الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم رخَّص في النَّبيذ، وأنَّ الصَّحابة كانوا يَشربون النَّبيذَ؛ فظَنُّوا أنَّهُ المُسْكِرُ. وليس كذلك؛ بل النَّبيذُ الذي شَرِبَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم والصَّحابة هو أنَّهم كانوا يَنبذُون التَّمْر أو الزَّبيب أو نحو ذلك في الماء حتَّى يَحْلُو، فَيَشْرَبُهُ أوَّل يومٍ، وثاني يومٍ، وثالث يومٍ، ولا يَشْرَبُهُ بعد ثلاثٍ؛ لئلَّا تَكون الشِّدَّةُ قد بَدَتْ فيه، وإذا اشتدَّ قبل ذلك لم يُشْرَب. وقد روى أهلُ السُّنن عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:(لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا)، ورُوِيَ هذا عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم من أربعة أوجُهٍ، وهذا يتناولُ مَنْ شَرِبَ هذه الأشربَةَ التي يُسمُّونها الصَّرْماء وغير ذلك، والأمرُ في ذلك واضحٌ؛ فإنَّ خَمْرَ العِنَبِ قد أجمع المسلمون على تحريم قليلها وكثيرها، ولا فرق في الحِسِّ ولا العَقْل بين خَمْر العِنَب والتَّمْر والزَّبيب والعَسَل؛ فإنَّ هذا يَصُدُّ عن ذِكْرِ الله وعن الصَّلاة، وهذا يَصُدُّ عن ذِكْرِ الله وعن الصَّلاة، وهذا يُوقِعُ العداوةَ والبغضاءَ، وهذا يُوقِعُ العداوةَ والبغضاءَ، والله سبحانه قد أمر بالعدل والاعتبار، وهذا هو القياس الشَّرعيُّ، وهو التَّسويةُ بين المُتماثِلَيْن؛ فلا يُفرِّقُ اللهُ ورسولهُ بين شَرابٍ مُسْكِرٍ وشَرابٍ مُسْكِرٍ؛ فيُبِيحُ قليلَ هذا، ولا يُبِيحُ قليلَ هذا، بل يُسَوِّي بينهُما، وإذا كان قد حَرَّم القليل من أحدهما، حَرَّم القليل منهما؛ فإنَّ القليل يَدْعُو إلى الكثير، وأنَّه سبحانه أمرَ باجتناب الخَمْرِ؛ ولهذا يُؤمَرُ بإراقتها، ويَحرُمُ اقتناؤُها، وحُكِمَ بنجاستها، وأمَرَ بجَلْدِ شارِبِها؛ كُلُّ ذلك حَسْماً لمادَّة الفساد، فكيف يُبِيحُ القليلَ من الأشربة المُسْكِرَة. والله أعلم.
[مجموع فتاوى ابن تيمية (34/ 193 - 196)]
* * *
تَصْنيعُ النَّبيذِ الخالِي مِنَ الكُحُول
(280)
السؤال: الرجاء التكرُّم
بإفادتي بالحُكْم الشرعيِّ؛ حيث إنَّني أقوم بعملٍ بشركةٍ لتصنيع النَّبيذ الخالي من الكُحُول، ويتمُّ تصنيعه بطريقتين وهما: تصنيعٌ مبنيٌّ على التخمير، ولكن عندما يتخَمَّر يتمُّ سحب أو شفط الكُحُول من النَّبيذ.
والسؤال هو:
1 -
ما حُكمُ هذا المنتج إذا كانت صناعته مبنيَّة على التَّخمير؟
2 -
ما حُكمُ المنتج عند ثبوته بالبحوث العلميَّة أنَّه إذا حُفِظَ بطريقة خاطئة أو انتهت صلاحيَّته يزيد من نسبة الكُحُول فيه ليصل لدرجة إذهاب العَقْل؟ أفتونا مأجورين.
الجواب: شرابُ الشعير وغيره من المشروبات الأخرى الخالية من أيٍّ من المواد المُسْكِرَة -أصلاً أو بعد انتزاع المُسْكِر منها- يجوز شُرْبُها والانتفاعُ بها مُطْلقاً، فإذا أُضيفت إليها أيَّة مادَّة مُسْكِرَة -مهما قَلَّتْ- حَرُمَتْ، أمَّا إذا لم يُضَفْ إليها شيء من المُسْكِرات ولكنَّها بدأت بالتخمُّر بسبب التخزين أو التعقيم أو النقل أو غير ذلك من الأسباب، فإنَّه بناءً على ما أفادت به الجهات المختصَّة من أنَّ الشراب المحتوي على ما نسبته (0. 05%) خمسة بالألف من المادة المُسْكِرَة لا يُسْكِر ولو شُرِبَ بكمِّيَّاتٍ كبيرةٍ؛ فإنَّ هيئة الفتوى لا ترى مانعاً من السَّماح بالشراب المحتوي على هذه النسبة من المُسْكِر فقط.
وترى الهيئة كراهة عَرْضِ شراب الشعير المباح بعبوات الأشربة المُحرَّمة، وكراهة تسميته بأسماء الأشربة المُحرَّمة.
وتوصي الهيئة بعدم شراء شراب الشعير المباح واستيراده من شركات ومصانع الخمور؛ لما في ذلك من دعم ومساعدة لها على الاستمرار في أعمالها المُحرَّمة، إلى جانب ما فيه من مظنَّة التلوُّث بالأشربة المُحرَّمة، وهو ممنوعٌ شرعاً. والله أعلم.
[الدرر البهية من الفتاوى الكويتية (10/ 61)]