…
وهنا قال عمر رضي الله عنه: (انْتَهَيْنَا يَا رَبَّنَا انْتَهَيْنَا).
وقوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} جاء استفهاماً على سبيل التهديد والوعيد، بدليل أنَّ الآيتين السابقتين وهما رقم 90 و 91 من سورة المائدة، والآية التالية لها وهي رقم 92 تقول:{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا} .
وكذلك حَرَّم الرسول صلى الله عليه وسلم الخَمْر، ووَصَفَها بأنَّها أمُّ الخبائث، وبأنَّها داءٌ وليست بدواءٍ، وجاء الحديث المشهور:(كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ). وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ)، وقال:(مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ). وقال: (لَعَنَ اللهُ الخَمْر؛ شَارِبَهَا، وَسَاقِيهَا، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ) ....
[يسألونك في الدين والحياة (1/ 458 - 461)]
* * *
حُكمُ الخَمْر والمُخَدِّرات
(274) السؤال: ما هو حكم تحريم الخَمْر؟ وما حكم تحريم المُخَدِّرات الموجودة حالياً
؟ والتي لم تكن موجودة في أيَّام الرسول صلى الله عليه وسلم، أمثال الحبوب وغيرها؛ لأنَّ بعض أصحاب المُخَدِّرات هؤلاء لا يُقِرُّون بذنبٍ، ولا يعترفون بأنَّ المُخَدِّرات هذه أفسدت كلَّ شيءٍ من الزَّرْع والنَّسْل، وأفسدت معظم العائلات، وجرَّت الوَيْل والدَّمار على أصحاب العائلات والمسلمين جميعاً.
الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم بيَّن حكم الخَمْر، من أيِّ شيءٍ كانت؛ يقول عليه الصلاة والسلام:(كُلُّ مُسْكِرٍ خَمرٌ، وكُلُّ مُسكِرِ حَرامٌ)، ويقول: (مَا أَسْكَرَ
كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ)، فكلُّ شيءٍ يُسْكِرُ مأكولاً أو مشروباً أو من طريق الحبوب أو من طريق التدخين كلُّه مُحرَّم، كلُّ ما أسْكَرَ أو أضَرَّ بالعباد فإنَّه مُحرَّم بنصِّ الرسول صلى الله عليه وسلم، فجميع أنواع المُسْكِرات المأكولة والمشروبة كلُّها مُحرَّمة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(كُلُّ مُسْكِرِ حَرَامٌ)، وقال:(كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ)، وقال:(كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ)، (مَا أَسْكَرَكَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ)، هذا يعمُّ كلَّ شيءٍ؛ فالحبوب الضارَّة أو المُخَدِّرة أو الشراب أو المأكول؛ كالحشيشة، كلُّ شيءٍ يحصل به هذا المعنى من الإسْكَار ومَضَرَّة على مُتعاطِيه فإنَّه مُحرَّم، حتَّى ولو لم يُسْكِر إذا كان يضرُّ صاحبه ويُسبِّب [له] أضراراً بيِّنةً، فإنَّه محرَّم؛ كالتدخين وغيره ممَّا يتعاطاه الناس ممَّا يَضرُّ ولكنَّه لا يُسْكِرُ، فإنْ أسْكَرَ فهو مُحرَّم لإسْكَارِه، وإنْ أضَرَّ فهو مُحرَّم؛ لإضراره وإفساده الأبدان وإذهابه للعقول، فما أسْكَرَ وأضَرَّ بالعقول فهو مُحرَّم منكر؛ من حُبوبٍ أو شراب أو مأكول أو غير ذلك، وهكذا ما عُرِفَ أنَّه مُضِرٌّ بشهادة الأطبَّاء العارفين به، أو بالتجارب معروفٌ أنَّه يَضُرُّ فهو مُحرَّم ومُنكرٌ لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم:(لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ)، ولقوله سبحانه:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]، فالله حَرَّم علينا ما يَضُرُّنا ويَضُرُّ عقولنا وأبداننا، وحَرَّم علينا كُلَّ شيءٍ مُسْكِرٍ؛ لأنَّه يُغَطِّي العقول ويَضُرُّها ويُفْضِي بها إلى أنواع الفساد، فقد يقتل المَخْمورُ، وقد يَزْني، وقد يَسْرِق؛ إلى غير هذا من الفساد العظيم المترتب على الخَمْر، وقد قال الله سبحانه:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90]، هذه الكلمة {فَاجْتَنِبُوهُ} تدلُّ على شدة التحريم، أي: ابتعدوا عنه غاية الابتعاد، مثلما قال الله سبحانه:{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: