الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، إِنَّ عَلَى اللهِ عَهْداً لِمَنْ يَشْرَبُ المُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الخَبَالِ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا طِينَةُ الخَبَالِ؟ قَالَ: عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ، أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ) رواه مسلم وأحمد والنَّسائي.
وعن ابن عبَّاس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كُلُّ مُخَمِّرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَنْ شَرِبَ مُسْكِراً بُخِسَتْ صَلَاتُهُ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً -أي: رُدَّت عليه ولم يَقْبَلْها اللهُ أَرْبَعِينَ يَوْماً-، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ كَانَ حَقًّا عَلَى الله أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الخَبَالِ. قِيلَ: وَمَا طِينَةُ الخَبَالِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: صَدِيدُ أَهْلِ النَّارِ، وَمَنْ سَقَاهُ صَغِيراً لَا يَعْرِفُ حَلَالَهُ مِنْ حَرَامِهِ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الخَبَالِ) رواه أبو داود.
[فتاوى عبد الحليم محمود (2/ 221 - 222)]
* * *
تَحريمُ الخَمْر
(273) السؤال: هل حَرَّم الإسلامُ الخَمْر والمَيْسِر، أو أنَّه نهى عنهما فقط
؟
الجواب: لقد حَرَّم الإسلامُ الخَمْر والمَيْسِر على المسلمين تحريماً قاطعاً واضحاً صريحاً بنصِّ القرآن الكريم والسُّنَّة النَّبويَّة المطهَّرة.
والخَمْر: كُلُّ مُسكِرٍ يَستُر العَقْل ويغطِّيه، ويُخرِج الإنسانَ عن رَشاده ووَعْيِهِ المستقيم.
والمَيْسِر: هو القِمار بأنواعه المختلفة.
وتحريم الخَمْر والمَيْسِر جاء قاطعاً في سورة المائدة؛ وذلك في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} الآية 90. والرِّجْس: هو الحرام، والفِعْلُ القَبيح والقَذِر، والكُفْر واللَّعنة.
والقرآن قد وصف الأوثان بأنَّها رِجْس في قوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} سورة الحج، الآية 30. ووصف المنافقين بأنَّهم أصحاب الرِّجْس، فقال: {وَأَمَّا
الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ} التوبة 125.
وكلمة: (فاجتنبوه) طلبٌ وأمرٌ بالابتعاد عنه، والابتعادُ عن الشيء يتضمَّن عدم ملامسته أو استعماله، فهذه الكلمة تدلُّ على التَّشديد في تحريم الخَمْر والمَيْسِر.
ولقد مهَّد القرآن الكريم لتحريم الخَمْر تحريماً قاطعاً بالإشارة إلى ما فيها من شرورٍ كثيرة بجانب قليلٍ من النفع المادِّيِّ الذي لا قيمه له، ومن هذا التمهيد: أنَّ القرآن نَهَى في أوَّل الأمر عن السُّكْر في حالة الصَّلاة، أو عن الدخول فيها وهناك أثرٌ للسُّكْر في الإنسان، وأوقات الصَّلاة متقاربة، فلا يسهل على الإنسان أنْ يشرب الخَمْر ويتخلَّص مِنْ سُكْرها قبل دخول وقتٍ جديدٍ للصلاة في أغلب الأحيان.
ويُرْوَى في السُّنَّة النَّبويَّة المطهَّرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَدِمَ المدينة مهاجراً وهم يشربون الخَمْر ويأكلون مال المَيْسِر، فسألوا الرسول صلى الله عليه وسلم عنهما، فأنزل الله تعالى قوله:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} البقرة: 219.
فقال بعض الناس: ما حُرَّم علينا، وإنَّما قال:(إثمٌ كبيرٌ). وكانوا يشربون الخَمْر حتَّى كان يوم من الأيَّام صلَّى فيه رجلٌ من المهاجرين إماماً لأصحابه في صلاة المغرب، فخَلَط في قراءة القرآن، فأنزل الله تعالى قوله:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} سورة النساء، الآية 43.
وقال عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه: (اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الخَمْرِ بَيَاناً شَافِياً؛ فَإِنَّها تُذْهِبُ بِالمَالِ وَالعَقْلِ).
ثمَّ نزلت آية التحريم القاطع للخَمْر والمَيْسِر، وذلك في قوله تعالى في سورة المائدة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ